المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لعبة الدولار و العملات الورقية


eshrag
07-10-2011, 04:50 AM
لا يكاد يمر يوما على العالم إلا و يزداد فيه بعد الغالبية العظمى من الناس عن حقيقة الثروات الاقتصادية التي بين يديهم. العالم يعيش حالة مظلمة من الفقر الاقتصادي و هم يظنون أنهم يحسنون صنعا. هذا الظلام لن يطول كثيرا و لا بد يوما ما أن ينقشع لتظهر الحقيقة الجلية واضحة كوضوح الشمس.

لعبة الدولار و جميع العملات الورقية لعبة شارفت على النهاية.

لنعود إلى الوراء قليلا لنتأمل في مجريات التاريخ بلمحة خاطفة.

منذ مئات السنين و حديثا مع بداية عام 1800 كانت الثروة الحقيقية و العملة الرئيسية التي يتعامل بها البشر هي الذهب بمختلف فئاته و أشكاله.

كان الذهب عملة حفظ الثروة

كما كان عملة التداول بين البشر في تجارتهم في السلع و الخدمات

و أيضا كان عملة العد النقدي

المعلوم أن الحضارة الإسلامية اضمحلت أنوارها في هذه الفترة و تصدر الغرب قيادة العالم علميا و حضاريا و ثقافيا. استهلاك الغرب للثروات الطبيعية المتوفرة حول العالم بدأ ينمو بشكل مطرد و لم تعد كافية لهم مواردهم المحلية في بلادهم فاتجهوا إلى غزو العالم شرقا و غربا, شمالا و جنوبا.

تقاسمت أوروبا الغنية بالمعرفة و الصناعة و القوة فيما بينها موارد العالم فانتشر الاستعمار في شتى بقاع الأرض من قبل الدول الغربية و هذا معروف للجميع. و أهم مقومات الاستعمار التي كانوا يحتاجونها هي قوة الآلة العسكرية التي تمكنهم من إخضاع العالم قهرا تحت سيطرتهم فدأبوا على تطوير هذه الآلة العسكرية بشكل مذهل لكي تدعم أهدافهم الاستعمارية حول العالم. و لكن كان هناك ثمن لهذه القوة ألا و هي القوة البشرية. فلا حرب و لا استعمار بدون أن تكون هناك تضحيات بشرية من قبلهم كثمن عليهم دفعه من أجل تحقيق أهدافهم.

الهدف الأسمى من الاستعمار الغربي للعالم هو من أجل نهب الثروات الطبيعية للدول المستعمرة و إعادتها إلى بلادهم ليقوموا باستهلاكها في تنمية قوتهم الاقتصادية و الاجتماعية و العسكرية.

العالم في نظر الغرب لم يكن سوى منطقة عذراء و خصبة و غنية بالثروات الطبيعية و ظنوا أنها موجودة في الكون لخدمتهم فقط. أما سكان البلاد المحتلة من قبلهم فهم ليسوا بأغلى من أي قطيع غنم في نظرهم.

العملة الرئيسية للتداول و حفظ الثروة و العد النقدي كان الذهب بصفة أساسية و الفضة كفرع من الذهب. من لا ذهب له كان في نظرهم فقيرا ماديا.

مع اكتشاف أمريكا من قبل أوروبا الغربية بدأ النزوح الأوروبي باتجاه الغرب الأقصى منهم و استعمرت القارة الأمريكية من قبل الأوروبيين المتمرسين في غزو و استعمار العالم و تم القضاء بشكل كبير على أي نفوذ أو ثروة كان يملكها سكان القارة الأمريكية الأصليين أي من كانوا يسمون بالهنود الحمر و استعمر الأوروبيين الغزاة القارة بأكملها و بعد أن قويت شوكتهم الاقتصادية و العسكرية انقضوا ثائرين على وطنهم الأم (أوروبا) و "حرروا" أنفسهم من سيطرة القارة الأوروبية الأم و كونوا كيان جديد بما يعرف اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية.

ركز الغزاة الأوروبيين للقارة (و دعونا من الآن نسميهم بما سمو أنفسهم به أي الأمريكان) على اكتشاف و نهب ثروات القارة العذراء من سكانها الأصليين من أجل بناء هيكل اقتصادي و عسكري ضخم ينافس أجدادهم الأوروبيين. اكتشفوا الذهب في غرب القارة و مناطقها المختلفة و نزحوا من أجل البحث عن الذهب غربا. و أصبحت لديهم مقولة مشهورة (اذهب غربا يا فتى) من أجل الثروة. كما اكتشفوا النفط في بلادهم و أحدث النفط لديهم ثورة صناعية هائلة مكنتهم من التقدم في بناء الهيكل الاقتصادي و العسكري الذي يحلمون به.

ظن الأمريكان أن ثرواتهم في قارتهم ستكفيهم للعيش بعيدا عن الحاجة للعالم. ذهب, بترول, زراعة, صناعة, الخ.. و ساعدتهم عزلتهم على بناء "كيانهم الهدف" بعيدا عن صراعات العالم.

عندما بدأت عملتهم الدولار الأمريكي بالظهور اقتصاديا في قارتهم كان أساسها الذهب بل كانت في بداية الأمر تمثل الذهب الذي كانوا يودعونه في مصارفهم و يحصلوا على قسائم إيداع من المصرف كدليل فقط أن المودع لديه كمية معينة من الذهب. و مع مرور الوقت و استتباب الأمن نوعا ما و تعود الناس أن يتركوا ذهبهم في المصارف بدلا من تعرضهم لخطر السرقة فأصبحوا يتداولون السندات الورقية الصادرة من المصارف فيما بينهم لقضاء حاجاتهم الاقتصادية.

من هنا نشأت فكرة المصارف و الأوراق المالية كعملة تداول و حفظ للثروة. حيث أن أي شخص كان يرغب في تخزين ثروته في بيته أو يرغب في الانتقال إلى بلد أخرى في القارة كان يذهب للمصرف و يحصل على الذهب الخام حسب ما تشير إليه الورقة التي معه و يرحل.

الورقة النقدية كانت هي الذهب بعينه و لم تكن سوى مستند يثبت ملكية الشخص للذهب المودع في المصرف.

من هذه الورقة النقدية نشأ الدولار الأمريكي و خاصة بعد أن توحدت القارة عبر معارك عديدة طاحنة تحت كيان فيدرالي موحد كما نعرفه اليوم.

بدأ شأن الدولار يعلوا و وصلت سمعته إلى القمة حول العالم استنادا على سمعة دولته الفدرالية التي كانت تنمو اقتصاديا بشكل رائع مما زاد من حدة هجرة البشر من جميع أنحاء العالم إلى دولة "الحرية و الفرص الاقتصادية" الأولى عالميا "أمريكا".

نختزل الوقت لكي لا نكرر معلومات معروفة للجميع و لا تصب في الهدف من هذا الطرح.

مع مرور الوقت بدأ يظهر لأمريكا أن الثروات الحقيقية حول العالم وضعها الله سبحانه و تعالى في العالم الإسلامي بشكل أساسي أو بطريقة أخرى في دول يقطنها مسلمون بالأغلبية. كما بدأت أمريكا بملاحظة أن ثرواتها الطبيعية في بلدها قاربت على مشارف النقص الحاد نتيجة استهلاكهم المنقطع النظير لهذه الثروات من أجل ارتقاءهم اقتصاديا ليتمكنوا من الاستمرار في صدارتهم للعالم.