المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مثل التحدي (للشيخ الشعراوى رحمه الله )


طمطم22
09-22-2007, 08:44 AM
مثل التحدي

http://img229.imageshack.us/img229/7379/14jz8.png

سبحانه وتعالى لم يضرب للكافرين الأمثال فقط على ما هم فيه من ضلالة ليقرب المعاني إلى عقول المؤمنين . . بل تحدى الله سبحانه وتعالى .. بدقة الخلق .. وتحدى بقدرة الخلق . . ففي سورة البقرة قال الله سبحانه وتعالى ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ) عندما نزلت هذه الآية قال أهل الكفر والنفاق .. ولكن الله سبحانه وتعالى .. ضرب الأمثال بهذه الكائنات .. ليصور العلاقة بين أضعف المخلوقات وبين مقدرة الخالق .. وبين ادعاء المشركين .. بأن الله له شريك في الكون .

إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها .. يتساءل بعض الناس : كيف يقول الحق سبحانه وتعالى في معرض ضربه للأمثال تقريبا لأذهان عبادة إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا .. نقول أن الله سبحانه وتعالى حين يصف نفسه بصفة .. أو يسمى نفسه أسماء كالرحمن والرحيم .. والعزيز .. والقدير .. فهذه نسميها أسماء الله .. أو صفات الله ..

ولكن حين يسند الله سبحانه وتعالى إلى ذاته فعلا .. فإننا لا نشتق من هذه الفعل أو تلك الأفعال أسماء لله أو صفات لله .. مثال ذلك قوله تعالى في سورة الأنفال : وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر اله والله خير الماكرين . يتحدث الحق سبحانه وتعالى عن صراع بين الكفار وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فالكفار يريدون أن يمكروا بالرسول عليه الصلاة والسلام بتدبير أمورهم كلها سوء وأذى .. وهم يحسبون في ذلك ..

أنهم في سريتهم وحذرهم .. وهم يدبرون خطط الشر والايذاء .. ويحسبون أن الله غير محيط بهم .. ولكن قدرة الله محيطة بهم .. ولذلك فهي تعد لهم من الأحداث ما لا يعرفونه .. وما يفسد خططهم تماما .. هنا لا نستطيع أن نقول أن خير الماكرين اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى .. لأن الفعل هو المكر منسوب إلى الله سبحانه وتعالى في قوله خير الماكرين ..

وإنما يريد أن يقول لنا أنه قادر على حماية رسول الله من مكر أرادوا أو لم يريدوا .. ويسمى ذلك في اللغة مشاكلة . فإذا سأل سائل .. فكيف ينسب إلى الله القول أن الله لا يستحي أن يضرب مثلا . فالاجابة هي أن الله يرد على الكفار الذين قالوا ألا يستحي رب محمد أن يضرب مثلا بكذا وكذا .. وفي تلك لفتة إلى أن علم الله أعلى من علمهم .. وأن ما يعتبرونه هم شيئا تافها ..

لا يستحق من الله سبحانه وتعالى أن يضر مثلا به .. إنما في الحقيقة فيه قدرة وحكمة تجعل الله يضرب لنا هذا المثل فقول الله إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها .. فذلك ليس معناه أنه تغيير قسرى أو خوف من فعل شيء يعاب عليه .. والله جل وعلا منزه عن ذلك تمام التنزيه المطلق .. والله يغير ولا يتغير .. ويفعل ولا ينفعل .. ولكن هذا بيان لجهل الكافرين الذين تساءلوا عن استحياء الخالق في أن يضرب مثل هذا المثل .. ذلك أنهم تساءلوا عن شيء يدل على عدم العلم .. وعدم القدرة على الفهم .. فهم كما قلنا قد نظروا إلى المظاهر وهو الحجم .. ونظروا إلى الضعف الظاهري .. ولكنهم لم يفطنوا إلى قدرة الخالق في الدقة .. وفي الاعجاز . .

ولذلك فإنهم عندما قالوا وهم لا يعلمون ألا يستحي الله .. رد الله عليهم بأنه لو علمتم القدرة والحكمة وأوتيتم من العلم .. لعرفتم أن هذا المثل لابد أن يضربه الله سبحانه وتعالى .. وأن هذا المثل أن يشيع بين الناس .. وهو يأتي من ضرب النقود .. أي سكها حتى تصبح صالحة للتداول بين البشر .. إذن الله سبحانه وتعالى يريد لهذا المثل أن يتداول بين الناس .. ويريد ىأن يقول للكفار أنه لا يوجد في هذا المثل ما يجعل من يضربه يستحي منه .. بل توجد فيه من مظاهر القوة والقدرة ما لابد أن يبين للناس . ثم يقول الله سبحانه وتعالى بعوضة فما فوقها ..

إذا أخذنا البعوضة على قلة حجمها بالنسبة للإنسان .. فإن في هذه عظمة للخالق .. حين قال سبحانه وتعالى فما فوقها .. أي ما أصغر منها .. نقول .. إذا تأملنا التقدم العلمي الذي عتم في العالم . نجد أن هذا التقدم والرقي يسير نحو الدقة وكلما ارتقى العلم وتقدمت البشرية .. مالت الأشياء إلى الدقة وصغر الحجم ..

والله سبحانه وتعالى يريد ان يقول للكفار .. أنتم التفتم إلى صغر حجم بعوضة بالنسبة لحجم الانسان فاحتقرتموها .. ولكنكم لم تلتفتوا إلى دقة الخلق ..

فإن هذه البعوضة بحجمها المتناهي في الصغر تحمل معها كل أجهزة الحياة .. من عيون ترى . وأجمحة تطير .. وأجهزة جنسية لحفظ النوع .. جهاز هضمي للطعام وإخراج الفضلات وكل مقومات الحياة .. لم تلتفتوا إلى دقة الصنع وعظمة الخالق الذي وضع كل سبل الحياة في هذه المساحة الصغيرة .. ولو أنكم التفتم إلى هذا لعرفتم الحكمة من المثل ..

ولأدركتم أن هذه البعوضة الصغيرة التي تستهينون بها في مثل حي وضعه الله أمامكم على دقة الخالق وقدرة الخالق , وفي أن يجمع كل تلك الأجهزة اللازمة لحياة هذا الكائن الحي في هذا الحجم الصغير .. ولكنها سطحية التفكير وعدم القدرة على التمييز في عقول الكافرين


http://img217.imageshack.us/img217/3572/36473076qq8.gif


عن موقع اسلاميات