اجمل انسانه
12-21-2010, 11:54 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا: ما هي البرمجة اللغوية العصبية ؟
البرمجة في الأساس هي كيف نستخدم لغة العقل من أجل الوصول دائماً إلى نتائج محددة ومطلوبة.
إن البرمجة تتضمن مجموعة من المبادئ الإرشادية والتوجهات والتقنيات التي تعبر عن السلوك الواقعي في الحياة ، وما هي بنظرية علمية ، لكنها تمنح الأفراد حرية اختيار سلوكهم وانفعالاتهم وحالاتهم البدنية الإيجابية وذلك عندما يستطيعوا فهم كيف يعمل العقل ، وهى تساعد أيضاً على إزالة القيود التي يفرضها المرء على نفسه.
كما تكشف البرمجة كذلك العلاقة بين طريقة تفكيرنا ( العصبية ) وطريقة تواصلنا سواء على المستوى اللفظي أو غير اللفظي ( اللغوية ) ثم أنماط سلوكنا وانفعالاتنا ( البرمجة ).
وقد كانت البداية فى عام 1975 على يد العالمين ريتشارد باندلر وجون جرايندر ، اللذان بدءا تطوير نماذج اعتمدت على كبار رواد فن الاتصال فى ذلك الحين ، وكان الهدف الذي جمعهما على ذلك محاولة اكتشاف السبب وراء تحقيق بعض الناس التميز دون غيرهم ثم الوصول بعد ذلك إلى نماذج إقتداء تسمح لأشخاص آخرين أن يحذو حذوهم.
ومن هذا المنطلق بدء باندلر وجرايندر فى دراسة نماذج بعض العلماء من أمثال ملتون اريكسون وفريتز برلز وفرجينيا ساتير ، ومع مرور السنين برزت أسماء أخرى ممن أسهموا في تطوير مجال البرمجة.
ولكن الأمر المحتوم هنا هو أن هذه النماذج قد شكلت بالفعل مجموعة من الأساليب الفعالة والسريعة التي تعمل على تغيير الأفكار والسلوك والاعتقادات التي كانت في السابق تحد من تطورها ، وهى التي تعرف اليوم باسم البرمجة اللغوية العصبية.
ولدى ممارسي علم البرمجة اعتقادات أو افتراضات مسبقة معينة تفيدهم في إحداث التغييرات المطلوبة في أنفسهم وفى الآخرين.
والآن إليكم بعض من هذه الافتراضات:
1- وجود المقاومة لدى المستفيد دلالة على غياب الألفة.
ونقول:
أنه لا وجود لأشخاص مقاومين ولكن فقط رجال اتصال لا يتمتعوا بالمرونة المطلوبة.
2- الشخص ليس هو السلوك.
ونقول:
علينا أن نتقبل الشخص الآخر ونحدث التغيير المناسب به.
3- الخارطة ليست هي المنطقة.
ونقول:
إن الكلمات التي نستخدمها لا تعبر عن الحدث أو الحقيقة.
4- الأكثر مرونة هو الأكثر تحكماً.
ونقول:
الشخص الأكثر مرونة في سلوكه هو الشخص الذي يسيطر على الموقف.
5- لا يوجد هناك فشل إنما تجارب و خبرات.
ونقول:
أنت مسئول عن عقلك ومن ثم فأنت مسئول عن النتائج التي تتوصل إليها.
6- يكمن معنى الاتصال في الاستجابة التي تحصل عليها.
ونقول:
إذا استطاع شخص القيام بعملٍ ما فمن الممكن لأي إنسان آخر الإقتداء به عن طريق النمذجة.
7- الناس بداخلها لديها كافة الموارد التي تحتاجها لبلوغ النجاح والوصول إلى النتائج.
ونقول:
ولا يبقى أمامهم سوى معرفة كيفية الوصول إلى تلك الموارد.
8- كل إنسان يبذل كل ما لديه من جهد في حدود موارده المتاحة.
ونقول:
وإنها لطبيعة السلوك أن يتكيف مع الظروف والسلوك الحاضر هو أفضل الخيارات المتاحة للفرد.
ونقول:
وراء كل تصرف نية إيجابية.
والآن سنحاول أن نعرض لهذه الأفكار بلغة مفهومة لنا جميعاً:
تخيل أنك اشتريت تليفون محمول ولكن لم تحصل معه على أي تعليمات للتشغيل ، في الواقع الهواتف المحمولة مثال رائع للدلاله على ما نقول.
فأجهزة الهواتف المحمولة المطروحة في الأسواق هذه الأيام بها مزايا عديدة لا نستخدمها البتة وذلك بسبب:
1- لأننا لم نفهم تعليمات التشغيل الخاصة به.
2- لأننا لم نقرأ تلك التعليمات.
3- لأننا لم نحصل على أي تعليمات لتشغيل الجهاز من الأصل.
حسناً دعنا نفترض أننا لم نحصل على تعليمات التشغيل ، فكان علينا أن نتحسس طريقنا وحدنا ونستكشف كيف نجرى مكالمة من هذا الجهاز ثم نستقبل المكالمات ، وببعض الحيرة دربنا أنفسنا على طريقة تخزين الأرقام عليه معتمدين في ذلك على شيء من التخمين ، لكن ستبقى بقية مزايا الجهاز وخصائصه غير مستغلة نهائياً لأننا لم نكن نعلم بوجودها أصلاً !!
والآن فكر في "عقلك" الذي هو أعقد قليلاً من هذا المثال الذي ضربناه ، فإننا عند ميلادنا لم يكن معنا دليل استخدام أو تعليمات تشغيل وكانت التعليمات الوحيدة التي تلقيناها مجرد هرطقة.
أي بعبارة أخرى:
خضعنا للأهل والمدرسين والأصحاب الذين قاموا ببرمجتنا ، لذا لم يكن هناك أي تعليمات تشغيل حقيقية نزلت معنا وبالتأكيد لم يكن هناك دليل شامل . لكن كان الأمر أشبه بجهاز المحمول الذي لم نعرف فيه شيء سوى إجراء مكالمة عليه،
تخيل أنك تقود سيارة للمرة الأولى في حياتك بدون معرفة أي تعليمات للقيادة ، هل تظن أنك ستسير بها لمسافة بعيدة ؟
استحالة ! بل ربما ستصطدم او تشتعل بمجرد أن تدير محركها ، لذلك من غير دليل التشغيل سنكون معرضين للفشل.
انتظرني ....
أسمعك الآن تردد:
" نحن لم نحصل على دليل تشغيل عقلنا فهل معنى ذلك أننا سنفشل ؟ "
نعم ، تلك هي الفكرة !
فبدون وجود الدليل سنفشل في المرة الأولى حتى نتعلم بعد ذلك من خلال تجاربنا ! ولهذا عندما نقدم حتى على أبسط الأعمال للمرة الأولى كثيراً ما يواجهنا الفشل في البداية.
والسؤال الآن:
ما علاقة كل هذا الكلام بالبرمجة اللغوية العصبية ؟
الإجابة بمنتهى البساطة هي:
أن البرمجة تُخضع منهج تفكير الإنسان وخبرته تجاه العالم الخارجي للدراسة.
ولكن علينا أن ندرك أن هذا المنهج معقد للغاية وغير موضوعي ، فهو لا يستند دائماً إلى تركيبة أو صيغة دقيقة ، لكنه يعتمد على نماذج عن الطريقة التي يعمل بها العقل استخلص علم البرمجة من خلالها أساليب وتقنيات لتسهيل عملية تغيير الأفكار والاعتقادات والسلوكيات تغييراً سلساً وسريعاً.
وقد تشكلت تلك " النماذج " بعد دراسة بعض من استطاعوا بلوغ التفوق البشرى.
فمثلاً:
وضع " نموذج ميتا " استناداً إلى دراسة المعالجة والخبيرة الشهيرة في مجال الاتصال فرجينيا ساتير.
أما " نموذج ملتون " فقام على دراسة خبير التنويم الكبير الدكتور ملتون اريكسون.
ولم يسأل هؤلاء الموهوبين عما قاموا به من أعمال لوضع نماذج للإقتداء بهم ، ولكن تشكلت تلك النماذج بعد فهم الإطار العام الذي اتبعوه للتعبير عن الاعتقادات والسلوكيات والاستراتيجيات التي كانت تدور بأذهانهم وقتما كانوا يقومون بإنجاز عمل معين.
ولهذا السبب نجد أن تقنيات البرمجة المطبقة في مجال العلاج خالية من المحتوى.
ومثال آخر على ذلك:
أن نفهم كيف يتسنى لشخص واسع الحيلة أن يتصرف في موقفٍ ما ويدرك العالم المحيط به عن طريق حواسه الخمس ، وبمجرد معرفة ذلك يسهل نقل هذا لغيره من الناس حتى يقتدوا به.
فعلى سبيل المثال:
الخوف المرضى هو عبارة عن خوف غير عقلاني ، فالشخص الذي يعانى من الفوبيا أو الخوف المرضى تجاه العناكب مثلاً ستجده يرسم صورة في ذهنه عن العناكب على أنها كبيرة وقريبة جداً منه ، لكن على الجانب الآخر تجد عند الشخص الذي لا يعير أي اهتمام للعناكب تتكون عندهم صورة تمثيلية على اعتبار أنهم مخلوقات صغيرة لا تلحق الضرر بأي إنسان ولا تشكل عنده أي قلق ( لأنها بعيدة جداً وصغيرة الحجم ).
ونحن في مجال البرمجة نطرح هذا السؤال:
إذا كان هناك شخص لا يعباً البتة بوجود العناكب لدرجة أنها لا تشكل أي أهمية عنده ، فلماذا يتعذر على الآخر أن يحذو حذوه ؟
من هذا المنطلق نطبق أحدى التقنيات مع الشخص الذي يعانى من فوبيا العناكب حيث نجعله عند التفكير في العنكبوت أن يقوم بعرضه على ذهنه بنفس الطريقة المتبعة من قبل الإنسان العادي الذي لا يهتم بتلك المخلوقات الصغيرة.
بمعنى:
أن تكون بعيدة عنه بمسافة مناسبة وذات حجم معقول.
باستخدام هذة التقنية نكون قد قمنا بعملية النمذجة لسلوك شخص الذي لا يهتم بوجود العناكب و لا يخاف منها و إعطائها للشخص المصاب بالفوبيا.
والأمر المحزن هنا أن علاج كثير من المصابين بالفوبيا بإتباع التقنيات المطبقة في علم البرمجة لا يستغرق أكثر من 30 دقيقة لكن الكثيرين قد يضطرون لقضاء حياتهم كلها والمخاوف المرضية مسيطرة عليهم سيطرة كاملة.
وإنك ستجد أن البرمجة اللغوية العصبية ( NLP ) تهتم كثيراً بالنتائج وتتمتع بالمرونة العالية وقلما سترانا نسعى وراء ما يجب أن ينجح ، ولكن هدفنا هو ما ينجح بالفعل.
كثيرُ من الناس يقومون بأشياء ولكن مساعيهم تبوء بالفشل لأنهم يشعرون أن ما يقوموا به لابد أن يكون هو الصواب.
إذا لم ينجح هذا تجدنا في البرمجة نسلك طريقاً آخر ونظل نجرب أكثر من طريقة حتى نصل إلى النجاح في نهاية المطاف.
وتذكر أنه لا مجال للفشل في البرمجة ولكن هناك خبرات ومرونة عالية .... هذه هي اللعبة.
نحن في مجال البرمجة لا نهتم سوى بالنتائج التي نحققها ومنح الناس ما يطمحون إليه في حياتهم الحالية و المستقبلية.
وإيجازاً للقول:
1- ستمدك البرمجة بدليل الإرشادات حول طريقة تشغيل عقلك.
2- ستعرفك البرمجة على عقلك اللاواعى.
3- ستوفر لك البرمجة التقنيات التي تساعدك على التغيير سواء بحياتك أو بحياة الآخرين.
4- ستزودك البرمجة بالخريطة التي تجعلك تحقق النجاح في الحياة.
5- هذا العلم سيمنحك القوة والتمكين في فن التواصل الحقيقي الذي يسمح لك بفهم زملائك والتأثير عليهم ناهيك عن إحداث تغييرات حقيقية في طريقة عملك وحياتك بمنتهى السهولة ويعطيك الدليل لإطلاق طاقاتك الكامنة.
ثانيا: هل البرمجة اللغوية العصبية عِلم ؟
للإجابة عن هذا السؤال لا بد من تحديد معنى " العِلم "
فلكلمة العِلم معنيان:
المعنى الأول:
هو المعرفة ( Knowledge ) بمعناها الواسع.
كعِلم الإنسان بأن الشمس قد طلعت أو عِلمه بأخبار الناس وأحوالهم.
المعنى الثاني:
هو العلم ( Science ) بالمعنى العلمي الدقيق.
كعلم الكهرباء والذرة.
وما نريده هنا هو العِلم بالمعنى الأخير ، أي المعنى العلمي الدقيق.
ولكن يبقى السؤال:
ما هو العِلم بالمعنى الدقيق ؟ أيْ كيف نعرف أن شيئاً ما هو عِلم أم لا ؟
استثارت هذه المسألة اهتمام الفلاسفة والعلماء والمفكرين منذ زمن بعيد ووضعوا حدوداً أو خطوطاً فاصلة بين ما هو عِلمي وغير علمي ، واختلف هؤلاء العلماء والمفكرون في تلك الحدود التي تميز بين ما هو " عِلم " و ما هو " غير عِلم " ، لذلك ترى مثلاً أن هناك من يعتبر " عِلم النفس " عِلماً ، ومَن يعتبره ليس بعِلم.
فمثلاً يعتبر جون كورسو ( John F. Crso ) وهو عالم نفس ، إن عِلم النفس نجح في أن يتخذ موقعاً بين العلوم " بالمعنى العلمي الدقيق " ، بل يذهب أكثر من ذلك إلى اعتبار عِلم النفس ضمن " العلوم الطبيعية " ، وحجته في ذلك أن علم النفس يتبع المنهج " العلمي " الذي يتلخص في الخطوات الخمسة التالية:
1- اختيار مشكلة أو قضية معينة.
2- صياغة فرضية حول هذه القضية.
3- إجراء اختبارات مقننة وجمع البيانات منها.
4- تنظيم وتحليل هذه البيانات بالطرق الإحصائية المعروفة.
5- تقويم النتائج وتعميمها.
لكننا من ناحية أخرى نجد رأياً مخالفاً لواحد من أكبر المفكرين في العصر الحديث وهو كارل بوبر ( Karl Popper ) ، حيث يضع كارل بوبر حداً صارماً للتميز بين ما هو " علمي " أو " غير علمي " ، وهو:
إن النظرية تعتبر عملية في حالة واحدة فقط وهي أن تكون قابلة للنفي أو الدحض refutability or) (falsifiability ، وليس قبولها للإثبات ، فعندما تُطرح نظرية ما " نظرية س مثلاً " فإن معيار قبولها ليس قابليتها للإثبات ، ولكن على العكس من ذلك هو قابليتها للنفي والدحض.
فمثلاً:
1- تقول النظرية النسبية الخاصة بـ :
" أن كتلة الجسم تزداد بازدياد سرعته ".
هل يمكن دحض هذه النظرية ؟
الجواب:
نعم.
نقيس كتلته وهو ساكن ، وكتلته وهو متحرك ، ثم نقارن بين الكتلتين.
فإما أن نثبت النظرية أو تنهار إذن هذه نظرية علمية.
2- عندما تأخذ نظرية التحليل النفسي لفرويد:
نجد أنه يمكن إثباتها في حالات كثيرة أو قليلة ، ولكن ليس هناك طريقة لدحضها أي ليست هناك طريقة لإثبات فشلها ، وبالتالي فهي ليست نظرية علمية حسب معيار بوبر.
الحقيقة أن بوبر استشهد بنظرية فرويد ونظرية أدلر في عِلم النفس أيضاً ونظرية كارل ماركس في الاقتصاد ، وأوضح أن كل النظريات ليست علمية لأنها غير قابلة للنفي أو الدحض كما هي الحال في النظرية النسبية ، ويضيف بوبر أن النظريات الثلاث: فرويد وأدلر وماركس هي أقرب إلى التنجيم منها إلى عِلم الفلك.
أي أنها تقع خارج دائرة العِلم بالمعنى الدقيق.
فإذا كان عِلم النفس حسب معيار بوبر ليس عِلماً فمن الأولى ألا تكون البرمجة اللغوية العصبية عِلماً ، وإذا كان لعِلم النفس منهجاً محدداً يجعل البعض منه عِلماً فإنه ليس للبرمجة اللغوية العصبية مثل هذا المنهج العِلمي.
إن أقصى ما تدَّعيه البرمجة اللغوية العصبية هو:
أنها تعطي نتائج ملموسة ، وأن منهجها هو منهج نفعي ( Pragmatic ) ، لذلك فإن الأمانة والمسؤولية تقتضيان أن يقوم ممارسو ومدربو البرمجة اللغوية العصبية بالامتناع عن القول بأنها عِلم ، والتأكيد على أنها مهارة وفن.
ثالثا: علاقة البرمجة اللغوية العصبية بالعلوم الأخرى.
تأخذ البرمجة اللغوية العصبية مفاهيم ونماذجاً من عدد من حقول المعرفة الإنسانية مثل:
1- عِلم النفس.
2- عِلم وظائف الأعضاء.
3- الطب النفسي.
4- عِلم الأعصاب.
5- عِلم الأحياء.
6- نظرية النظم.
وغير ذلك.
ولا ضير في أن تأخذ البرمجة اللغوية العصبية من كل الحقول المعرفية والعلمية ، فالعلوم مترابطة يتصل بعضها ببعض ، ولكن هناك نقطتا ضعف في علاقة البرمجة اللغوية العصبية بالمجالات الأخرى:
النقطة الأولى:
إن طريقة البرمجة اللغوية العصبية في الإفادة من العلوم الأخرى هي انتقائية ، تأخذ بعضاً منها وتغفل البعض الآخَر.
النقطة الثانية:
إن كثير من المشتغلين في البرمجة اللغوية العصبية يفتقدون المعرفة العميقة بتلك المجالات ، كما يفتقدون مواكبة ما يستجد في النظريات والاكتشافات الإنسانية.
مثل:
1- ذلك التطور الذي حصل في نظرية التعلُّم ، فقد كانت النظرية السلوكية سائدة منذ أوائل القرن العشرين ثم تلا ذلك سيادة النظرية المعرفية حتى عام (1990) ، ثم ظهرت النظرية البنائية في العقد الأخير من القرن الماضي ، وبالرغم من أن النظرية البنائية أقرب إلى مبدأ " الخبرة الذاتية " من غير من النظريات إلا أن كثيراً من العاملين في حقل البرمجة اللغوية العصبية ما زال يركز على النظرية السلوكية " بافلوف سكنر " والنظرية المعرفية " الجشتالت التعليم التوليدي ".
2- هو ما استعارته البرمجة اللغوية العصبية من نظرية النظم واعتمدته في أدبياتها ، نعني به نموذجي توتي Tote، الذي اقترح " مللير " من وجهة نظر النظم يَعتبر نموذج توتي بالياً حيث قطعت هندسة التحكم والنظم أشواطاً بعيدة في تطورها وتقدمها ، ولكن ما زالت الغالبية من مدربي البرمجة اللغوية العصبية متمسِّكين بنموذج توتي الذي عفا عليه الزمن.
والخلاصة:
ما زالت البرمجة اللغوية العصبية مفيدة ، وتؤدي نتائج ، إلا أن ذلك لا يمنع من نقد جوانب الضعف فيها ، كما لا يمنع ذلك من تسليط الضوء على الأزمة التي لا يستطيع تجاوزها إلا مَن يتوفر لديه أمران أساسيان.
الأول: معرفة عميقة بالمناهج العلمية الدقيقة.
الثاني: مهارات ذات مستوى عالي يستطيع معها أن يوظف نماذج البرمجة اللغوية العصبية ليحقق النتائج الإيجابية المطلوبة.
والآن أرجو وبعد المقدمة الموجزة السابقة ، أستأذنكم جميعا لعرض كتاب:
" حقيقة البرمجة اللغوية العصبية "
تأليف :
" فوز بنت عبداللطيف بن كامل كردي "
راجيا الله تعالي التوفيق في التوضيح والشرح المبسط قدر الإمكان.
وهذا الكتاب يمثّل خلاصة بحث طويل واستقراء وتتبع شمل أصول الفكر ومضامينه ومخرجاته ويهدف للتعريف بنوع من أنواع الشر الغازية التي فتحت أبوابها على البشرية ووصلت إلى داخل حصون الأمة متخفية بلباس النفع والفائدة والتدريب والتطبيب ، فانساق وراءها كثير من العامة وانتظموا في دوراتها متدربين ، ومنهم جموع من الأخيار لاشتباهها بلباس من الحق تلبسه.
قال الإمام ابن القيم :
" إنما سميت شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها ، فإنها تلبس الحق على جسم الباطل ".
وهذا الفكر هو ما يسمى بـ " البرمجة اللغوية العصبية " ، التي استفاض الجدل حول موضوعها بين المفتونين بها ممن تدربوا على بعض مستوياتها ، وبين المحذرين منها ، نظراً لتلبس أمرها وخفاء حقيقتها وجذورها ، مما جعل تحري حقيقتها وكشف أصل فكرها وإيضاح خطورتها ، أمراً واجباً على المختصين إحقاقاً للحق وإبطالا للباطل .
وقبل الدخول في التفاصيل يجب شكر وتقدير كل من ساهم من أجل أن يري هذا الكتاب النور ونخص بالذكر ...
الدكتور : عبدالغني بن محمد مليباري والعلماء الأفاضل:
1- فضيلة الشيخ الدكتور : صالح بن عبدالرحمن الحصين.
2- فضيلة الشيخ الدكتور : عبدالله بن عمر الدميجي.
3- فضيلة الشيخ الدكتور : عبدالرحمن بن صالح المحمود.
4- فضيلة الشيخ الدكتور : سفر بن عبدالرحمن الحوالي.
5- فضيلة الشيخ الدكتور : أحمد بن عبدالرحمن القاضي.
6- فضيلة الشيخ الدكتور : عبدالعزيز بن محمد النغيمشي.
7- فضيلة الشيخ الدكتور : عبدالعزيز بن مصطفى كامل.
وشكر خاص:
لفضيلة الشيخ الدكتور : يوسف القرضاوي الذي انبرى محذراً في خطبة جمعة لتبيين الحق بصوته الجهوري لما رأى من خطورة الأمر وافتتان الناس به .
والشكر للإخوة مدربي البرمجة اللغوية العصبية الذين كان لردة فعلهم خلال دوراتهم وعبر وسائل الإعلام والصحافة والإنترنت أبلغ الأثر في بيان الحق ودحض الباطل .
منهج الدراسة والنقد.
محاور خمسة وهي:
1. ماهية الفكر ومضامينه وفرضياته .
2. دراسة أصل الفكر وفلسفته وتاريخه وتوجهات منشئيه .
3. تتبع مخرجاته الحقيقية .
4. التأكد من صحة ادعاءات متبنيه .
5. تتبع الظواهر المصاحبة له .
ومن المعروف أن الغرب والشرق منذ القديم يموجان بأنواع من الفلسفات والطقوس والشركيات التي يعرف زيفها أقل المسلمين علماً فيُعرِض عنها ولا يأبه بدعاواها العريضة ، لمعرفتهم بأنها من توابع الكفر وتطبيقات الشرك ، ولهذا فلم يأبه علماء الأمة بتحري كل ضلالة ودراسة كل فلسفة وتفنيدها وبيان بطلانها إلا عندما يُروّج لها ، ويخشى من تسللها للمسلمين متلبسة عليهم ، إذ يكفي أن يُعرّف المسلمون بالحق ويحذروا من الانحراف عنه لسبيل المغضوب عليهم أو الضالين مع استمرار التذكير بأن طريق ذلك هو التزام المنهج الحق المستقى من الكتاب والسنة .
ومن هنا فلم تعد هناك حاجة إلى التفصيل في عرض زيف كل فلسفة ضالة وتفنيد كل دعوى إلا عندما تُعرَض الوثنيات والفلسفات بممارساتها وتطبيقاتها على عامة المسلمين ويروج لها في كثير من وسائل الإعلام وينتشر التدريب عليها بين المسلمين مُدلّسة بالحقيقة ، مُلبّسة بالمنافع ، فإنه يجب حينئذ تعريف الناس بها ببيان حقيقتها وأصل فلسفتها وتفنيد الشبه حولها ليحذرها العامة والخاصة ، وليسلم للناس معتقدهم ودينهم ، ويهلك من هلك عن بينة .
وملخص نتيجة هذه الدراسة :
أن البرمجة اللغوية العصبية جزء لا يتجزأ من منظومة تضم أكثر من مائة طريقة لنشر فكر:
"حركة القدرة البشرية الكامنة "
أو ...
" حركة النيو إييج "
فماهي في محصلها إلا طريقة عملية مبطنة لنشر فكر هم العقدي وفلسفتهم الملحدة في قالب جذاب وبطابع التدريب والتطبيق والممارسة الحياتية لا طابع التنظير والفلسفة والدين كما سيظهر ذلك للقارئ الكريم من خلال قراءته لنقد البرمجة وفق هذه المحاور الخمسة .
:i:
أولا: ما هي البرمجة اللغوية العصبية ؟
البرمجة في الأساس هي كيف نستخدم لغة العقل من أجل الوصول دائماً إلى نتائج محددة ومطلوبة.
إن البرمجة تتضمن مجموعة من المبادئ الإرشادية والتوجهات والتقنيات التي تعبر عن السلوك الواقعي في الحياة ، وما هي بنظرية علمية ، لكنها تمنح الأفراد حرية اختيار سلوكهم وانفعالاتهم وحالاتهم البدنية الإيجابية وذلك عندما يستطيعوا فهم كيف يعمل العقل ، وهى تساعد أيضاً على إزالة القيود التي يفرضها المرء على نفسه.
كما تكشف البرمجة كذلك العلاقة بين طريقة تفكيرنا ( العصبية ) وطريقة تواصلنا سواء على المستوى اللفظي أو غير اللفظي ( اللغوية ) ثم أنماط سلوكنا وانفعالاتنا ( البرمجة ).
وقد كانت البداية فى عام 1975 على يد العالمين ريتشارد باندلر وجون جرايندر ، اللذان بدءا تطوير نماذج اعتمدت على كبار رواد فن الاتصال فى ذلك الحين ، وكان الهدف الذي جمعهما على ذلك محاولة اكتشاف السبب وراء تحقيق بعض الناس التميز دون غيرهم ثم الوصول بعد ذلك إلى نماذج إقتداء تسمح لأشخاص آخرين أن يحذو حذوهم.
ومن هذا المنطلق بدء باندلر وجرايندر فى دراسة نماذج بعض العلماء من أمثال ملتون اريكسون وفريتز برلز وفرجينيا ساتير ، ومع مرور السنين برزت أسماء أخرى ممن أسهموا في تطوير مجال البرمجة.
ولكن الأمر المحتوم هنا هو أن هذه النماذج قد شكلت بالفعل مجموعة من الأساليب الفعالة والسريعة التي تعمل على تغيير الأفكار والسلوك والاعتقادات التي كانت في السابق تحد من تطورها ، وهى التي تعرف اليوم باسم البرمجة اللغوية العصبية.
ولدى ممارسي علم البرمجة اعتقادات أو افتراضات مسبقة معينة تفيدهم في إحداث التغييرات المطلوبة في أنفسهم وفى الآخرين.
والآن إليكم بعض من هذه الافتراضات:
1- وجود المقاومة لدى المستفيد دلالة على غياب الألفة.
ونقول:
أنه لا وجود لأشخاص مقاومين ولكن فقط رجال اتصال لا يتمتعوا بالمرونة المطلوبة.
2- الشخص ليس هو السلوك.
ونقول:
علينا أن نتقبل الشخص الآخر ونحدث التغيير المناسب به.
3- الخارطة ليست هي المنطقة.
ونقول:
إن الكلمات التي نستخدمها لا تعبر عن الحدث أو الحقيقة.
4- الأكثر مرونة هو الأكثر تحكماً.
ونقول:
الشخص الأكثر مرونة في سلوكه هو الشخص الذي يسيطر على الموقف.
5- لا يوجد هناك فشل إنما تجارب و خبرات.
ونقول:
أنت مسئول عن عقلك ومن ثم فأنت مسئول عن النتائج التي تتوصل إليها.
6- يكمن معنى الاتصال في الاستجابة التي تحصل عليها.
ونقول:
إذا استطاع شخص القيام بعملٍ ما فمن الممكن لأي إنسان آخر الإقتداء به عن طريق النمذجة.
7- الناس بداخلها لديها كافة الموارد التي تحتاجها لبلوغ النجاح والوصول إلى النتائج.
ونقول:
ولا يبقى أمامهم سوى معرفة كيفية الوصول إلى تلك الموارد.
8- كل إنسان يبذل كل ما لديه من جهد في حدود موارده المتاحة.
ونقول:
وإنها لطبيعة السلوك أن يتكيف مع الظروف والسلوك الحاضر هو أفضل الخيارات المتاحة للفرد.
ونقول:
وراء كل تصرف نية إيجابية.
والآن سنحاول أن نعرض لهذه الأفكار بلغة مفهومة لنا جميعاً:
تخيل أنك اشتريت تليفون محمول ولكن لم تحصل معه على أي تعليمات للتشغيل ، في الواقع الهواتف المحمولة مثال رائع للدلاله على ما نقول.
فأجهزة الهواتف المحمولة المطروحة في الأسواق هذه الأيام بها مزايا عديدة لا نستخدمها البتة وذلك بسبب:
1- لأننا لم نفهم تعليمات التشغيل الخاصة به.
2- لأننا لم نقرأ تلك التعليمات.
3- لأننا لم نحصل على أي تعليمات لتشغيل الجهاز من الأصل.
حسناً دعنا نفترض أننا لم نحصل على تعليمات التشغيل ، فكان علينا أن نتحسس طريقنا وحدنا ونستكشف كيف نجرى مكالمة من هذا الجهاز ثم نستقبل المكالمات ، وببعض الحيرة دربنا أنفسنا على طريقة تخزين الأرقام عليه معتمدين في ذلك على شيء من التخمين ، لكن ستبقى بقية مزايا الجهاز وخصائصه غير مستغلة نهائياً لأننا لم نكن نعلم بوجودها أصلاً !!
والآن فكر في "عقلك" الذي هو أعقد قليلاً من هذا المثال الذي ضربناه ، فإننا عند ميلادنا لم يكن معنا دليل استخدام أو تعليمات تشغيل وكانت التعليمات الوحيدة التي تلقيناها مجرد هرطقة.
أي بعبارة أخرى:
خضعنا للأهل والمدرسين والأصحاب الذين قاموا ببرمجتنا ، لذا لم يكن هناك أي تعليمات تشغيل حقيقية نزلت معنا وبالتأكيد لم يكن هناك دليل شامل . لكن كان الأمر أشبه بجهاز المحمول الذي لم نعرف فيه شيء سوى إجراء مكالمة عليه،
تخيل أنك تقود سيارة للمرة الأولى في حياتك بدون معرفة أي تعليمات للقيادة ، هل تظن أنك ستسير بها لمسافة بعيدة ؟
استحالة ! بل ربما ستصطدم او تشتعل بمجرد أن تدير محركها ، لذلك من غير دليل التشغيل سنكون معرضين للفشل.
انتظرني ....
أسمعك الآن تردد:
" نحن لم نحصل على دليل تشغيل عقلنا فهل معنى ذلك أننا سنفشل ؟ "
نعم ، تلك هي الفكرة !
فبدون وجود الدليل سنفشل في المرة الأولى حتى نتعلم بعد ذلك من خلال تجاربنا ! ولهذا عندما نقدم حتى على أبسط الأعمال للمرة الأولى كثيراً ما يواجهنا الفشل في البداية.
والسؤال الآن:
ما علاقة كل هذا الكلام بالبرمجة اللغوية العصبية ؟
الإجابة بمنتهى البساطة هي:
أن البرمجة تُخضع منهج تفكير الإنسان وخبرته تجاه العالم الخارجي للدراسة.
ولكن علينا أن ندرك أن هذا المنهج معقد للغاية وغير موضوعي ، فهو لا يستند دائماً إلى تركيبة أو صيغة دقيقة ، لكنه يعتمد على نماذج عن الطريقة التي يعمل بها العقل استخلص علم البرمجة من خلالها أساليب وتقنيات لتسهيل عملية تغيير الأفكار والاعتقادات والسلوكيات تغييراً سلساً وسريعاً.
وقد تشكلت تلك " النماذج " بعد دراسة بعض من استطاعوا بلوغ التفوق البشرى.
فمثلاً:
وضع " نموذج ميتا " استناداً إلى دراسة المعالجة والخبيرة الشهيرة في مجال الاتصال فرجينيا ساتير.
أما " نموذج ملتون " فقام على دراسة خبير التنويم الكبير الدكتور ملتون اريكسون.
ولم يسأل هؤلاء الموهوبين عما قاموا به من أعمال لوضع نماذج للإقتداء بهم ، ولكن تشكلت تلك النماذج بعد فهم الإطار العام الذي اتبعوه للتعبير عن الاعتقادات والسلوكيات والاستراتيجيات التي كانت تدور بأذهانهم وقتما كانوا يقومون بإنجاز عمل معين.
ولهذا السبب نجد أن تقنيات البرمجة المطبقة في مجال العلاج خالية من المحتوى.
ومثال آخر على ذلك:
أن نفهم كيف يتسنى لشخص واسع الحيلة أن يتصرف في موقفٍ ما ويدرك العالم المحيط به عن طريق حواسه الخمس ، وبمجرد معرفة ذلك يسهل نقل هذا لغيره من الناس حتى يقتدوا به.
فعلى سبيل المثال:
الخوف المرضى هو عبارة عن خوف غير عقلاني ، فالشخص الذي يعانى من الفوبيا أو الخوف المرضى تجاه العناكب مثلاً ستجده يرسم صورة في ذهنه عن العناكب على أنها كبيرة وقريبة جداً منه ، لكن على الجانب الآخر تجد عند الشخص الذي لا يعير أي اهتمام للعناكب تتكون عندهم صورة تمثيلية على اعتبار أنهم مخلوقات صغيرة لا تلحق الضرر بأي إنسان ولا تشكل عنده أي قلق ( لأنها بعيدة جداً وصغيرة الحجم ).
ونحن في مجال البرمجة نطرح هذا السؤال:
إذا كان هناك شخص لا يعباً البتة بوجود العناكب لدرجة أنها لا تشكل أي أهمية عنده ، فلماذا يتعذر على الآخر أن يحذو حذوه ؟
من هذا المنطلق نطبق أحدى التقنيات مع الشخص الذي يعانى من فوبيا العناكب حيث نجعله عند التفكير في العنكبوت أن يقوم بعرضه على ذهنه بنفس الطريقة المتبعة من قبل الإنسان العادي الذي لا يهتم بتلك المخلوقات الصغيرة.
بمعنى:
أن تكون بعيدة عنه بمسافة مناسبة وذات حجم معقول.
باستخدام هذة التقنية نكون قد قمنا بعملية النمذجة لسلوك شخص الذي لا يهتم بوجود العناكب و لا يخاف منها و إعطائها للشخص المصاب بالفوبيا.
والأمر المحزن هنا أن علاج كثير من المصابين بالفوبيا بإتباع التقنيات المطبقة في علم البرمجة لا يستغرق أكثر من 30 دقيقة لكن الكثيرين قد يضطرون لقضاء حياتهم كلها والمخاوف المرضية مسيطرة عليهم سيطرة كاملة.
وإنك ستجد أن البرمجة اللغوية العصبية ( NLP ) تهتم كثيراً بالنتائج وتتمتع بالمرونة العالية وقلما سترانا نسعى وراء ما يجب أن ينجح ، ولكن هدفنا هو ما ينجح بالفعل.
كثيرُ من الناس يقومون بأشياء ولكن مساعيهم تبوء بالفشل لأنهم يشعرون أن ما يقوموا به لابد أن يكون هو الصواب.
إذا لم ينجح هذا تجدنا في البرمجة نسلك طريقاً آخر ونظل نجرب أكثر من طريقة حتى نصل إلى النجاح في نهاية المطاف.
وتذكر أنه لا مجال للفشل في البرمجة ولكن هناك خبرات ومرونة عالية .... هذه هي اللعبة.
نحن في مجال البرمجة لا نهتم سوى بالنتائج التي نحققها ومنح الناس ما يطمحون إليه في حياتهم الحالية و المستقبلية.
وإيجازاً للقول:
1- ستمدك البرمجة بدليل الإرشادات حول طريقة تشغيل عقلك.
2- ستعرفك البرمجة على عقلك اللاواعى.
3- ستوفر لك البرمجة التقنيات التي تساعدك على التغيير سواء بحياتك أو بحياة الآخرين.
4- ستزودك البرمجة بالخريطة التي تجعلك تحقق النجاح في الحياة.
5- هذا العلم سيمنحك القوة والتمكين في فن التواصل الحقيقي الذي يسمح لك بفهم زملائك والتأثير عليهم ناهيك عن إحداث تغييرات حقيقية في طريقة عملك وحياتك بمنتهى السهولة ويعطيك الدليل لإطلاق طاقاتك الكامنة.
ثانيا: هل البرمجة اللغوية العصبية عِلم ؟
للإجابة عن هذا السؤال لا بد من تحديد معنى " العِلم "
فلكلمة العِلم معنيان:
المعنى الأول:
هو المعرفة ( Knowledge ) بمعناها الواسع.
كعِلم الإنسان بأن الشمس قد طلعت أو عِلمه بأخبار الناس وأحوالهم.
المعنى الثاني:
هو العلم ( Science ) بالمعنى العلمي الدقيق.
كعلم الكهرباء والذرة.
وما نريده هنا هو العِلم بالمعنى الأخير ، أي المعنى العلمي الدقيق.
ولكن يبقى السؤال:
ما هو العِلم بالمعنى الدقيق ؟ أيْ كيف نعرف أن شيئاً ما هو عِلم أم لا ؟
استثارت هذه المسألة اهتمام الفلاسفة والعلماء والمفكرين منذ زمن بعيد ووضعوا حدوداً أو خطوطاً فاصلة بين ما هو عِلمي وغير علمي ، واختلف هؤلاء العلماء والمفكرون في تلك الحدود التي تميز بين ما هو " عِلم " و ما هو " غير عِلم " ، لذلك ترى مثلاً أن هناك من يعتبر " عِلم النفس " عِلماً ، ومَن يعتبره ليس بعِلم.
فمثلاً يعتبر جون كورسو ( John F. Crso ) وهو عالم نفس ، إن عِلم النفس نجح في أن يتخذ موقعاً بين العلوم " بالمعنى العلمي الدقيق " ، بل يذهب أكثر من ذلك إلى اعتبار عِلم النفس ضمن " العلوم الطبيعية " ، وحجته في ذلك أن علم النفس يتبع المنهج " العلمي " الذي يتلخص في الخطوات الخمسة التالية:
1- اختيار مشكلة أو قضية معينة.
2- صياغة فرضية حول هذه القضية.
3- إجراء اختبارات مقننة وجمع البيانات منها.
4- تنظيم وتحليل هذه البيانات بالطرق الإحصائية المعروفة.
5- تقويم النتائج وتعميمها.
لكننا من ناحية أخرى نجد رأياً مخالفاً لواحد من أكبر المفكرين في العصر الحديث وهو كارل بوبر ( Karl Popper ) ، حيث يضع كارل بوبر حداً صارماً للتميز بين ما هو " علمي " أو " غير علمي " ، وهو:
إن النظرية تعتبر عملية في حالة واحدة فقط وهي أن تكون قابلة للنفي أو الدحض refutability or) (falsifiability ، وليس قبولها للإثبات ، فعندما تُطرح نظرية ما " نظرية س مثلاً " فإن معيار قبولها ليس قابليتها للإثبات ، ولكن على العكس من ذلك هو قابليتها للنفي والدحض.
فمثلاً:
1- تقول النظرية النسبية الخاصة بـ :
" أن كتلة الجسم تزداد بازدياد سرعته ".
هل يمكن دحض هذه النظرية ؟
الجواب:
نعم.
نقيس كتلته وهو ساكن ، وكتلته وهو متحرك ، ثم نقارن بين الكتلتين.
فإما أن نثبت النظرية أو تنهار إذن هذه نظرية علمية.
2- عندما تأخذ نظرية التحليل النفسي لفرويد:
نجد أنه يمكن إثباتها في حالات كثيرة أو قليلة ، ولكن ليس هناك طريقة لدحضها أي ليست هناك طريقة لإثبات فشلها ، وبالتالي فهي ليست نظرية علمية حسب معيار بوبر.
الحقيقة أن بوبر استشهد بنظرية فرويد ونظرية أدلر في عِلم النفس أيضاً ونظرية كارل ماركس في الاقتصاد ، وأوضح أن كل النظريات ليست علمية لأنها غير قابلة للنفي أو الدحض كما هي الحال في النظرية النسبية ، ويضيف بوبر أن النظريات الثلاث: فرويد وأدلر وماركس هي أقرب إلى التنجيم منها إلى عِلم الفلك.
أي أنها تقع خارج دائرة العِلم بالمعنى الدقيق.
فإذا كان عِلم النفس حسب معيار بوبر ليس عِلماً فمن الأولى ألا تكون البرمجة اللغوية العصبية عِلماً ، وإذا كان لعِلم النفس منهجاً محدداً يجعل البعض منه عِلماً فإنه ليس للبرمجة اللغوية العصبية مثل هذا المنهج العِلمي.
إن أقصى ما تدَّعيه البرمجة اللغوية العصبية هو:
أنها تعطي نتائج ملموسة ، وأن منهجها هو منهج نفعي ( Pragmatic ) ، لذلك فإن الأمانة والمسؤولية تقتضيان أن يقوم ممارسو ومدربو البرمجة اللغوية العصبية بالامتناع عن القول بأنها عِلم ، والتأكيد على أنها مهارة وفن.
ثالثا: علاقة البرمجة اللغوية العصبية بالعلوم الأخرى.
تأخذ البرمجة اللغوية العصبية مفاهيم ونماذجاً من عدد من حقول المعرفة الإنسانية مثل:
1- عِلم النفس.
2- عِلم وظائف الأعضاء.
3- الطب النفسي.
4- عِلم الأعصاب.
5- عِلم الأحياء.
6- نظرية النظم.
وغير ذلك.
ولا ضير في أن تأخذ البرمجة اللغوية العصبية من كل الحقول المعرفية والعلمية ، فالعلوم مترابطة يتصل بعضها ببعض ، ولكن هناك نقطتا ضعف في علاقة البرمجة اللغوية العصبية بالمجالات الأخرى:
النقطة الأولى:
إن طريقة البرمجة اللغوية العصبية في الإفادة من العلوم الأخرى هي انتقائية ، تأخذ بعضاً منها وتغفل البعض الآخَر.
النقطة الثانية:
إن كثير من المشتغلين في البرمجة اللغوية العصبية يفتقدون المعرفة العميقة بتلك المجالات ، كما يفتقدون مواكبة ما يستجد في النظريات والاكتشافات الإنسانية.
مثل:
1- ذلك التطور الذي حصل في نظرية التعلُّم ، فقد كانت النظرية السلوكية سائدة منذ أوائل القرن العشرين ثم تلا ذلك سيادة النظرية المعرفية حتى عام (1990) ، ثم ظهرت النظرية البنائية في العقد الأخير من القرن الماضي ، وبالرغم من أن النظرية البنائية أقرب إلى مبدأ " الخبرة الذاتية " من غير من النظريات إلا أن كثيراً من العاملين في حقل البرمجة اللغوية العصبية ما زال يركز على النظرية السلوكية " بافلوف سكنر " والنظرية المعرفية " الجشتالت التعليم التوليدي ".
2- هو ما استعارته البرمجة اللغوية العصبية من نظرية النظم واعتمدته في أدبياتها ، نعني به نموذجي توتي Tote، الذي اقترح " مللير " من وجهة نظر النظم يَعتبر نموذج توتي بالياً حيث قطعت هندسة التحكم والنظم أشواطاً بعيدة في تطورها وتقدمها ، ولكن ما زالت الغالبية من مدربي البرمجة اللغوية العصبية متمسِّكين بنموذج توتي الذي عفا عليه الزمن.
والخلاصة:
ما زالت البرمجة اللغوية العصبية مفيدة ، وتؤدي نتائج ، إلا أن ذلك لا يمنع من نقد جوانب الضعف فيها ، كما لا يمنع ذلك من تسليط الضوء على الأزمة التي لا يستطيع تجاوزها إلا مَن يتوفر لديه أمران أساسيان.
الأول: معرفة عميقة بالمناهج العلمية الدقيقة.
الثاني: مهارات ذات مستوى عالي يستطيع معها أن يوظف نماذج البرمجة اللغوية العصبية ليحقق النتائج الإيجابية المطلوبة.
والآن أرجو وبعد المقدمة الموجزة السابقة ، أستأذنكم جميعا لعرض كتاب:
" حقيقة البرمجة اللغوية العصبية "
تأليف :
" فوز بنت عبداللطيف بن كامل كردي "
راجيا الله تعالي التوفيق في التوضيح والشرح المبسط قدر الإمكان.
وهذا الكتاب يمثّل خلاصة بحث طويل واستقراء وتتبع شمل أصول الفكر ومضامينه ومخرجاته ويهدف للتعريف بنوع من أنواع الشر الغازية التي فتحت أبوابها على البشرية ووصلت إلى داخل حصون الأمة متخفية بلباس النفع والفائدة والتدريب والتطبيب ، فانساق وراءها كثير من العامة وانتظموا في دوراتها متدربين ، ومنهم جموع من الأخيار لاشتباهها بلباس من الحق تلبسه.
قال الإمام ابن القيم :
" إنما سميت شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها ، فإنها تلبس الحق على جسم الباطل ".
وهذا الفكر هو ما يسمى بـ " البرمجة اللغوية العصبية " ، التي استفاض الجدل حول موضوعها بين المفتونين بها ممن تدربوا على بعض مستوياتها ، وبين المحذرين منها ، نظراً لتلبس أمرها وخفاء حقيقتها وجذورها ، مما جعل تحري حقيقتها وكشف أصل فكرها وإيضاح خطورتها ، أمراً واجباً على المختصين إحقاقاً للحق وإبطالا للباطل .
وقبل الدخول في التفاصيل يجب شكر وتقدير كل من ساهم من أجل أن يري هذا الكتاب النور ونخص بالذكر ...
الدكتور : عبدالغني بن محمد مليباري والعلماء الأفاضل:
1- فضيلة الشيخ الدكتور : صالح بن عبدالرحمن الحصين.
2- فضيلة الشيخ الدكتور : عبدالله بن عمر الدميجي.
3- فضيلة الشيخ الدكتور : عبدالرحمن بن صالح المحمود.
4- فضيلة الشيخ الدكتور : سفر بن عبدالرحمن الحوالي.
5- فضيلة الشيخ الدكتور : أحمد بن عبدالرحمن القاضي.
6- فضيلة الشيخ الدكتور : عبدالعزيز بن محمد النغيمشي.
7- فضيلة الشيخ الدكتور : عبدالعزيز بن مصطفى كامل.
وشكر خاص:
لفضيلة الشيخ الدكتور : يوسف القرضاوي الذي انبرى محذراً في خطبة جمعة لتبيين الحق بصوته الجهوري لما رأى من خطورة الأمر وافتتان الناس به .
والشكر للإخوة مدربي البرمجة اللغوية العصبية الذين كان لردة فعلهم خلال دوراتهم وعبر وسائل الإعلام والصحافة والإنترنت أبلغ الأثر في بيان الحق ودحض الباطل .
منهج الدراسة والنقد.
محاور خمسة وهي:
1. ماهية الفكر ومضامينه وفرضياته .
2. دراسة أصل الفكر وفلسفته وتاريخه وتوجهات منشئيه .
3. تتبع مخرجاته الحقيقية .
4. التأكد من صحة ادعاءات متبنيه .
5. تتبع الظواهر المصاحبة له .
ومن المعروف أن الغرب والشرق منذ القديم يموجان بأنواع من الفلسفات والطقوس والشركيات التي يعرف زيفها أقل المسلمين علماً فيُعرِض عنها ولا يأبه بدعاواها العريضة ، لمعرفتهم بأنها من توابع الكفر وتطبيقات الشرك ، ولهذا فلم يأبه علماء الأمة بتحري كل ضلالة ودراسة كل فلسفة وتفنيدها وبيان بطلانها إلا عندما يُروّج لها ، ويخشى من تسللها للمسلمين متلبسة عليهم ، إذ يكفي أن يُعرّف المسلمون بالحق ويحذروا من الانحراف عنه لسبيل المغضوب عليهم أو الضالين مع استمرار التذكير بأن طريق ذلك هو التزام المنهج الحق المستقى من الكتاب والسنة .
ومن هنا فلم تعد هناك حاجة إلى التفصيل في عرض زيف كل فلسفة ضالة وتفنيد كل دعوى إلا عندما تُعرَض الوثنيات والفلسفات بممارساتها وتطبيقاتها على عامة المسلمين ويروج لها في كثير من وسائل الإعلام وينتشر التدريب عليها بين المسلمين مُدلّسة بالحقيقة ، مُلبّسة بالمنافع ، فإنه يجب حينئذ تعريف الناس بها ببيان حقيقتها وأصل فلسفتها وتفنيد الشبه حولها ليحذرها العامة والخاصة ، وليسلم للناس معتقدهم ودينهم ، ويهلك من هلك عن بينة .
وملخص نتيجة هذه الدراسة :
أن البرمجة اللغوية العصبية جزء لا يتجزأ من منظومة تضم أكثر من مائة طريقة لنشر فكر:
"حركة القدرة البشرية الكامنة "
أو ...
" حركة النيو إييج "
فماهي في محصلها إلا طريقة عملية مبطنة لنشر فكر هم العقدي وفلسفتهم الملحدة في قالب جذاب وبطابع التدريب والتطبيق والممارسة الحياتية لا طابع التنظير والفلسفة والدين كما سيظهر ذلك للقارئ الكريم من خلال قراءته لنقد البرمجة وفق هذه المحاور الخمسة .
:i: