المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدين الامريكي مجرد مسكنات وبلونه تنفقع بي لحضه والريال مصيره مجهول


eshrag
08-01-2011, 01:20 PM
بداية : دأبت الحكومة الأمريكية خلال عقود على الاقتراض لسد العجز في ميزانياتها وذلك عن طريق إصدار سندات حكومية بالدولار من قبل وزارة الخزانة ومن ثم عرضها للبيع للمستثمرين الأجانب والمحليين مقابل فائدة سنوية وآجال محددة لاستحقاق قيمة هذه السندات ! وقد تدافع الكثيرون من المستثمرين خلال عقود على شراء هذه السندات طمعا في الفائدة الربوية السنوية الثابتة ولأنها كما يعتقدون ملاذ آمن لرؤوس الأموال بصفتها سندات حاصلة على أعلى تصنيفات المؤسسات المالية العالمية (AAA) .
والعجيب في الأمر أن عجز الموازنة في عهد الرئيس بوش الأب المنتمي للحزب الجمهوري كان يبلغ 300 مليار دولار والدين العام 3.66 ترليون دولار وخدمته السنوية تلامس الـ 286 مليار دولار ..
.. وعندما جاء الرئيس الديمقراطي كلينتون تحول العجز إلى فائض سنوي بل وبحلول عام 2001 بلغ هذا الفائض 300 مليار دولار وتباطأ نمو الدين العام واستقرت قيمة خدمته !! وكان بإمكان الحكومة الأمريكية أن تستغل هذا الفائض في لجم الدين العام والقضاء عليه خلال عقد واحد فقط لو أرادت ! ..
.. ولكن ما حصل هو أن حكومة بوش الإبن وخلال ولايتين تسببت في تلاشى الفائض وتحوله إلى عجز سنوي ضخم ومتتالي نتيجة صرفها بكثافة على الدفاع وعلى حروبها التي شنتها على أكثر من جبهة كما وسعت حكومة بوش الإبن كأي حكومة للحزب الجمهوري بتخفيض الضرائب على الأثرياء وكان العجز السنوي حينها ضخما والدين العام قد قارب الـ12 تريليون دولار في آخر عهد حكومة بوش الإبن ...
وجاء أوباما ليستلم الرئاسة بعد بوش وأمريكا تعاني أزمة مالية واقتصادية هزت العالم أجمع وتهاوت معها أسواق المال العالمية فأنفق بسخاء لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي من الكساد في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008 واستمرت لعنة عجز الميزانية وتسارع معها نمو الدين العام !
وهاهي الآن الولايات المتحدة الأمريكية أكبر إمبراطورية اقتصادية في التاريخ بلغ حجم دينها العام مؤخرا 14.25تريليون دولار ( أربعة عشر تريليون وربع التريليون ) .. ... وهو مبلغ ضخم بكل تأكيد ! وهو كذلك السقف المحدد للاقتراض الحكومي والذي يحرم على الحكومة الأمريكية تجاوزة إلا بموافقة الكونجرس الأمريكي بعد أن يقر رفعا لهذا السقف لرقم أعلى وهو ما تحاول حكومة أوباما أن تقنع به الكونجرس لإقراره ليكون السقف الجديد 16.7 ترليون دولار.. والكونجرس بأغلبيته الجمهورية يتمنع مظهرا تفضيله أن تتوقف الحكومة الأمريكية بشكل مؤقت عن خدمة ديونها وعن سداد المستَحَق منها في الوقت المحدد إلى حين ضبط النفقات ولجم العجز الهائل والمزمن والمتزايد في الموازنة العامة والذي كسر حاجز التريليون دولار ! بل ويتوقع لهذا العجز أن يصل لـ 4 تريليونات دولار في بنهاية العشر السنوات القادمة إن استمرت الفجوة الحالية بين الدخل والإنفاق !
ومع أن تمنع الجمهوريين كأغلبية في الكونجرس الأمريكي لا يخلو من أهداف سياسية لعل أبرزها الحيلولة دون اوباما وتلميع نفسه قبل الانتخابات المقبلة إلا أنه لا يخلو كذلك من منطقية ظاهرة .. فأمريكا تعاني تسارعا خطيرا في نمو الدين العام دون وجود خطة للجمه على أقل تقدير فالحكومة الأمريكية الآن تقترض أربعين سنتا من كل دولار تنفقه وهذا سيوصل الحكومة الأمريكية والاقتصاد الأمريكي خلال عشر سنوات لنقطة حرجة يصبح انهيار الاقتصاد الأمريكي حينها حتميا وسيدمر معه حضارة سادت ونظاما رأسماليا بان للجميع تهالكه !
ومع أن الكثير من خبراء الاقتصاد يرجحون أن يوافق الكونجرس على طلب حكومة أوباما رفع سقف الاقتراض إلى 16.7 تريليون دولار قبل الثاني من أغسطس القادم لتتمكن الحكومة الأمريكية من إنقاذ الاقتصاد الأمريكي ولتفي بالتزاماتها ويكون بمقدورها دفع الفوائد الربوية خدمة لدينها ولتتمكن كذلك من سداد السندات مستحقة السداد في مواعيدها ! إلا أن ما يجزم به جميع خبراء الاقتصاد دون استثناء هو أن رفع سقف الاقتراض ليس حلا لما يعانيه الاقتصاد الأمريكي بل ليس سوى ترحيل للمشكلة والتي سيأتي اليوم الذي ستتوقف فيه الحكومة الأمريكية حتما عن سداد دينها مضطرة وستقع حينها الكارثة التي ستعصف بجميع الاقتصادات الرأسمالية الربوية ومن يرتبط بها !
وعلى كل حال دعونا الآن نتخيل أن الكونجرس بأغلبيته الجمهورية رفض طلب حكومة أوباما رفع سقف الاقتراض الحكومي وبذلك اضطرت الحكومة الأمريكية إلى التوقف ولو مؤقتا عن خدمة دينها .. فما الآثار المترتبة على هذا القرار ؟!
************************************************** **********
دعوني ألخص بعض هذه الآثار وأتبع كل أثر منها بالانعكاسات المتوقعة على الاقتصاد السعودي بصفته اقتصاد مرتبط بالدولار الأمريكي ارتباطا وثيقا لعقود مضت ومازال ... فالعملة السعودية مربوطة بالدولار وأكثر من 70% من موجودات مؤسسة النقد المقدرة بـأكثر من (1.8 تريليون ريال) مستثمرة في سندات الدين الأمريكية بل وحتى السلعة الرئيسية التي تُكوِّن جل دخل خزينة الدولة السعودية تباع بالدولار ! إضافة إلى غالبية الاحتياطي من النقد الأجنبي الذي تملكه مؤسسة النقد العربي السعودي من الدولارات الأمريكية !

لنبدأ سرد الآثار الناجمة عن توقف الحكومة الأمريكية - ولو مؤقتا- عن دفع الفوائد الربوية المستحقة خدمة دينها أوسداد سندات الدين وقت استحقاقها :
1- الأثر الأول : تفشي حالة الذعر في أسواق المال العالمية ومنها سوق المال السعودي وسيحدث انهيار مؤكد في أسعار الأسهم والسندات تبعا للسوق الأمريكي وبقية أسواق العالم !
2- الأثر الثاني : اهتزاز الثقة في سندات الدين الأمريكية وفقدانها لدرجة التصنيف الإتمانية الحالية (AAA) لدرجة أقل بكثير وسيتسبب ذلك في تدافع ملاكها إلى التخلص منها لأنها ستكون بذلك سندات غير مرغوب فيها Junk Bonds وبذا سيكون أكبر المتضررين هم المستثمرون الحاليين في هذه السندات وغالبية هذه السندات للأسف بأيدي أجانب - ( ماقيمته 10 تريليون دولار من هذه السندات يملكها مستثمرون أجانب سواء كانوا دولا كالصين واليابان أو بنوكا كالكثير من البنوك الأوربية أو أفرادا !!) - ومن الدول الأجنبية المستثمرة الدولة السعودية ممثلة في مؤسسة النقد العربي السعودي والتي تستثمر ما يقارب (1.25) تريليون ريال في هذه السندات!
3- الأثر الثالث : اهتزاز الثقة في سندات الدين الأمريكية سيرفع مستقبلا تكلفة الاستدانة للخزانة الأمريكية وستضطر الحكومة الأمريكية رفع أسعار الفائدة وستتسارع وتيرة ارتفاع دينها العام وستستهلك خدمة الديون حينها جزءا كبيرا من الميزانية وسيتفاقم العجز وبذلك ستقع امريكا في دوامة الديون والتي أجزم بأن إنهيار أمريكا سيكون بسببها ولنا في الاتحاد السوفيتي والدولة العثمانية من قبله مثالان نموذجيان يمكن أن نقيس مصير أمريكا عليهما ! وعندما تنهار الإمبراطورية الأمريكية فإن الدائنين لها سيفقدون استثماراتهم في سندات الدين وستكون في حكم المعدوم بكل تأكيد !
4- الأثر الرابع :تهاوي سعر صرف الدولار وجميع العملات المربوطة به ومنها الريال السعودي أمام بقية العملات وهذا سيكون مضرا بالاقتصاديات المرتبطة بالدولار ومنها الاقتصاد السعودي وسينتج عن إنهيار الدولار تضخم ستعجز وزارة المالية السعودية ومؤسسة النقد عن السيطرة عليه بكل تأكيد ! وسيكون على المواطن السعودي حينها تحمل تبعات السياسات الخاطئة والمتخبطة لحكومته ممثلة بوزارة ماليتها ومؤسسة نقدها لعقود مضت ! وستكون جميع الاستثمارات الدولارية لمؤسسة النقد في دائرة الخسارة !! ابتداء بالاحتياطي النقدي من الدولارات وانتهاء بسندات الدين الأمريكية والتي اشترتها مؤسسة النقد بدولار قوي وستسترد قيمتها بدولار ضعيف جدا !!
5- الأثر الخامس : ستخفض الحكومة الأمريكية نفقاتها مضطرة ومنها نفقات الدفاع ونفقات صناعة الولاءات والتحالفات والتي وفرت لأمريكا خلال عقدين من الزمن هذا النفوذ الطاغي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وستفقد حينها الكثير من نفوذها في العالم وستنكفيء على نفسها مضطرة لتلعق جراحها وسيغدوا عملاؤها في الخليج في موقف لايحسدون عليه بعد أن كانوا يتقوون بأمريكا ويحتمون بها بل ويعتمدون عليها في حماية عروشهم .. ولعل قومنا من أكبر هؤلاء المتضررين من فقدان أمريكا لنفوذها !!
.... طال الموضوع فأكتفي بما سبق من آثار !!
************************************************** ****

ختاما : أستطيع أن أجزم أن الكونجرس سيوافق على رفع سقف الدين وستستمر أمريكا لسنوات قليلة قادمة في سداد الفوائد الربوية لخدمة دينها ليس حبا فيمن يستثمر في سندات دينها بل لأنها غير مستعدة الآن لأن تعرض اقتصادها لأزمة جديدة بعد الأزمة المالية السابقة والتي مازال الاقتصاد الأمريكي يعاني تبعاتها ...ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ... هل سيأتي اليوم الذي ستتوقف فيه الحكومة الأمريكية عن سداد ديونها ؟
والجواب : نعم .
توصية ...وعلى حكومتنا "الرشيدة"! :
1-أن تستنقذ خلال السنوات القليلة القادمة ما استثمرته في سندات الدين الأمريكية قبل أن تقع الكارثة وتتلاشى ثروة الوطن .
2- أن تبادر بفك ارتباط عملتها بالدولار الأمريكي .
3- أن تبدأ في تحرير اقتصادها من الاقتصاد الربوي الرأسمالي وتبدأ أسلمة أنظمتها الاقتصادية بداية بأنظمة مؤسسة النقد ووزارة المالية والبنوك وغيرها من المؤسسات الاقتصادية !