تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خطبــــة حول اســـــــــــــــتقبال رمضـــان


eshrag
07-29-2011, 10:50 AM
بسم الله الرحمن الرحيم الموضوع: استقبال رمضان
التاريـخ:28/8/1432هـ
إن الحمد لله......................
عبادَ الله: اعلموا أنّ الدّنيا حُلوة خضِرة جَميلة نضرة، نعيمٌ لولا أنّه عديم، ومحمودٌ لولا أنّه مفقود، وغِناء لولا أنّ مصيره الفنَاء، المستقِرُّ فيها يزول، والمقيمُ عنها منقول، والأحوال تحول، وكلُّ عبدٍ مسؤول، من تعلّق بها التاط بشغلٍ لا يفرغ عناه، وأملٍ لا يبلغ منتهَاه، وحِرصٍ لا يدرِك مداه، أيّامُها تسير في خبَب، وشهورُها تتتابع في عجَب، وزمانها انحدَر مِن صبَب، الدّنيا كلُّها قليل، وما بقي منها إلا القليل، كالسَّغب شُرِب صفوُه وبقِي كدره، مخاطرُ ومعاثِر، وفتنٌ زوائِر، صغائر وكبائِر، والنّاس يتقلبون فيها مؤمن وكافر، وتقيّ وفاجِر، وناجٍ وخاسِر، وسالمٌ وعاثر، فطوبى لمن حفِظ نفسَه وأولاده ونساءه، من موجبات السخط والذمّ، ووسائل الشر والهدم،
أيها المسلمون: عما قريب يحل عليكم شهرُ المرابح، زائرٌ زاهر، وشهر عاطِر، فضلُه ظاهر، بالخيراتِ زاخر، وأبدع من أن تُعدَّ نفحاتُه وتحصى خيراتُه وتستقصَى ثمراتُه، فشدّوا لبَد عزمكم، وأروا الله خيرًا مِن أنفسكم، فبالجدّ فاز من فاز، وبالعزم جازَ مَن جاز، واعلَموا أنّ من دام كسله خاب أمله، وتحقَّق فشله،
تقول عائشة رضي الله عنها: ( كان رسول الله يجتهِد في رمضانَ ما لا يجتهِد في غيره )أخرجه مسلم، فطوبَى لمَن غسل في رمضان درنَ الذّنوب بتوبة، ورجع عن خطاياه قبلَ فوْت الأوبة،
قرُب منا رمضان فكم قريب لنا فقدناه، وكم عزيز علينا دفنّاه، وكم حبيب لنا في اللحد أضجعناه. فيا من ألِف الذنوبَ وأجرمَا، يا مَن غدا على زلاّته متندِّمَا، تُب فدونك المنى والمغنمَا، والله يحبّ أن يجود ويرحمَا، ويُنيلَ التّائبين فضلَه تكرُّمًا، يا من أوردَ نفسَه مشارعَ البوَار، وأسامَها في مسارح الخَسار، وأقامَها في المعَاصي والأوزار، وجعلها على شَفا جُرفٍ هار، كم في كتابك من زَلل، كم في عملِك من خلَل، كم ضيّعتَ واجبًا وفرضًا، كم نقضتَ عهدًا محكمًا نقضًا، كم أتيتَ حرامًا صريحًا محضًا، فبادِر التّوبة ما دمتَ في زمن الإنظار، واستدرِك فائتًا قبل أن لا تُقال العِثار، وأقلِع عن الذنوب والأوزار، وأظهِر النّدم والاستغفار، فإنّ الله يبسُط يده بالنّهار ليتوبَ مسيء الليل، ويبسط يدَه باللّيل ليتوبَ مسيء النّهار.يا أسيرَ المعاصي، يا سجينَ المخازي، هذا شهرٌ يُفَكّ فيه العاني، ويعتَق فيه الجاني، ويتجَاوَز عن العاصي، فبادِر الفرصَة، وحاذِر الفوتَة، ولا تكن ممّن أبى، وخرج رمضان ولم ينَل فيه الغفرانَ والمُنى، يا من ضيع عمره في غير الطاعة، يا من فرط في دهره وأضاعه، يا من بضاعته التسويف والتفريط وبئست البضاعة .. هذا موسم تفتح فيه الجنان وتغلق فيه أبواب النيران.
عباد الله: حينَما يستقبِل المسلم موسمًا يرجو غنيمَتَه فإنّه يجب عليه ابتداءً تفقُّدُ نفسِه ومراجعةُ عملِه، حتى لا يتلبَّس بشيءٍ من الحوائِلِ والموانِعِ التي تحول بينَه وبين قبولِ العمَل، أو تُلحِق النقصَ فيه؛ فعلى العبد الصائم أن يتفقه في دينِ الله ، ويجتنب الذنوبِ والمعاصي ومحبِطات الأعمال، ويحرص على إعفاف الجوارح، فهيؤ انفسكم قبيل دخول الشهر على قراءة فضائل رمضان وصيامه وقيامه، وفضائل قراءة القرآن، وفضائل العشر الأخيرة، وفضائل ليلة القدر، وتدبر ما ورد في ذلك كله من الآيات والأحاديث، ومعرفة ما فيها من الفقه والعلم؛ فإن معرفة فضل ذلك تحفز النفس إلى تحصيله، وعدم إضاعة شيء منه،أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله على فضله إحسانه .............
عباد الله: رمضانُ شهرُ تزكيةِ النفوس وتربيتِها، أعظم القرُبات فيه : الصومُ الذي افترضه الله تعالى تحقيقًا للتّقوى
التي هي: حساسيّةٌ في الضمير، وصَفاء في الشعورِ، وشفافيّة في النفس، ومراقبةٌ لله تعالى، فالصّوم ينمِّي الشعورَ بالمراقبة ، ويزكِّي النفس بالطاعة، فاتقوا الله واحرصوا على النية الصالحة والعزم الجاد على الاجتهاد في طاعة الله في رمضان وفي غير رمضان، وحري بأفراد الأسرة، والقرابة، والجيران، وزملاء المهنة، أن يتواصوا بالحق، ويتعاونوا على أعمال البر والتقوى في هذا الموسم المبارك، واحرصوا على القيام مع الإمام في صلاة التراويح قال صلى الله عليه سلم: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) واحرصوا على قراءة كتاب الله عز وجل وتلاوته، أكثروا من تلاوته، واحرصوا على صلة الرحم والصدقة على الفقراء والمساكين والمحتاجين, فهذا شهر البذل والإنفاق والجود والكرم, كان صلى الله عليه وسلم أكرم الناس وأعظمهم جوداً وكرماً وبذلاً وسخاءً وإنفاقاً, يعطي عطاء من لا يخشى الفقر قط، وكان صلى الله عليه وسلم إذا جاء هذا الشهر الكريم يكون أعظم ما يكون جوداً وكرماً مثل الريح المرسلة، ويعظم أجر الصدقة عندما تكون صدقة سر حتى تكون أبعد عن الرياء والسمعة،
واحذَروا ما أعدّه لكم أهلُ الانحلال ودعاةُ الفساد والضّلال، من برامج مضِلّة ومشاهدَ مخِلّة، قومٌ مستولِغون لا يبَالون ذمًّا، ولا يخافون لَومًا، وآمِنون لا يعاقََبون يومًا، ومجرِمون لا يراعون فطرًا ولا صومًا عدوانًا وظلمًا، جرَّعوا الشباب مسمومَ الشّراب، وما زادوهم غيرَ تتبيب، وتهييجٍ وتشبيب، وتدميرٍ وتخريب، مآربُ كانت عِذابا فصارت عَذابًا. فيا من رضِي لنفسه سوءَ المصير، وارتكب أسبابَ التفسيق والتّحقير، أخسِر بها من صفقة، وأقبِح بها مِن رفقة، يا مطلقي النّواظر في محرّمات المنظور، قد أقبل خيرُ الشّهور، فحذارِ حذار من انتهاكِ حرمتِه، وتدنيس شرفِه، وانتقاصِ مكانتِه،
أسأل الله تعالى أن يمن علينا ببلوغ رمضان ويحسن عملنا فيه، وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية وأزكى البشرية فقد أمركم الله بذلك فقال : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ) اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، اللهم أيقظنا من سبات الغفلات قبل الممات، اللهم كما هديتنا للإسلام فثبتنا عليه حتى نلقاك وأنت راض عنا غيرُ غضبان .اللهم بلغنا رمضان ، وأعنا على صيامه وقيامه وإتمامه، ووفقنا للقيام بحقك فيه وفي غيره، واجعل أعمالنا خالصة لوجهك ، صوابًا على سنة نبيك............