المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلماء يهتفون‏:‏ يسقط الحجر‏..‏ العشاق يغنون‏:‏ يحيا القمر‏!.. انيس منصور


طمطم22
06-25-2007, 12:50 PM
العلماء يهتفون‏:‏ يسقط الحجر‏..‏ العشاق يغنون‏:‏ يحيا القمر‏!

http://shabab.ahram.org.eg/Ahram/2003/9/1/ANEES.jpg

أنيـــــس منصور


يوم أمسك العالم الفلكي الايطالي جاليليو جهازه المقرب ونظر إلي القمر‏,‏ كان ذلك هو اليوم الذي سقط فيه عرش القمر‏..‏ فقد رأي بعينه ان وجه القمر مليء بالحفر والمطبات‏..‏ وانه مثل الأراضي الصحراوية‏..‏ وان هذا الذي أصاب وجهه الجميل ليس الإ حجارة سقطت من السماء فحطمت وجهه‏..‏ وان هذه الفتحات ليست إلا براكين قد اشتعلت من ملايين السنين وخمدت‏..‏ فالقمر ليس إلا أرضا صغيرة تدور حول الأرض‏..‏ وان الضوء الذي يشع منه‏,‏ ليس إلاضوء الشمس قد فاض عليه فانكسر علينا‏..‏

يومها سمحت الكنيسة لكل الناس بأن ينظروا بتلسكوب جاليليو‏..‏ ويروا ان القمر ليس حجرا سماويا‏..‏ وأنه لا إله إلا الله‏..‏ فلا القمر اله ولا الشمس‏..‏ ويومها أحس الناس ان جاليليو هذا العالم الفلكي قد أرسلته العناية الالهية لتدعيم عرش السماء‏..‏ عرش الله‏..‏

وفجأة انقلبت الكنيسة والناس علي هذا العالم الفلكي لأنه هدم ركنا من أركان الجمال المقدس‏..‏ لأنه جعلهم يبصرون إلي السماء باستخفاف‏..‏ جعلهم يناطحون السماء‏..‏ ولايستبعدون ان يتحطم القمر وينزل علي رؤوسهم مليون قطعة‏..‏ بل حدث في أيام جاليليو ان قامت راهبة تصرخ من عز النوم وتقول‏:‏ ان القمر قد تسلل من النافذة واغتصبها ثم ترك هذا الدليل‏!!‏

أما الدليل علي ذلك فكانت أثار أسنان قد انفرست في كتفيها‏!!‏

وواحدة أخري انهارت تهذي وتقول‏:‏ إنها رأت القمر قد انطبق علي الأرض فاظلمت الدنيا وارتفعت الأمواج‏,‏ حتي جاءتها موجة اسقطت سريرها وبللت ملابسها‏!‏ وغيرها من الحوادث التي تؤكد للناس ان القمر ذلك الامير الجميل قد يسقط‏..‏ ويجب ان يسقط من عرشه‏!‏

ولاحظ علماء الفيزياء ان القمر هو المسئول عن اضطراب أمواج البحر‏..‏ فإذا ارتفع القمر في السماء‏,‏ سحب معه مياه البحر‏..‏ فكان المد‏,‏ وإذا غاب انحسر الماء‏...‏ والسبب هو أن جاذبيه القمر تسحب المسطحات المائية ناحيته‏..‏

وقد لاحظ الناس من أقدم العصور ان شيئا ما يحدث اذا ما ارتفع القمر‏..‏ اذا أضاء وبعد ذلك أظلم‏..‏

ومن أساطير الشعوب القديمة ان برج بابل قد اسقطه القمر‏..‏ والأسطورة تقول ان الناس كانوا يعيشون جميعا في قرية واحدة‏..‏ وفجأة قرروا ان يقيموا لهم برجا عاليا من عدة طبقات‏..‏ وفي كل طبقة تعيش عائلة‏..‏ تأكل وتشرب وتفكر في اقتسام العالم فيما بينها‏..‏ فالقرية لم تعد تتسع لهم جميعا‏..‏ وفي إحدي الليالي اتفق الجميع علي رأي واحد هو ان يجعلوا القمر يثبت في مكانه في السماء‏..‏ فهم يتضايقون من الأشكال التي يتخذها‏..‏ فمرة هلالا ومرة نصف هلال ومرة بدرا ثم بعد ذلك محاقا‏..‏ ثم يدخل القمر أحضان الشمس فيكون لقاء العاشقين‏..‏ ولذلك تظلم الدنيا مرة كل سنة‏!‏

ويقال ان القمر سمع ما تقوله هذه العائلات في برج بابل‏..‏ فهدم عليهم هذا البرج‏..‏ وتفرقوا في كل مكان‏..‏ ومن هنا كانت البلبله أي اختلاف اللغات والعادات والألوان‏!!‏

ويقول المفكر العربي الكبير أبو حيان التوحيدي في كتابة الامتاع والمؤانسة ـ الليلة الثالثة عشرة‏:‏

....‏ فصار الاستنباط والغوص والتنقير والبحث والاستكشاف والاستقصاء والفكر لليونان‏..‏ والوهم والحدس والظن والحيلة والتحيل والشعوذة للهند‏..‏ والحصافة واللفظ والاستعارة‏..‏ والايجاز والاتساع والتصريف والسحر باللغة للعرب‏..‏ أما الرؤية والأدب والسياسة والأمن والترتيب والرسم والعبودية للفرس‏..‏ أما الترك فلهم الشجاعة‏..‏

ويوم أقسم روميو انه سوف يظل مخلصا لجوليت قال‏:‏ أقسم بالقمر الجميل مثلك‏,‏ أن أظل وافيا لك ولحبنا‏!!‏ وكانت جوليت أكثر واقعية فقالت له‏:‏ ولماذا لا تقسم بشيء لايتغير ويتقلب ويتخذ كل ليله لونا وشكلا وحجما؟

فقال‏:‏ اذن أقسم لك بالشمس‏!!‏

ولم يكن الشكل واللون كل شهر هو الذي يصيب القمر ويقلل من قيمته عند العشاق‏,‏ وإنما عندما نظرت علوم الفضاء إلي القمر علي أنه أول محطة اتوبيس في الطريق إلي الفضاء الخارجي‏..‏ وان القمر ليس شيئا هاما ولاخطرا صعبا فقد صورته المراصد وعرفت طوله ووزنه ودرجة حرارته‏..‏ واقتربت منه سفن الفضاء ودارت حوله‏..‏ ونزل عليه الانسان‏..‏ ورأينا الانسان يترك أعلاما‏..‏ ثم أجهزة ترصد درجات حرارته وجاذبيته وكميه الأشعة المنعكسة عليه‏..‏ وكم من هذه الأشعة يمتصها سطح القمر‏..‏ وكم الذي يتبدد في المسافة التي بيننا وبين القمر‏..‏ وكم يصل إلي الأرض‏..‏ ولماذا هذه الأشعة مسئولة عن انتعاش الانسان وعن حيويته وعن ميلاد الحب في قلبه‏..‏ ولماذا تواجه الكلاب والذئاب أشعة القمر بالنباح والعواء؟

ان الانسان قد دفع ألوف ملايين الدولارات من أجل بعض ذرات من تراب القمر قد علقت بجزمه رواد الفضاء‏..‏ فقد كان العلماء يؤمنون بأن القمر ليس له تراب‏..‏ لأن التراب معناه ان درجات الحرارة تتفاوت بين الليل والنهار‏..‏ وان هذا التفاوت يؤدي إلي التقلص والتمرد وتفتيت صخور القمر‏..‏ واليوم يفكر العلماء في ان الحياة لابد ان تكون تحت سطح القمر‏..‏ لأن السطح يحمي الانسان من حرارة الشمس نهارا‏,‏ ومن برودة القمر ليلا‏..‏ فالانسان سوف يعود إلي حياة الكهوف‏,‏ ولكن علي هذا المستوي الرفيع‏..‏ ولذلك قامت تجارب العلماء علي حياة الانسان في كهوف تحت الأرض‏..‏

وفي هذه الكهوف علموا الانسان كيف يحول فضلاته إلي طعام‏..‏ كل فضلاته ـ وذلك بالمعالجات الكيماوية‏...‏ وهكذا يستغل الانسان كل شيء من أجل ان يبقي أطول مدة ممكنة في كهوف القمر‏.‏

شيء آخر يحدثه القمر في جو الأرض‏.‏ ان اشعة القمر تساعد علي ظاهرة التأين‏..‏ أي انطلاق الأيونات من الهواء‏..‏ وهي جسيمات صغيرة‏..‏ بعضها سالب وبعضها موجب‏..‏

والأيونات الموجبة مؤذية للانسان‏..‏ والايونات السالبة مريحة ولذيذة ممتعة‏!!‏

وهذه الأيونات الموجبة تجيء من الاحتكاكات في كتل الهواء‏..‏ في الرياح والعواصف والأعاصير‏,‏ والزلازل أيضا‏..‏ ونحن نعرف رياح الخماسين التي تدفع الرمال الصفراء من الصحراء الغربية إلي كل المدن المصرية‏..‏ وفي اسرائيل يسمونها‏:‏ شاراف‏..‏ وتنتقل هذه العواصف الرملية إلي ايطاليا ويسمونها سيروكو ويسمونها في جنوب فرنسا مسترال ويسمونها في ولاية فلوريدا بأمريكا‏:‏
سانتا أنا‏..‏ وهي التي تخنق أهل العاصمة الالمانية بون والعاصمة السويسرية برن ويسمونها‏:‏ فين‏..‏ وفي كل المستشفيات الأوروبية الكبري يوقفون اجراء العمليات الجراحية كل أيام هذه العواصف‏..‏ وقبلها وبعدها بأيام أيضا‏..‏ لأن الأطباء والمرضي يكونون في حالة من الأعياء‏!!‏

هذه التغيرات الجوية سببها‏:‏ القمر‏..‏ فهو مصدر هذه الأيونات الموجبة المرهقة والتي تهد الجسم وتشرد العقل وتغشي علي العين وتعوق الاذن‏..‏ كأنها قد عصفت بكل الجهاز العصبي للانسان‏!!‏

ومن المعروف علميا ان الطيور والحيوانات تتنبأ بقدوم العواصف والزلازل‏..‏

أما السبب فهو زيادة الأيونات الموجبة بسبب الاحتكاكات القوية بين الكتل الهوائية أو بينها وبين الأرض‏..‏

ففي مايو سنة‏1976‏ هربت القطط والكلاب والطيور من قرية فريولي الايطالية‏..‏ واندهش الناس لذلك‏..‏ ولاحظ موظفو حديقة الحيوان ان النمور الصغيرة قد انزوت في أقفاصها في حالة من الخوف والفزع والاضراب عن الطعام‏..‏ وبعد ساعات وقع الزلزال المعروف‏.‏

وفي سنة‏1979‏ في سان فرانسيسكو وقع أسوأ زلزال‏..‏

ولم يكد علماء الأرصاد الجوية يرون الطيور قد اتجهت كلها بعيدا في فزع‏..‏ وكذلك الفئران والقطط والكلاب حتي أيقنوا‏:‏ أن زلزالا سوف يقع‏..‏ ووقع‏!!‏

أما التفسير العلمي المؤكد فهو ان هذه الحيوانات لديها القدرة الفذة علي الاحساس بالزيارة المفاجئة للايونات الموجبة في الجو‏..‏ وأن هذه الأيونات كان سببها القمر وهزات في الأرض أدت إلي احتكاك كثيف مفاجيء مع جو الأرض‏!!‏

فإذا كان القمر قد سقط‏,‏ ولم يعد الها معبودا‏..‏ ولاعاشقا ومعشوقا‏,‏ فإنه لايزال ذلك الهاديء الجميل الصورة‏,‏ البديع الألوان‏,‏ في وحدة ساحرة‏..‏

أما الذي يفعله العلماء فهو اسقاط كل الآلهة عن عروشها‏..‏ فليكن لهم ما يريدون‏..‏ ولكن لافن بغير قمر‏,‏ ولاحب بغير قمر ان الفن قد اسكن القمر في القلب وفي الخيال‏..‏ وكما أن القمر يضيء لنا من بعيد‏..‏ فإن المحبين يعيشون بأحلامهم وهمومهم بعيدين أيضا وما الشعر والفن إلا أضواؤهم علينا‏..


مجلة الشباب
2003سبتمبر1