المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصبر


لينا
01-20-2008, 06:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الصبر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الصبر هو نصف الإيمان، ومن أسماء الله الحسنى "الصبور" فهو يمهل ولا يهمل أي أن الله سبحانه وتعالى لا ينتقم بالوقت الذي يعصيه الإنسان فيه وسيدنا محمد(صلى الله عليه وسلم) يعلمنا ويقول:" ثلاث يدرك بهن العبد رغائب الدنيا والآخرة: الصبر على البلاء والرضا بالقضاء والدعاء في الرخاء".

والصبر أنواع، فهناك صبر عن المعصية وهنالك صبر على الطاعة (كأن نستيقظ فجراً لصلاة الصبح أو صلاة قيام الليل والطقس بارد)، وهناك صبر على القضاء والقدر. كذلك يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : "من يتصبر يصبره الله وما أعطي أحداً عطاءً خيراً وأوسع من الصبر". أي أن الذي يعلم نفسه أن تصبر، يعطيه الله صبراً. فنسأل الله تعالى أن يصبرنا ويعافينا، فالصبر ينزل من السماء وكذلك البلاء، ولكن الله سبحانه وتعالى ينزله على قلب الإنسان على قدر البلاء.

ولو سألنا سيدنا علي رضي الله عنه عن الصبر فإنه يقول: إذا فارق الصبر الأمور فسدت، ويقول كذلك: الصبر نوعان: صبر عما تحب وصبر عما تكره وهناك صبر على الفقر وصبر على العمل وصبر على العلم. وإن كنا من الصابرين فإن الله سبحانه وتعالى يعطينا أجراً بغير حساب فقد قال تعالى في كتابه الكريم: " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب". فهل يوجد أعلى من مقام الصبر؟ نعم، وهو مقام الرضا أي أن نرضى بما حكم الله سبحانه وتعالى لنا. فإذا كان الصابرون يوفون أجورهم بغير حساب، فكيف بالراضين الذين : " رضي الله عنهم ورضوا عنه".

ونحن نعلم أن الأنبياء تحملوا الشدائد وصبروا. وقد ذكر الله تعالى لنا قصصهم في القرآن الكريم وأخبرنا عن صبر سيدنا نوح وأيوب ويونس وموسى والمسيح عليهم السلام وكذلك عن صبر سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وصبر صحابته وأهل بيته وأحبابه. فقد صبر سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) على قومه الذين آذوه ورموا عليه الأوساخ وأصابوه بالسهام وكذلك أخرجوه من وطنه وطلقوا بناته وقتلوا إحداهن وكل ذلك في سبيل نشر الدعوة الإسلامية وتوصيل الإيمان إلينا. فقد صبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) كثيراً وعانى وكذلك صبر صحابته وأهل بيته رضوان الله عليهم. ونذكر أيضاً كم صبر سيدنا يوسف حتى أنهم وضعوه في السجن وكذلك صبر على إيذاء أخوته له. وقد قال (صلى الله عليه وسلم) : " نعم سلاح المؤمن الصبر والدعاء".

فالدعاء يدفع البلاء، وقد سأل أحدهم الإمام الغزالي: هل الدعاء يرد البلاء مع أن القضاء مكتوب عند الله، فقال له الإمام الغزالي: اعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء. قال سيدنا النبي (صلى الله عليه وسلم) لسيدنا علي رضي الله عنه: " يا علي ألا أعلمك كلمات إذا وقعت في ورطة قلتها" فقال سيدنا علي رضي الله عنه : بلى جعلني الله فداءك . قال : " إذا وقعت في ورطة فقل بسم الله الرحمان الرحيم ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم، فإن الله تعالى يصرف بها ما شاء من أنواع البلاء".

ويقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : "إن صدقة السر تطفئ غضب الرب، وإن صنائع المعروف تقي مصارع السوء". فعندما يتصدق الإنسان يخفف الغضب الإلهي عليه إن كان آتياً وصنائع المعروف تكون عندما نعامل الإنسان معاملة حسنة بغض النظر عن مكانتهم أو وضعهم الاجتماعي. يقول الله سبحانه وتعالى " وليجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ". فالله يجزينا بأفضل ما نعمل فهو عز وجل يضاعف الأجر لنا. سيدنا عمر بن الخطاب عندما عاد من دفن سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنهما (وكان ذلك بعد وفاة النبي وكثير من الصحابة) قال:
ذهب الذين أحبهم فعليك يا دنيا السلام إني رضيع وصالهم والطفل يؤلمه الفطام
فقد أحس رضي الله عنه أنه رضيع علمهم ونورهم وأحسّ أنهم فطموه وتركوه وحيداً نسأل الله أن يعلمنا من لدنه علماً. وكذلك يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : " الدعاء يرد البلاء ".

وهنا نذكر قصة سيدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وهي قصة يصعب على الإنسان تنفيذها، فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها، فالله يكلف الإنسان على قدر طاقته. فسيدنا إبراهيم كان قد تجاوز المائة عام (أو المائة والعشرين كما في رواية أخرى)، فطلب من الله أن يبعث له ولداً " رب هب لي من الصالحين"، فقد كان يريد ولداً صالحاً. فبعث الله له ولده إسماعيل" فبشرناه بغلام حليم ". فلا كبر إسماعيل قال له سيدنا إبراهيم أنه رأى في المنام أنه يذبحه والأنبياء رؤياهم صادقة.

فسيدنا إسماعيل الذي يدرك أن طاعة الأب واجبة وكذلك بر الوالدين. وافق وقال له يا أبت افعل ما تؤمر وقد جاءت هذه القصة في الآيات القرآنية:" يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين". فوضع سيدنا إبراهيم ابنه سيدنا إسماعيل على الأرض ومسك السكين وأراد أن يذبحه ولكن الله فداه. "ففديناه بذبح عظيم". فقد كان امتحاناً من الله سبحانه وتعالى لسيدنا إبراهيم عليه السلام ونحن كذلك نمر بامتحانات من الله سبحانه وتعالى. فنسأل الله أن يعافينا ويعفو عنا وأن نكون من أولياء الله الصالحين الذين يجتازون الامتحانات.

دخل أحد الصحابة على النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال له : "إني أراك مريضاً ". فقال له الرسول (صلى الله عليه وسلم) : "نعم إنا كذلك يشدد علينا البلاء ويضاعف لنا الأجر" فقال له: يا رسول الله من أشد بلاءً ؟ قال (صلى الله عليه وسلم) : "الأنبياء" . قال: ثم من ؟ قال : "العلماء". قال ثم من ؟ قال :"الصالحون". فيشدد البلاء على الإنسان كلما ازداد إيمانه فليصبر كي يضاعف الله له الأجر. ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) أن جبرائيل عليه السلام أتاه بأجمل صورة وقال: " إن السلام يا محمد يقرئك السلام ويقول: "إني أوحيت إلى الدنيا أن تمرري وتكدري وتضيقي وتشددي على أوليائي حتى يحبوا لقائي، وتسهلي وتوسعي وتطيبي لأعدائي حتى يكرهوا لقائي فإني جعلتها سجناً لأوليائي وجنة لأعدائي". فنسأل الله أن يصبرنا ويوفقنا لما فيه رضاه. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


بقلم الداعية الإسلامية الدكتورة غنى حمود حفظها الله تعالى لنا وللإسلام

الأغر
01-20-2008, 06:03 PM
مشكورة جدا على الموضوع
جزاك الله كل خير
الصبر مفتاح الفرج

لينا
01-20-2008, 06:07 PM
بارك الله بك اخي المهندس الفاضل
مشكور على تواجدك في صفحتي
نسأل الله تعالى لنا ولك الفردوس الاعلى
آمين