المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماالذي يخرجك من الايمان


s9c9
04-25-2007, 04:01 PM
ماالذي يخرجك من الايمان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما الذي يخرج الانسان من الإيمان؟

محمد حسين فضل الله
جاء في الحديث عن الإمام جعفر الصادق (ع),أن العبد :
"يخرج من الإيمان بخمس جهات من الفعل,كلها متشابهات معروفات".
هذه الجهات هي:
"الكفر",الذي يزيل القاعدة الإيمانية في وجود الله وفي توحيده,
وفي النبوة في خط الرسالة واليوم الآخر.
"والشرك" في إنكار التوحيد لله بالإشراك به غيره,
"والضلال" بالانحراف عن الخط المستقيم في العقيدة والشريعة.بحيث
يخرج بذلك من الانفتاح على المسؤولية الإيمانية في الطاعة والعبادة.
"وركوب الكبائر",باعتبارها المعاصي التي لاتنجسم مع خط التقوى الذي
لابد للمؤمن من السير عليه,والأخذ بما يفرضه من الوقوف عند حدود
الحرام مما نهى الله عنه.

وفي الحديث عنه (ع):
"أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان,أن يؤاخي الرجل على دينه,
فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوماً ما",أي ليعيره بها يوماً ما.

إن علاقة المؤمن بالمؤمن مرتكزة على أساس
رابطة الأخوة الإيمانية التي عقدها الله بين المؤمنين
في قوله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة),
بما تفرضه هذه الأخوة من السلوكيات الأخلاقية الإنسانية
التي أكدها الإسلام في منهجه الأخلاقي,الأمر الذي يجعل المؤمن أميناً على حياة أخيه المؤمن,
وعلى كرامته في أوضاعه العامة والخاصة,ومحافظاً
على ما يطلع عليه من أسراره الخفية وعيوبه المستورة,فلا ينطلق في علاقته معه من موقع النية السيئة,
ليستغل ذلك في القيام بعملية!صائية لعثراته وزلاته,ليسجلها عليه في ذاكرته أو في دفتره,
حتى إذا تحولت العلاقة الأخوية الى علاقة مضادة سلبية,

استذكر ذلك في عملية إثارة تشهيرية في التعريض به بين الناس,أو في تعييره,أو في تعنيفه ومواجهته
بالإساءة من خلال إبراز تلك العثرات والزلات,
الأمر الذي ينحرف بالالتزام الديني الإيماني عن قيمته الروحية وموقعه الشرعي,فيخرج بذلك من الإيمان,
ويبتعد عن العنصر الشرعي من جهة,والجانب الإنساني من جهة أخرى.

وفي الحديث عن رسول الله (ص):
"أدنى الكفر أن يسمع الرجل من أخيه الكلمة فيحفظها عليه يريد
أن يفضحه بها,أو لئك لاخلاق لهم".
إن من أصول الأخلاق الإيمانية,أن يحفظ المؤمن أخاه المؤمن من خلال حفظ إنسانيته بين الناس,
فلا يستغل نقاط ضعفه التي قد تتمثل في فلتات لسانه,فيحولها الى فضيحة أخلاقية بهدف إسقاطه في المجتمع,
فإذا صدر منه شيء من هذا القبيل,فإن ذلك يوحي بخروجه من الإيمان,واقترابه من الكفر في مظهره
العملي,لأن الكافر أخلاقيته العدوانية تجاه الآخرين,ولاسيما من المؤمنين,التي تختلف عن أخلاقية المؤمن الحافظة للعلاقات الإنسانية.

وفي الحديث عن الإمام جعفر الصادق (ع),
وقد سئل :ماأدنى ما يكون به العبد كافراً؟ قال :
"أن يبتدع به شيئاً,فيتولى عليه,ويبرأ ممن خالفه".إن خصوصية الكفر في الالتزام
الفكري,هي أن تلتزم في ذهنيته بالفكرة
التي تخالف الحق وتبتعد عن الإيمان,لأن ذلك يوحي بأنه لايملك
الانفتاح على الحقيقة في التزاماته الثقافية.
وهذه أول درجة من درجات الكفر الذي يرتكز على رفض عناصر الإيمان في الأمور كلها,لأن من
يرفض بعض الحقيقة,سوف يمتد به الموقف الى رفضها كلها...

ونلتقي – في هذا المفهوم – بحديث آخر للإمام جعفر الصادق (ع),
وقد سئل :
ما أدنى مايصير به العبد كافراً؟ فقال:"أن يقوم لهذه الحصاة إنها نواة ويبرأ ممن خالفه على ذلك".

إن القضية هي أن يتغير تصوره للواقع,فيلتزم بعكسه في التزامه الذاتي,مايوحي بأنه لاينفتح,في مفهومه عن الأشياء,
على العنصر الحقيقي لها,بل يعيش الانقلاب في الصورة الواقعية,
مايفسح في المجال لإعطاء الانطباع بأنه ليس متوازناً في نظرته الى الأمور,
بما في ذلك الخطوط الإيمانية التي لايملك معها الشخصية المتوازنة التي تدقق في عناصر الفكرة
وامتداداتها,فيكون أقرب الى الكفر وأبعد عن الإيمان.
إن القضية ليست قضية خصوصية الفكرة في علاقتها بقضية الكفر والإيمان في المضمون العقيدي,
بل في الخلفية الثقافية التي تلتزم بالصورة العكسية للواقع في أسلوب التفكير ونتائجه في عقيدته التصورية,
لأن المطلوب من الإنسان المؤمن,الانفتاح الدقيق على الحقيقة في مصادرها ومواردها,والبعد عما يخالفها.

وفي حديث آخر عن الإمام جعفر الصادق (ع):
"أدنى مايخرج به الرجل من الإيمان,أن يجلس الى غال,فيستمع الى حديثه,ويصدقه".


إن الالتزام الصادق للمؤمن,يتمثل في رفض كل مايتنافى مع العقيدة الإيمانية,ومن ذلك,رفض الغلو في الدين,
في خطوطه السلبية المنافية للتوحيد الإلهي,بإعطاء المخلوقين من الأنبياء والأئمة والأولياء صفات الخالق
في العلم والقدرة والخلق والموت والحياة,مما درج الغلاة على الاعتقاد به,والالتزام بمضمونه,
مع بعض الاضافة الى ذلك بأنه بإذن الله,فإذا جلس المؤمن الى بعض هؤلاء الغلاة,واستمع الى أحاديثهم في الغلو,
وصدقهم في ذلك,كان موافقاً لهم ومنسجماً مع أفكارهم,
وبذلك يخرج من الإيمان من خلال هذه المجاملة الفكرية الموحية بالرضا,
حتى لو كان باقياً على القاعدة الإيمانية في التزاماته الدينية.

وإذا كان الحديث الصادقي يؤكد الغلو في استماع المؤمن للغالي,فإنه يشمل كل فكر يختلف مع فكر الإيمان
في عناصره العقيدية,لأن المطلوب من المؤمن,أن يملك الصفاء في إيمانه,بحيث لايدخل
فيه أي فكر يبتعد عن الحق في العقيدة أو في الشريعة.