المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إشهار إفلاس "أمريكا".. انهيار القوة العظمي!


eshrag
08-07-2011, 03:20 AM
إشهار إفلاس "أمريكا".. انهيار القوة العظمي!

لم يلتفت كثيرون في زحمة أنباء الربيع العربي والثورات المشتعلة في ليبيا وسوريا واليمن (بعد مصر وتونس) للأنباء الهامة التي ترد من الولايات المتحدة الأمريكية والتي تتلخص في أن أمريكا سوف تشهر إفلاسها في 2 أغسطس المقبل بسبب عجزها عن دفع ديونها.. نعم "ديون أمريكا" لو لم يكن أحد يصدق هذا !.
فالولايات المتحدة القوة العظمي التي ظلت تهيمن علي العالم منذ انهيار القوة السابقة (الإمبراطورية البريطانية) عقب الحرب العالمية الثانية في أربعينات القرن الماضي، باتت عاجزة عن سداد التزاماتها المالية لأول مرة في تاريخها بسبب هرمها ومغامراتها العسكرية وأفول قوتها الاقتصادية هو المدخل الرسمي لأفول قوتها السياسية والعسكرية بسبب التخفيض المتوقع في كل ميزانيتها !.
قصة إشهار الإفلاس
منذ السعي الأمريكي للتدخل بقوة في المنطقة العربية والذي بدأ بإرسال الولايات المتحدة 500 ألف جندى عام 1991 من أجل إخراج صدام حسين من الكويت، وما تلاه من وجود أمريكي شبه دائم في الخليج ثم مغامرات عسكرية في أفغانستان والعراق ومناطق أخري في العالم أبرزها باكستان، وهناك عجز واضح في الموازنة الأمريكية خصوصا مع صعود قوي اقتصادية أسيوية خصوصا الصين واستحواذها علي اقتصاد العالم.
ووفقا لوزارة الخزانة الأميركية، تتركز هذه الديون في صورة 4.5 تريليونات دولار تقريبا هي سندات خزانة مملوكة لحكومات ومؤسسات غير أمريكية، وأكبر دائن للولايات المتحدة الآن هي الصين بمبلغ 1.152 تريليون دولار حتي نهاية أبريل تليها اليابان بمبلغ 906.9 مليارات دولار، ثم بريطانيا التي تملك ما قيمته 333 مليار دولار من سندات الخزانة الأمريكية وفى المرتبة الرابعة تأتي الدول المصدرة للنفط بقيمة 221.5 مليار دولار، ولا يقتصر الأمر على الاقتصادات الكبرى والصاعدة، بل إن بلدا مثل مصر لديه سندات خزانة أمريكية بقيمة 13.6 مليار دولار.
والمشكلة أن أمريكا تقريبا تلعب بأموال غيرها من الدول - المحددة في سندات خزانة أمريكية وبالدولار الأمريكي - لا أموالها، ما يعني أن إفلاسها أو تدني درجتها المالية أو تخفيض قيمة الدولار سيعتبر خسارة لهذه الدول التي تدين أمريكا!.
وللتغلب علي هذه المشكلة تسعي إدارة الرئيس باراك اوباما لرفع سقف الدين الحكومي فوق 14.3 تريليون دولار قبل الثاني من أغسطس المقبل لتتمكن من الاقتراض لسد عجز الميزانية، ولكن الحزب الجمهوري المسيطر علي الكونجرس يرفض الموافقة على رفع سقف الدين ما لم تلتزم الحكومة بخفض الانفاق بأكثر من تريليون دولار، ولا يريد أوباما الالتزام بخفض الإنفاق لأنه حسب قوله سيضر بالطبقة الوسطى والفقراء دون أدنى تأثر للأغنياء.
انسحاب عسكري مكلف
ولأن الانفاق العسكري الضخم هو المدخل لهذا الانهيار الاقتصادي – بخلاف الانهيار المالي الأخير – فقد بدأت الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين يسحبون قواتهم ببطء من الشرق الأوسط ووسط آسيا كما يتم بصورة تدريجية سحب المظلة الأمنية الغربية التى طالما ميزت المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية.
ظهر هذا التوجه فى العراق وأفغانستان وباكستان، والكاتب البريطانى باتريك سيل المتخصص فى شئون الشرق الأوسط، يتوقع ألا تتبقي القواعد الأمريكية فى الخليج أيضا طويلا لهذا السبب.
فبسبب الحروب أصبح مجموع ديون أمريكا يبلغ 14500 بليون دولار، أى ما يوازى 100 فى المئة من إجمالى ناتجها المحلى، ولهذا فإن إنفاقها 900 بليون دولار على العمليات الدفاعية والعسكرية بدأ يتقلص تدريجيا، وبدأت خطط متسارعة لإعادة قواتها من العراق وأفغانستان، وأصبحت غير قادرة تدريجيا علي سداد ديونها.
ولكي لا تعلن الولايات المتحدة عجزها عن سداد التزاماتها المالية لأول مرة في تاريخها, اقترح زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل سد الثغرة الذي يتيح زيادة سقف الدين علي ثلاث مراحل, بخفض العجز في الميزانية بمقدار تريليون دولار, لزيادة إيرادات الخزانة العامة، ولكن المشكلة هي رفض الجمهوريين الذين يسيطرون علي الكونجرس هذه الخطط المالية.
فضيحة مخزون الذهب؟
وليس بعيدا عن قصة إشهار إفلاس أمريكا هذه فضيحة تتحدث عنها صحف عالمية تتعلق ببيع أمريكا مخزونها من الذهب.. فقد نشرت صحيفة يوربيان يونيون تايمز فى 31 مايو 2011 تقرير يشير لتوجس روسيا أن يكون أحد الأسباب وراء فضيحة تحرش وسجن رئيس صندوق النقد الدولى جاءت جراء اكتشاف أن جميع الذهب الأمريكى ذهب أدراج الرياح.. وأن الرئيس السابق لصندوق النقد الدولى دومينيك شتراوس كاهان والذى اتهم واعتقل فى الولايات المتحدة جراء جريمة جنسية فى 14 مايو الماضى، لفقت له هذه التهمة (التي خرج منها بريئا) بعد اكتشافه أن كل الذهب المودع فى مستودع الولايات المتحدة لسبائك الذهب والكائن فى فورت نوكس قد فقد أو أصبح مجهول المصير.
ووفقا لتقرير سرى لوكالة الأمن الفيدرالية الروسية فإن الولايات المتحدة ماطلت شترواس كاهان فى تسليم 191 طن من الذهب من المفترض أنها تعهدت بتسليمها لصندوق النقد الدولى كان سيباع لتمويل ما يسمى حقوق السحب الخاصة كبديل لما يسمى العملات الاحتياطية، وعندما تأكد شتراوس من هذا وتحدث عنه جاء تلفيق التهمة له، بل ويقال أن تلفيق نفس التهمة (التحرش الجنسي بخادمة) للمصري محمود عبد السلام عمر أحد رجال البنوك الكبار جاء لعلاقته بشتراوس ومعرفته بقصة الذهب هذه !؟.
وخطورة هذه القصة أن هذا الذهب هو ضمانة إنقاذ الاقتصاد الأمريكي وضمان الاقتراض، وبدون يتم فضح افلاس أمريكا وانهيار اقتصاد العالم المرتبط بسندات خزانتها ودولارها !!.
ولذلك حذر رئيس الاحتياطي الفيدرالي بن برنانكي من أن إشهار إفلاس الحكومة الأمريكية سيكون له وقع كارثي على الأسواق المالية.
القوة العظمي تتبدل
وخطورة هذه التطورات التي حتي لو نجح الأمريكان في تداركها مؤقتا عبر خفض الانفاق وزيادة الضرائب، فلن تنجي أمريكا من المصير المحتوم لكل أمبراطوريات العالم الظالمة التي بادت مع الزمن وانهارت وأصبحت أثرا بعد عين.. خطورتها أنها سوف تنعكس علي العالم كله وتبدل موازيين القوي.
هناك من يعتقد أن الصين ستكون هي هذه القوة العظمي البديلة بعد أفول شمس الغرب وأمريكا، ولكن لا أحد يتحدث عن الربيع العربي وخروج شمس قوة عربية وإسلامية حقيقية بعدما ينهار الاستعمار الغربي الخارجي والاستعمار الداخلي (الحكام الديكتاتوريين) ويبدأ بناء قوة عربية وإسلامية قوية مسيطرة تقدم نموذج جديد حضاري إسلامي للعالم ينقذه من مادية الغرب وأساليب السيطرة علي العالم بفوائد البنوك والربا والدعاية والانحلال.
وطبيعي أن ينعكس هذا علي قضايا معلقة مثل الاحتلال الصهيوني لفلسطين ووجود الدولة الصهيونية في حد ذاته في المنطقة بعد رفع غطاء الحماية الأمريكية عنها، وقضايا الاعتماد العربي علي الذات والاستثمارات العربية المجمدة في أمريكا والتي يجب التفكير العربي الجدي في إعادتها للمنطقة والاستثمار في الدول العربية والإسلامية ذاتها.
فعندما وقعت الأزمة المالية العالمية عام 2010 وانهارت مئات الشركات الغربية والبنوك، ظهرت أهمية الحاضر الغائب وهو "صناديق الثروة السيادية" Sovereign Wealth أو ما يسمي "صناديق الأجيال" التي أنقذت الاقتصاد الأمريكي، التي هي عبارة عن صناديق مالية تضع فيها الحكومات أموالها الضخمة وتستثمرها في مشاريع خاصة في الخارج تدر عليها أموالا طائلة، وأشهرها علي الإطلاق هي صناديق الثروة السيادية الخليجية.
إذ تكمن أهمية صناديق الثروة السيادية هذه التي تمتلكها الحكومات العربية والإسلامية بخلاف دول أسيوية وأجنبية ( أكبرها نرويجي ثم إمارتي ويليه الصيني وعددها 26 صندوق منها حوالي 9 عربية وإسلامية) في أنها تسيطر على أصول استراتيجية أمريكية في مؤسسات مالية كبرى مثل "بلاك ستون" و"يو بى إس" و"ميريل لينش و"مورجان ستانلى" و"سيتى"، ما يجعلها تتحكم في الاقتصاد الأمريكي وربما التأثير على السياسة الأمريكية لاحقا لو أردت الدول العربية مالكة هذه الصناديق استعمال هذا السلاح، فضلا عن أنها تلعب دورا هاما في رفاهية مواطني هذه الدول العربية والإسلامية نفسها.
ومنذ الأزمة المالية العالمية، عززت صناديق الثروة السيادية هذه مركزها بوصفها جهات فاعلة وهامة في الأسواق المالية العالمية وما وراءها، وبرغم أن توقعات عام 2007، قدّرت أن تصل قيمة أصول صناديق الثروة السيادية إلى 12 تريليون دولار (التريليون ألف مليار) في عام 2015، وغالت بشكل صارخ في مسار نموها، إلا أن صناديق الثروة السيادية تشرف بالفعل على قوة مالية كبيرة، ففي أواخر عام 2009، بلغت قيمة أصول صناديق الثروة السيادية في "المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية" 2.4 تريليون دولار، منها قرابة 1.3 إلي 1.5 تريليون دولار للدول العربية فقط !.
فهل بعد الخسارة التي تكبدتها هذه الصناديق مرتين في أمريكا عقب الأزمة المالية العالمية وعقب أزمة إفلاس أمريكا الأخيرة ستعاود التفكير في العودة بأموالها الضخمة أو بجزء منها للاستثمار في العالم العربي؟