المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الــــوداع .. لابراهيم ناجي شاعر الاطلال


طمطم22
04-19-2007, 11:09 AM
الــــوداع ..

لابراهيم ناجي ( شاعر الاطلال )

حان حرماني وناداني النذيـرْ
ما الذي أعدّدْتُ لي قبل المسيرْ
زمني ضـاع ومـا أنصفتنـي
زاديَ الأولُ كالـزاد الأخـيـرْ
ريّ عمري من أكاذيبِ المنـى
وطعامي من عفـافٍ وضميـرْ
وعـلـى كـفِـك قـلـبٌ ودمٌ
وعلـى بابِـك قيـدٌ وأسيـرْ!
حانَ حرماني فدعني يا حبيبي
هذه الجنةُ ليستْ من نصيبـي
آه مـن دارِ نعـيـمٍ كلـمـا
جئتها أجتازُ جسراً من لهيـبِ
وأنا إلفـك فـي ظـل الصِّبـا
والشباب الغضِّ والعمرِ القشيبِ
أنـزلُ الربـوةَ ضيفـاً عابـراً
ثم أمضي عنك كالطيرِ الغريبِ
لِمَ يا هاجرُ أصبحـتَ رحيمـا
والحنانُ الجمُّ والرقـةُ فيمـا؟!
لِم تسقينيَ من شهـدِ الرضـا
وتلاقينـي عطوفـاً وكريـمـا
كلُّ شيء صار مرّاً فـي فمـي
بعدما أصبحتُ بالدنيـا عليمـا
آه مـن يأخـذُ عمـري كلَّـه
ويعيدْ الطفلَ والجهلَ القديمـا!
هل رأى الحبُّ سكارى مثلنا؟!
كم بنينا مـن خيـالٍ حولنـا!
ومشينـا فـي طريـق مقمـرٍ
تثـبُ الفرحـةُ فيـه قبلنـا!
وتطلعـنـا إلــى أنجـمـه
فتهاويـن وأصبـحـنَ لـنـا!
وضحكنا ضحك طفليـنِ معـاً
وعدونـا فسبقـنـا ظلـنـا!
وانتبهنا بعد مـا زال الرحيـق
وأفقنا. ليـتَ أنـا لا نفيـقْ!
يقظةٌ طاحت بأحـلامِ الكَـرَى
وتولّى الليلُ، واللَّيْـلُ صَدِيـقْ
وإذا النُّـورُ نَـذِيـرٌ طَـالـعٌ
وإِذا الفجـرُ مُطِـلٌّ كالحَرِيـقْ
وإذا الدُّنيـا كـمـا نعرفُـهـا
وإذَا الأحْبَابُ كلٌّ فـي طَريـق
هاتِ أسعدْني وَدَعْني أسْعـدُكْ
قَدْ دَنا بعـدَ التَّنائـي مـوردُكْ
فأذقنـيـه فـإِنـي ذاهِــبٌ
لا غدي يُرجَى ولا يُرجَى غدُكْ
وا بلائـي مـن ليالـيَّ التـي
قرَّبَتْ حَيْني وراحَـتْ تبعِـدُكْ!
لا تَدَعْنـي للَّيـالـي فـغـداً
تجْرَحُ الفُرْقةُ ما تأسـو يَـدُكْ!
أزف البينُ وقد حـان الذّهـابْ
هذه اللَّحظةُ قُدَّت مِـن عَـذَابْ
أزف البينُ، وهل كان النَّـوى
يا حبيبي غير أن أغْلق بابْ ؟!
مَضتِ الشّمْشُ فأمسيـتُ وقـد
أغلقت دونيَ أبوابُ السَّحـابْ
وتلـفَّـتُّ عـلـى آثـارِهَـا
أسْألُ اللَّيْلَ! ومَنْ لي بالجوابْ؟!