المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عن الثلج والكريسماس وأشياء أخرى


بو قحطان
05-14-2008, 03:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف يسع الأبيض أن يغدو هكذا رمزاً للرهبة وللخطر الكامن؟ ندف الثلج المتساقطة توحي بالسلام فقط من وراء زجاج النوافذ المزدوج وأكواب الشوكولا الساخنة بين أكفنا.http://i129.photobucket.com/albums/p222/Rikku_018/1aaax_mas.jpg
هنا في (كندا).. حيث القطب الشمالي ذاته هو جزء من المياه الإقليمية، ينتابك إحساس كاذب بالتفرد والمغامرة فيما تتأهب قدماك للغوص في المسحوق السماوي الأبيض.
الثلج ظاهرة غربية خاصة بـ “الآخر”. هكذا هي القناعة المترسخة في لاوعينا. قناعة لا تلبث أن تنسفها (فيروز) بالذات حين تنشد “تلج.. تلج”.
الشتاء هنا له تعريف آخر مختلف. يتجاوز حد الالتحاف بـ (الفروة) والسهر على طقطقة حطب النار الليلية. مواجهة البرد –ومشتقاته- تتحول بغتة لمسؤولية معرفية قد تعتمد عليها حياتك ذاتها. الآن صرت تعرف عن (الجليد الأسود). صرت لا تمزح وسيارتك تحبو فوق الطرقات الزلقة. تتذكر ألا تفرك وجهك بقوة، وبالذات إذا وصلت درجة (البرودة) للثلاثين تحت الصفر، لأن أرنبة أنفك قد.. تنكسر!http://home.comcast.net/~cfitz771/pics/christmas_anime.jpg
بعض المعلومات العامة في هذا الصدد شيقة بحق. لا توجد بلورتا ثلج متشابهتان أبداً. حبات الماء تتجمد في السماء على شكل نجوم كريستالية. ليست هناك.. بين بلايين وبلايين الكريستالات المنهمرة من السماء نجمتان متطابقتان. كل ندفة ثلج هي مخلوق مطلق التفرد والتميز.. لا يلبث أن يلامس الأرض وينصهر بين الجموع.. كي يذوب ويفنى. مقاربة جد واقعية للحالة الإنسانية.
* * *
واجهة منزلي تبدو كثقب أسود وسط مجرة مفعمة بالنجمات الوماضة. يسألني الجيران.. من باب العلم بالشيء.. إن كنت أحتفل بـ (الكرستماس) في موطني. أجيبهم في تخابث “ليس تماماً”.. أوليس هذا احتفاءاً بمولد آخر؟ أرمق الزينات المتلألئة على أبوابهم وأسوارهم وأعدهم في سري باحتفالية مميزة وقت (العيد الكبير).http://badger11.files.wordpress.com/2006/12/rozenmaiden.jpg
أفكر بأكثر المواقع ملاءمة لتعليق الجثمان المسلوخ للخروف العظيم الذي سأضحي به وأنكسه بفخر حتى يتدلى لسانه ويروي دمه أسفلت الحارة. هكذا سيفهم هؤلاء الصبية الشقر الذين صار ابني يلعب معهم (الهوكي) في الشارع.. سيفهمون أي متعة تحفل بها أعيادنا نحن. فكرة ذكية؟.. ربما ليست تماماً!
لكن الاختلاف ليس على ذاك القدر. باستثناء الخلفية الثقافية يظل الجوهر الاجتماعي للمناسبة واحداً.. ثمة اجتماع عائلي في الموضوع.. بكل تعقيداته وأعراضه الجانبية. الأمهات هنا أيضاً يركضن ليلة العيد ليظفرن بآخر زوج أحذية مناسب لأطفالهن كي يبدو هؤلاء (سعداء) ومنعمين أمام الأقارب والأصدقاء. الناس هنا أيضاً تستقبل صباح (العيد) بوجوه مكفهرة وأعصاب أتلفها البحث والإنفاق على أكوام من الهدايا والمستلزمات.. الغير ضرورية بالمرة!
* * *
على غلاف تلك المجلة تشد انتباهك صورة أنثى (القندس) المحجبة! هذا الحيوان القارض المتواجد حصرياً هنا.. والذي يكاد يرمز لهذه الدولة بالذات. خبرتك بهذا الكائن قد لا تساعدك على التفريق بين ذكره وأنثاه من أول نظرة. لكنك تفترض أنهم ماداموا قد ألبسوا واحداً منه حجاباً.. فلابد أن تكون أنثى في نهاية المطاف!http://badger11.files.wordpress.com/2006/12/suiseiseki.jpg
عنوان الغلاف: “يعيشون بيننا فمتى سيعيشون معنا؟” في مونتريال وحدها يعيش نحو مائة ألف لبناني. الحكومة الكندية أنفقت 85 مليون دولار لإجلاء رعاياها من لبنان وقت الحرب الأخيرة. نصف هؤلاء عادوا لجبال الأرز ما أن توقف إطلاق النار! الكنديون صاروا يسمون بلادهم “أكبر فندق في العالم”.. وهي كذلك بالفعل.. شكراً للقباطنة (كولومبوس)، (كابوت) و (كارتيير)!
لكن اللبنانيين لا يمثلون شرخاً حقيقياً للنسيج الاجتماعي هنا. أنثى القندس تلك لم تكن تعرض بهم هم.. فلنتكلم عن هذا الموضوع لاحقاً.
* * *
الواقع أن الثلج تأخر كثيراً هذه السنة. ثمة بقاع لم تتشح بالبياض حتى الآن ما يتنافى بشدة وأبسط قواعد (الكرستماس). الخريف أيضاً كان غريباً هذا العام حيث شهد الساحل الغربي هنا معدلات أمطار غير مسبوقة. والتبرير الجاهز على كل لسان هو “الاحتباس الحراري”.. أو تأثير “الدفيئة”. ما يدفع بغصة خفيفة لحلقك أنت بالذات!http://www.pimpmyarea.com/images/xm_menu_16.jpg
ظاهرة الاحتباس الحراري راجعة لزيادة معدلات الغازات في الجو. هذه المسؤول عنها هو الانبعاث المجنون للأدخنة السامة من المصانع والسيارات التي تعمل أساساً على الوقود الأحفوري.. النفط بلغة أخرى.
ولما كانت بلادك أنت هي المنتج الأول لهذا القار الأسود. فقد حق لك أن تكون متهماً أول بإفساد متعة الصبية وبمنع الثلج وحبس القطر من السماء.. أو حتى زيادة معدلاته!http://www.pimpmyarea.com/images/xm_menu_16.jpg
إنها لعنة النفط.. تطاردك هنا أيضاً على تخوم القطب الشمالي.

وشكراً لكم ...
ولا تنسو الردود...