المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشباب المسلم بين العقل والعاطفة


mughader
02-20-2011, 07:05 AM
<LI class=title>الشباب المسلم بين العقل والعاطفة
الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي

ملخص هذه المادّة
في هذا الدرس العظيم طرح مفيد لقضية هامة للشباب، وهي: قضية الشباب المسلم بين العقل والعاطفة، فقد ذكر من خلاله: كيفية التوفيق بين التصرفات المحكمة وبين ما تمليه العاطفة، مع ذكر أمثلة من حال الأنبياء والصحابة على ذلك.

ومما تضمنه هذا الدرس الكلام عن مفاسد الانجرار نحو العاطفة غير المنضبطة، ومنها: مفسدة الاستعجال، وكذا الخروج عن المألوف، وأيضاً الوقوع في أخطاء في الولاء والبراء.


عناصر الشباب المسلم بين العقل والعاطفة

1 - الحديث عن قضية العقل والعاطفة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentID=1044) http://www.alhawali.com/myfiles/images/listen.gif (javascript: newWindow = openWin( 'index.cfm?method=home.ListenAudio&type=rm&action=listen&ContentID=1044', '', 'width=600,height=440,toolbar=0,location=0,directo ries=0,status=0,menuBar=0,scrollBars=0,resizable=0 ' ); newWindow.focus()) http://www.alhawali.com/myfiles/download3.gif (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.download&ContentID=1044) http://www.alhawali.com/myfiles/cart.gif (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.cart&function=add&item=1044|link)

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلَّى الله وسلم وبارك على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فأسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل هذا الدرس خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعنا جميعاً به، إنه سميعٌ مجيب.
وبعد..
إننا نسير -ولله الحمد- مسيرةً طيبة مباركة، وأمتنا الإسلامية -والحمد لله- تعيش هذه الأيام عودة وتوبة وإنابة إلى الله تبارك وتعالى مشهودة يراها كل ناظر، ولكن توجيه هذه الأوبة وتسديدها، والنصح لأهلها ولشبابها هو من أعظم ما ينبغي على من لديه شيءٌ مما يظن أنه ينفع الله تبارك وتعالى به في تصحيح المسيرة، وفي توجيه هذه الطريق إلى السداد، وإلى ما يرضي الله تبارك وتعالى، ولذلك فإنني أحب أن أتناول القضايا بمنتهى الإيضاح والتفصيل.
وموضوعنا هو: قضية العقل والعاطفة.
الله تبارك وتعالى خلق الإنسان مركباً من أمور، ومنها هذان الشيئان: العقل، والعاطفة، ومن نعمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على الإنسان أن النفس الإنسانية مرنة واسعة وأن الله شرع لها هذا الدين القويم، الذي يلبي احتياجاتها أياً كانت، وفي أي زمان وفي أي مكان، وبأي طبعٍ ركب في الإنسان أو جبل عليه.
أما العقل فهناك من يبالغ فيه، وهم الحكماء كما يسمون، فيجعلون كل الأمور بالعقل المحض المجرد، وهناك من يبالغ في العاطفة كالشعراء وأمثالهم، فيجعلون الأمور عواطف بحتة.
والحق أنه لا هكذا ولا هكذا؛ فالإنسان مزيج ومركب من مشاعر كثيرة.
وأقول هذا كمقدمة؛ لأننا لا نتنكر للعقل ولا نتنكر للعاطفة، وليس الأمر خياراً بين هذا أو ذاك، ولكن كيف نستطيع أن نوفق بين التصرفات المحكمة؟ بين تصرفٍ أفكر فيه وأستشير وأستخير ثم أعمل، وأيضاً مع ذلك أتوقع الخطأ، وأتابع العمل لئلا يقع فيه الخلل حتى ينتهي، وبين عملٍ يأتيني فأتدفق حماساً، وأفيض مشاعر وإقدام، فأعمل ما تمليه عليَّ العاطفة في تلك اللحظات الحاسمة، دون حسابٍ لأية عاقبة من العواقب.

كيفية التوفيق بين التصرفات المحكمة وما تمليه العاطفة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentID=2712) http://www.alhawali.com/myfiles/cart.gif (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.cart&function=add&item=2712|link)

أقول: هذه هي القضية، وهذه هي قضية الشباب، والعاطفة مطلوبة، ولا يمكن أن يقوم دينٌ ولا دعوة إلا بهذه العاطفة، والله تبارك وتعالى أنزل هذا القرآن، الذي فيه الشفاء والموعظة والعبرة، ومع ذلك فإن أقوى الحجج العقلية في كتاب الله تبارك وتعالى تصاغ بأكثر الأساليب إثارةً للعاطفة والوجدان، وهكذا عباداتنا كلها -ولله الحمد- عبادات تنمي في الإنسان جانب التهذيب الأخلاقي، والانضباط، والسلوك العقلي القويم، وفي نفس الوقت تنمي فيه الإيمان والإحساس، والمشاعر الوجدانية الإيمانية، وأيضاً تنمي فيه المعاملة والتعامل، فالكل شيء واحد.
لكن نحن الشباب نحتاج إلى أن نضبط أمورنا لتوافق هذا المنهج الرباني القويم، وإلا فإنه سوف يقع الخلل عندما يطغى أحد الجانبين على الآخر، وكلا الجانبين موجود، إما طغيان عقلي، أو قد يسمى علمي -وأنا أردت وتعمدت أن أقول هو عقلي- أو طغيان عاطفي.
والجانب العقلي هو أن تؤخذ القضايا دائماً بقوالب منطقية جامدة، أن تؤخذ مجردة عن المشاعر، وعن العواطف، فالأخ الذي يربي يربي وهو لا يتنبه لهذه الأمور، والأخ المتلقي يتلقى بعيداً عن هذه الأمور.
وأقول: لم تقم دعوة مجردة على الإطلاق من العاطفة الجياشة القوية، وقد كان في أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل في الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم العبرة في ذلك عندما يقوى هذا الجانب، ولكنه وجدانٌُ وعاطفةٌ قويمة مستقيمة.

أمثلة من حال الأنبياء (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentID=2713) http://www.alhawali.com/myfiles/cart.gif (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.cart&function=add&item=2713|link)

الخليل إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه يحطم الأصنام، ويجعلها جذاذاً إلا كبيرها، بهذه القوة، وبعاطفة الشباب المتحمس، لكنها قوة في الحق وبأسلوب سليم وبموقف قويم، حسب حسابه، وانتصر في النهاية، ولله الحمد، ولو أن هذا الفتى أو هذا الشاب كان مسايراً لوضعه ولعصره دون أن تحدث منه هذه التي عدَّها قومه طيشاً ونزوة، لما غيَّر شيئاً.

أمثلة من حال الصحابة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentID=2714) http://www.alhawali.com/myfiles/cart.gif (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.cart&function=add&item=2714|link)

وكذلك كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأصحابه إنما كانوا يواجهون هذه الدعوة، ويتحملون أعباءها بتلك القوة العاطفية الوجدانية، التي أخرجوا بها الناس من الظلمات إلى النور، كيف كانت شجاعتهم؟ وكيف كان إقدامهم؟ وكيف كان تعاونهم؟ وكيف كانت هجرتهم؟ لم تكن مواقفهم وثباتهم إلا نتيجةً لهذه العاطفة ولهذا الوجدان، ولكنه وجدانٌ إيمانيٌ منضبط.
وقد يقع أن تثور العاطفة، ولكنها أيضاً تضبط وتنضبط، وفي مواقف عمر بن الخطاب (http://www.alhawali.com/mystring&ftp=alam&id=1000033) رضي الله عنه الكثيرة المتعددة ما يبين ذلك، فمثلاً في موقفه يوم الحديبية (http://www.alhawali.com/mystring&ftp=amaken&id=3000023) ، عندما كاد أن يعترض على ما اتفق عليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقره مع الكفار: كان يقول: {يا رسول الله، ألسنا المؤمنين؟ أليسوا مشركين؟ فكيف نرضى الدنية في ديننا http://www.alhawali.com/tips.gif } ويصرخ ويضطرب ويتألم.
فهذه عاطفة إيمانية، وموقفٌ حميدٌ في أصله من حيث المنبع، لكن في إخراجه وفي كيفيته خطأ، ولهذا يقول بعد ذلك الموقف: عملت لذلك أعمالاً، حيث كان رضي الله تعالى عنه بعد ذلك إذا تذكر موقفه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الحديبية (http://www.alhawali.com/mystring&ftp=amaken&id=3000023) يتصدق ويعتق وينفق ليكفر عن ذلك الموقف.
وأيضاً موقفه من المنافقين، فالرجل الذي ترك التحاكم إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأراد أن يتحاكم إلى كعب بن الأشرف (http://www.alhawali.com/mystring&ftp=alam&id=1001089) أو إلى كاهن جهينة، كيف كان موقف عمر (http://www.alhawali.com/mystring&ftp=alam&id=1000033) رضي الله تعالى عنه منه؟ وأيضاً الرجل اليهودي الذي أراد أن يختبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليرى هل الصفات التي في التوراة موجودة فيه أو غير موجودة، فيأتي إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويشده شداً، ويجذبه جذباً، فيقول عمر (http://www.alhawali.com/mystring&ftp=alam&id=1000033) رضي الله تعالى عنه: {يا رسول الله! دعني أضرب عنقه http://www.alhawali.com/tips.gif }.
ومواقف كثيرة يقول فيها الفاروق (http://www.alhawali.com/mystring&ftp=alam&id=1000033) : { يا رسول الله! دعني أضرب عنقه http://www.alhawali.com/tips.gif } لكن ماذا حصل للفاروق (http://www.alhawali.com/mystring&ftp=alam&id=1000033) رضي الله تعالى عنه عندما أصبح هو الخليفة، هل ضرب عنق أحد بمثل هذه السرعة؟ إنما بذلك الموقف كان هيبة وقوة للدين، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هنالك، فإن فعل أمراً فبأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا نتيجة عاطفته هو واندفاعه، وإن لم يفعله حصل المراد، وهو الهيبة لهؤلاء المنافقين وأمثالهم، وحصل إظهار لعزة الدين ولمنعة المؤمنين، وفي نفس الوقت لم تحصل المفسدة التي لا يريدها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا مثال من أمثلة كثيرة.

2 - مفاسد العاطفة الغير منضبطة (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentID=1045) http://www.alhawali.com/myfiles/images/listen.gif (javascript: newWindow = openWin( 'index.cfm?method=home.ListenAudio&type=rm&action=listen&ContentID=1045', '', 'width=600,height=440,toolbar=0,location=0,directo ries=0,status=0,menuBar=0,scrollBars=0,resizable=0 ' ); newWindow.focus()) http://www.alhawali.com/myfiles/download3.gif (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.download&ContentID=1045) http://www.alhawali.com/myfiles/cart.gif (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.cart&function=add&item=1045|link)

لو وُظَّفت العاطفة توظيفاً صحيحاً، لاستطعنا - بإذن الله تعالى- أن نستفيد من وجودها في الشباب، طاقةً، وحيويةً، ونشاطاً، لو وظفت توظيفاً صحيحاً لاستطعنا بإذن الله تعالى أن نحقق المكاسب الكبرى منها دون أن تحصل المفاسد التي قد تقع، والتي سوف نتعرض لأمثلة منها.

مفسدة الاستعجال (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentID=2715) http://www.alhawali.com/myfiles/cart.gif (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.cart&function=add&item=2715|link)

ومن ذلك أيها الإخوة الكرام:
أن عاطفة الشباب دائماً تؤدي إلى العجلة، وهذه صفة كانت موجودة حتى في صحابة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنها تعرضت للانضباط كما أشرنا.
الصحابة رضوان الله تعالى عليهم عندما أتوا إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو نائم في ظل الكعبة فأخبروه عما فتنتهم به قريش، وغير ذلك من المواقف، قال لهم: {ولكنكم قوم تستعجلون http://www.alhawali.com/tips.gif }.
وأقول: إن العجلة هذه موجودة في الشباب، والعجلة في أصلها دليل خير، وعاطفة خير، -مثلاً- يستعجل الشاب في أن يتعلم حفظ القرآن في أقصر مدة، أو يريد أن يتعلم علم الحديث والرجال والأسانيد والمتون في أوجز مدة، بل ربما يقول البعض: أجمع هذه العلوم جميعاً، فأتخصص وأتبحر في القرآن وعلومه، أو في الحديث وعلومه، وأقوم بالدعوة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وبالتربية، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالإضافة إلى أعمال خاصة، مع رعاية الزوجة إن كان متزوجاً، أو الاشتغال بشأن الزواج، ويريد ذلك دفعة واحدة! وهذا من العجلة.
والحقيقة أنك تجده سنتين وثلاثاً وأكثر، بدأ بهذا الكتاب فلم يأخذ منه إلا الربع، وكتاباً آخر أقل منه، وآخر جزءاً يسيراً، ثم ترك هذا، ثم سمع عن هذا، ثم سمع بشيخ من المشايخ فذهب إليه، ثم لم يحصل له المراد، ثم سمع بشيخ آخر في بلد آخر، فسافر إليه، وانتقل من هذا إلى هذا، ثم ترك الكلية هذه إلى كلية أخرى، وإذا به في النهاية لم يحصل على الذي يريد، مع أن الأصل أن ذلك دافع خير، ولكن العجلة هذه إن لم تضبط فإن هذه هي نتيجتها، وقد حصل هذا لكثير من الشباب.
وهناك أيضاً عجلة في الدعوة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فالشاب كلما يتذكر -وأظن هذا الشعور مشتركاً- كيف كان عندما كان بعيداً عن الله وعن الاستقامة على دين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إن كان تارك صلاة فإنه يقول لنفسه: سبحان الله! كيف لو مت وأنا تارك الصلاة؟! كيف لو مت وأنا أشرب الخمر وأتعاطى المحرمات، أو أفعل الفواحش.. وأشياء تؤرق الشاب.
ولا شك أن المؤمن يؤرقه ذلك لمَّا يرى أن إخوانه في البيت أو إخوانه المسلمين يعانون مما كان يعاني، ويخاف عليهم مما كان يخشاه على نفسه، ويحمد الله الذي أنقذه منه ومَنَّ عليه، وإلا فقد كان كذلك من قبل، فيندفع بسرعة، ويريد أن يرى ثمرات الدعوة إلى الله عاجلةً سريعة -هذا أحد الأسباب- ويريد أن يدعو الناس فيستجيبوا.
يأتيني بعض الشباب، يقول: عندي والدي وأمي وإخوتي، وزميلي في العمل كلمته فلم يسمع، وكررت عليه عدة مرات وما سمع.. وهكذا، سبحان الله! ليست القضية "كم مرة" يا أخي! انظر كيف صبر أنبياء الله! وكيف صبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! ومتى يكون الوقت المناسب؟ وكيف يكون الأسلوب المناسب!
انظروا إلى عم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -أبي طالب (http://www.alhawali.com/mystring&ftp=alam&id=1000250) - ما كان يشك لحظةً واحدة في صدق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبداً، ولو شك ما حمى الدعوة، وما وقف معه، وما حوصر معه في الشعب، ولما تحمل الأذى والألم والتعب أبداً، لكن كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعوه ويبين له، حتى -كما تعلمون قصته- عند الموت، أراد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يموت عمه على الإسلام يقول: {يا عمِّ! قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله http://www.alhawali.com/tips.gif }، وصبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا مع الموالي والمحب للدعوة، ولكن لم يدخل فيها.
ومع الأعداء صبر أيضاً رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصبر الأنبياء من قبل، ويقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث المتفق عليه: {ورأيت النبي ومعه الرجل والرجلان، ورأيت النبي وليس معه أحد http://www.alhawali.com/tips.gif } سبحان الله! هل يستطيع أن يقول أحد: إن هذا من ضعف دعوة هذا النبي، عياذاً بالله! أو من عدم بذل الجهد، أو من عدم الحكمة في الدعوة، نبي يعطى الحجة من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويوحى إليه من الله وليس معه أحد! ونحن نقول: في الحي ما استجاب لي أحد، وفي البيت ما أطاعني أحد، فهذا عجيب!
والله تعالى قص علينا حتى في واقع البيوت عن امرأة نوح، وامرأة لوط، وابن نوح، وأبي إبراهيم، وذلك لنأخذ العبرة، نفس الشيء ونفس القضية، ونفس الصبر، ونفس المحاورة، كما حاور إبراهيم عليه السلام أباه كما في سورة مريم.
وهكذا يجب أن نعرف أن هذا طريق طويل، وأننا كلما صبرنا وتأنينا، وعرفنا كيف نخاطب من نواجه، فإن ذلك أجدر وأحرى أن يستجيب بإذن الله تبارك وتعالى، فإن لم يستجب فلنبق على الطريق نفسه، ولنصبر على الأذى، كما صبر أولئك الصحب الكرام، ولنحتسب عند الله تبارك وتعالى كل ما ينالنا ونتحمل؛ حتى يعلموا أننا ما أردنا لهم إلا الخير، وما أردنا لهم إلا النجاة من عذاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في الدنيا والآخرة.
لكن يحصل مع الاستعجال أشكال أخرى من التصرفات التي قد تلتصق أكثر بمسألة العجلة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو أن الإنسان ربما استعجل فتصرف بما لا ينبغي، فكانت نتيجة ذلك أن يصر صاحب المنكر على منكره، بل ربما تعاضد المجتمع معه على هذا المنكر، لأنه يرى هذا الشاب -بطريقة هوجاء أو انفعالية أو عصبية- يمس أمراً والمجتمع كله متعارف عليه، يقول: سبحان الله! كل الناس تفعل كذا، وكل الناس مقرة لهذا الشيء، والعلماء يعلمون ذلك وفلان يدري، وفلان ما أنكر، وفلان كذا، فماذا يريد هذا الشباب الذي أتى دفعة واحدة يريد أن يغير هذا المنكر؟! وهذا الشاب لم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا لتحرقه ولتألمه ولعلمه أن وراء هذا المنكر فسادٌ عظيم، ونقص في الخيرات والبركات، ووراءه فساد القلوب، ووراءه تخطيط أعداء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويعلم كثيراً مما لا يعلمون -لا شك- لكن كيف تنقل إليهم شعورك هذا؟
لا تنقله إليهم بأن تأتي فتحسم الأمر في لحظة واحدة ودفعة واحدة، وتقضي على هذا الشر وانتهى الأمر، ولو كان الأمر كذلك لكان الرسل والصحابة الكرام هم أجدر الناس بأن يفعلوه، وقد أراد ذلك الصحابة الكرام، لكن لا بد من حكمة، ولا بد من الأناة، والصبر.
وتعرفون قصة أبي ذر (http://www.alhawali.com/mystring&ftp=alam&id=1000214) رضي الله تعالى عنه لما أصر على أن يعلن إيمانه كيف ضرب! ولما بايع الأنصار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيعة العقبة (http://www.alhawali.com/mystring&ftp=amaken&id=3000857) ، قالوا: [[يا رسول الله! إن شئت ملنا على أهل الموسم بأسيافنا، فمنعهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ http://www.alhawali.com/tips.gif ]].
فالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمشي بخطى وئيدة ولكنها مدروسة -وهذا من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- نحن يجب علينا -أيضاً- أن نفكر وأن نجتهد، وإذا اجتهدنا وظننا أن هذا الأمر مدروس بفكرة، وحكمة، واستشارة، واستخارة، وأخطأنا فهذا من الله، وكل شيءٍ من الله، ولكن فرق بين هذا وبين أن نستعجل فنقع فيما لا خير فيه.
فالعجلة في التغيير وفي الدعوة إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، هذه هي نتائجها، ربما انقلب صاحب المنكر -الذي كان يمكن أن يقبل منك لو لاطفته ولاينته- عدواً لدوداً لأهل الحق حيث كانوا، بل ربما يستعجل شاب واحد، فيضيع الفرصة على آخرين كان يمكن أن يُسمع منهم.
صحيح أن بعض الإخوان يقول: يا أخي! الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متروك، ويكاد يكون مفقوداً في المجتمع، من قبل طوائف كثيرة من الناس، ونحن نحييه! نعم نريده أن يحيا، لكن يحيا بالبصيرة وبالحكمة، ولعلك إن بدأت شيئاً، يتم الله تبارك وتعالى ما بدأت على يد غيرك، أما أن تأتي به كله جملةً واحدة، تريد أن تضعه، فإن هذا مخالفٌ لسنة الله تبارك وتعالى.

مفسدة الخروج عن المألوف (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentID=2716) http://www.alhawali.com/myfiles/cart.gif (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.cart&function=add&item=2716|link)

وهناك -أيضاً- أمور مما يخطأ الشباب فيها، وهي من جانب العاطفة، والشكاوى منها كثيرة.
الشاب في حال ضلاله أو بُعده قبل توبته وقبل هدايته، يرى ما هو عليه -قبل أن يستقيم- أنه مألوف لدى أكثر الناس، وهذا في الغالب، فلما استقام أصبح غريباً، وأصبح متميزاً عنهم، ولا شك أن الحق متميز عن الباطل، وأن الطاعة متميزة عن المعصية، وأن المعروف متميز عن المنكر، لا شك في ذلك، ولا بد أن تستبين السبيل وأن تتضح.
فالنفاق والمداهنة ليست من دين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لكن إلى أي قدر يصل ذلك؟ وإلى أي حد؟ فيأتي الشاب وهو في هذا الشعور الجياش الفياض بالإيمان، فيُرى بعيداً عن كل ما مِنْ شأنه أن يشوب إيمانه أو يُعكِّر عليه هذه الاستقامة، فيعتقد قاعدة ترسخ في ذهنه، وهي أن الخروج عما عليه الناس وعما ألفوه هو الخير، فيظن أن الأصل في ديننا أن تخرج عما عليه الناس، والصحيح أن الأصل أن تخرج من الباطل إلى الحق، لكن هكذا يزين الشيطان.
فيبدأ الإنسان يخرج عن المألوف، ولا نقصد أنه خرج عن مألوف من يسمعون الأغاني، ويرون هذه المسلسلات الفاجرة، ويذهبون إلى الأسواق، ويسافرون، ويفعلون المنكرات، فالخروج من هذا المألوف إلى هذا المجتمع الطيب شيء جميل، لكن لا تقف العاطفة بالشاب عند هذا الحد، بل يدخل في القضايا العلمية، وهنا تكون المشكلة، مع وجود العلماء -والحمد لله- ومع وجود المفتين، ومع وجود المنهج العلمي، وإن لم يوجد في الواقع بالشكل الذي نريد لكنه موجود في الكتب.
مع وجود كل ذلك يأتي الشاب، فيخيل إليه من منطلق الخروج عمَّا ألفه الناس أنه لا بد أن يتصرف في أفعاله غير ما يفعلون، فالناس يسبلون الثياب، وهو قد تمسك بالسنة -والحمد لله- وترك هذا الفعل المحرم، فقصَّر الثوب، وهذا شيء عظيم، فهل يقف عند هذا الحد -مثلاً- لا، بل يريد أن يتميز عنهم في الصلاة، وهذا جميل جداً، فيرى الناس لا يخشعون في صلاتهم، ولا يضعون أيديهم حيثما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع يده، ولا يطمئنون، وغير ذلك مما هو موجود في المجتمع، فيطبق صلاته لتكون على السنة وإن خالفت الناس، وهذا جميل جداً، ثم يستنير بعد ذلك، فيدخله الشيطان، أو هذه العاطفة تأتي به فتوقعه في أمور أخرى، حيث يجتهد بعض الشباب فيها، وهي خارجة عن المألوف، وينسى مردودها في واقع الدعوة.
وبعض الشباب قد قرأ في صفة صلاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً صحيحاً أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زاد في التسليم على السلام عليكم ورحمة الله: (وبركاته)، وهذا طيب -والحمد لله- لأنه قد صح الحديث فيها، فذهب يصلي بالجماعة، فكيف يكون شعوره عندما وجد هذا ووجد أن الناس لا يفعلونه، وأن المساجد كلها لا تقول: وبركاته؟!
فيعزم على أنه لابد أن نحيي هذه السنة، فربما قد تأتيه مشاعر، ويقول في نفسه: نحن متى كنا نتبع آراء الناس؟ فلينكر من ينكر، وليغضب من يغضب، المهم أن يفعل هذا الشيء، إذا صح شيء عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فليذهب الناس إلى ما يريدون، لا يهمنا، المهم ما فعله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثم إنه صلَّى بهم الصلاة ثم سلَّم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم ورحمة الله؛ فيبدأ الناس يتهامسون في المسجد، وربما وُجد فيهم -من أصحاب البدع- من يقول: "أنا قلت لكم: هذا الولد -الإمام- يقول: إن المولد بدعة!".
أو ربما يكون هذا القائل صاحب ربا، يقول: "هذا الإمام يقول: إن التعامل مع البنوك ربا، وهذا كذاب، وانظروا كيف زاد في الدين، هذا هو الدين!! والبنوك موجودة من زمان، والعلماء رأوها، والناس أيضاً رأوها، وما تكلم أحد عنها، وهذا يحرم في آخر الزمان، وكل يوم يأتي بشيء جديد".
وإذا بالناس سبحان الله! ضجوا به، وإذا به يصيح بهم: يا جماعة! هذا الحديث صحيح، وهذا الكتاب، انظروا..! فيقولون: نحن نسمع الحرم كل يوم، ونسمع المساجد فلا أحد يقولها، فمن أين أتيتنا بهذا، وأدى بهم ذلك إلى أنهم لم يعد يسمعوه.
فلو تكلم أو قام وقرأ عليهم الآيات في الشرك، وهو أكبر ذنب عُصِيَ الله به، وأكبر قضية في القرآن قضية الشرك وتحقيق التوحيد، لو قام وتكلم فيها بعد ذلك لقالوا: هذا صاحب: وبركاته! فلا يسمعونه أبداً.. وهكذا، فيجعلون تلك الجزئية حجة لترك ما هو واضح الأدلة، ومعلوم ومشتهر كالشمس في رابعة النهار، فيقولون: اتركوه ولا تسمعوا منه، أمور تأتي والسبب فيها مثل هذه التصرفات وبسبب الخروج عن المألوف.
وأنا قلت: تخرج عن المألوف، ولم أقل العمل بالراجح أو المرجوح، فالمسألة هنا لا أعتبرها مسألةً علمية، قبل أن تبحث الحكم من الناحية العلمية في مثل هذه الأمور، انظر فعلاً إلى أثره، وإلى مردوده، أي: قبل أن تجتهد لتصل إلى خلاصة في هذه المسألة، انظر ما موقعه من دعوتك.
وأوضح أكثر ما أريد أن أقول: عندما أدعو الناس للاستقامة، وإلى السنة، وإلى الخير، فإن أول وأجدر ما يمكن أن أدعو إليه هو توحيد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهو أن يؤمنوا بالله، وأن يستقيموا على دين الله، وأن يعرفوا الله، وأن يتجهوا إلى طريق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وينصرفوا عن الشرك أو الضلالات الفكرية والانحرافات العقائدية والبدعية التي تنتشر بين الناس، هذه هي قضيتنا الأساسية، ثم بعد ذلك، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكرات، نجتهد في الدعوة إلى النهي عن المنكرات التي تلي ذلك وهي الفواحش المحرمة، وكل ما هو محرم، وبعد ذلك ندعو الناس إلى ترك المكروهات، ولا نعني بالتدرج هذا أننا نتكلم مع الناس فقط في التوحيد وترك الشرك إلى ما لا نهاية، ثم ننتقل بعد عشرين سنة أو مائة سنة إلى مرحلة أخرى، لا! إنما المدعو الذي عرف التوحيد وعرف الله، وانقاد لدين الله، ننصحه ونبين له المنكرات الأقل، فإذا انقاد أكثر، قلنا له: هذا من السنة، وهذا من الدين، وهذا من الفطرة.. وهكذا، فلا نبدأ بالعكس.
هكذا الأسلوب الصحيح في التربية، أما ذاك الذي لا يزال في أول الطريق فإننا نظل نخاطبه بما نقوله لمن هو في أول الطريق، لكننا أحياناً نعكس القضية.
فيجب علينا أن نحسب حساب تصرفاتنا وأنها محسوبة على هذه الدعوة، وما جاء رسول إلى قومه إلا واتهموه -صلوات الله وسلامه على رسوله وأنبيائه أجمعين- بأنه خرج عنها، وشذَّ عنها، وخالف ما كان عليه الآباء والأجداد، كما فعلت قريش لما أرسلت عمرو بن العاص (http://www.alhawali.com/mystring&ftp=alam&id=1000174) إلى النجاشي (http://www.alhawali.com/mystring&ftp=alam&id=1000259) -مثلاً- وذكر له أن جريمتهم أنهم خرجوا عما نحن عليه.
وهناك صفة اجتماعية معروفة في جميع المجتمعات، وهي أن المجتمع لا يحب من يخرج على وضعٍ قد ألفه، وإن كان هو قبل عشرين سنة لم يكن على هذا الوضع، وبعد عشرين سنة لن يكون على هذا الوضع، لكن هو يقبل التدرج البطيء في التغيير، ويرفض الطفرة والسرعة في التغيير.
فنقول: يجب أن نهتم بمثل هذه الأمور، نعم! نحيي السنن، لكن يجب أن نضع الشيء في موضعه، وأن نسأل أنفسنا متى نحييه ومع من؟ أنا أقوله لكم، إذا كنت في مدرسةٍ لتحفيظ القرآن -مثلاً- أو في مركزٍ من المراكز الطيبة، وفي مكان كلهم طلبة علم، يمكن أن تقول أو تدعو إلى بعض هذه الأمور أو تظهرها، لكن أمام العامة من الناس فإن الحال يختلف، فهناك فرق بين مقام التعليم أو مقام طلبة العلم وبين مقام العامة، وهذا كمسألة القراءات -مثلاً- وقد وقعت، ويسأل عنها البعض، هل نقرأ الآن القرآن بغير قراءة حفص (http://www.alhawali.com/mystring&ftp=alam&id=1001090) ؟
لو أنك في مدرسة تحفيظ القرآن، أو في مجتمع كلهم من الحفظة الذين يعرفون القراءات، فإنه لن يقول لك أحد من العلماء: حرام عليك أن تقرأ بأية قراءة من القراءات، لكن إذا عينت إماماً بين عامة، وذهبت تقرأ بغير القراءة المشهورة، ماذا سيكون مردودها وصداها؟! إنها سوف تسبب مفاسد كبيرة جداً، فبعض الناس لا يعرف القراءات أصلاً، ولم يسمع عن شيء اسمه قراءات، والبعض الآخر يسمع ويغالط نفسه، يقول: ليست قضية قراءات، لكن هؤلاء شباب شذاذ مبتدعون، يريدون أن يخرجوا عما نحن عليه، ويريدون ويريدون، ويكيل لك التهم الكثيرة.. وهكذا.
والأمثلة لا أحب أن استطرد فيها لكثرتها، ولكن لأنني أعاني منها أو من بعضها، أحببت أن أشير فقط إلى كيف أن العاطفة تغلب، وأن الإنسان يظن أنه بهذا العمل يخرج عمَّا ألفه الناس من الواقع المخالف، ولكنه يقع في مفسدة أكبر وأعظم.

أخطاء في مسألة الولاء والبراء (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentID=2717) http://www.alhawali.com/myfiles/cart.gif (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.cart&function=add&item=2717|link)

ومثل ذلك أيضاً عاطفة الحب، ونحن، نحتاج أن نحب في الله، وأن نوالي في الله وأن نعادي في الله، ولولا ذلك لما كنا مؤمنين حقاً، فهذه فضلها عظيم، ودرجتها عالية، كما نص على ذلك بعض العلماء، فقالوا: 'أعظم قضية بعد التوحيد ونبذ الشرك في كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هي قضية الموالاة والمعاداة' الموالاة في الله والمعاداة فيه، لكن كيف يكون التطبيق؟ وكيف يطبقها الشباب؟
هنا تدخل العاطفة وتطغى حتى ينسى الإنسان الأصل الذي منه انطلق، بعض الشباب يحب شيخاً -مثلاً- أو عالماً أو داعيةً -معاصراً أو قديماً- ويوالي في ذلك حتى يصبح أشد من المتعصبين المذهبيين، واسمحوا لي أن أقول هذا، أي: لو سمعت أحدهم يقول: أنا شافعي، أو أنا حنفي، فإن بعض الشباب يكاد ينفجر فيه، ما هذا التعصب؟ نحن نتبع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن هذا الشاب نفسه يحب شيخاً قديماً أو حديثاً، ويذهب به الإعجاب كل مذهب، حتى أنه لو نسب إلى الشيخ قول وهو ما قاله، قال هذا الكلام صحيح، ما دام الشيخ قاله، وهو في الحقيقة لم يقله، إنما نسب إليه، فإذا قيل له: الشيخ يقول غير ذلك، قال: فهو كما قال، ويرجع إلى قوله الثاني.
إذاً وماذا تنقم أنت على المقلدين؟ وماذا تأخذ عليهم؟ وإذا بك تخرج وتشتط، وتقع فيما تحذرهم منه وتزجرهم عنه، ولو أننا جعلنا هذه العاطفة منضبطة لأحببنا كل العلماء، وكل الدعاة، وكل المصلحين الداعين إلى الله تبارك وتعالى، وأخذنا من هذا، ومن هذا، وسددنا وقاربنا، واستفدنا من الجميع، ولم نبالغ، ولم نغلُ في أي أحد منهم.
كذلك فيما يتعلق في معاملتنا -نحن الإخوة- مع بعض، بعض الإخوة يحب البعض الآخر حباً شديداً جداً، يخرج أحياناً عن كونه حباً في الله -الأصل أنه في الله إن شاء الله- يخرج حتى يصبح محبة في ذات الشخص، فيريد أن يراه وأن يجلس معه وأن يعيش معه هكذا، وربما غلب ذلك، وغطَّى على بعض الحقوق التي هي على هذا الأخ المحب لأهله وزملائه الآخرين، وربما أدَّى هذا إلى بغضاء وعداوة وشحناء بين الإخوة الشباب المجتمعين في مدرسةٍ، أو في دعوةٍ، أو في عملٍ من أعمال العلم والخير، بسبب هذا الغلو، والذي يحصل من أحد الإخوة، وقد يقابله الآخر بغلوٍ معاكس، والعاطفة -عموماً- هي ثورة وانفجار، وقد تؤدي إلى الخير، ولكن قد تقذف أحياناً بما قد يؤدي إلى العقوبة المذمومة.
فكذلك نقول: إن عاطفة الحب يجب أن تضبط ضبطاً محكماً قوياً، ونحن -أيها الإخوة في الله- لسنا كمشجعي الكرة، واسمحوا لي إذا قلت هذه العبارة، فلا نريد أن نتحول إلى ما يشبه عمل المشجعين، كل طائفة تشجع شخصاً، كما أنهم يشجعون فريقاً ويتعصبون له.

بــنــــدر
02-20-2011, 07:15 AM
يعطيك العافيه اخوي مغادر

ضجيج الصمت
02-22-2011, 02:35 AM
يعطيك العافية اخوي مغادر
واسمح لي بنقله للارشيف لانه مكرر