تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لِ تكُن مُنصَفاً يآ قَـدَرْ !


eshrag
06-10-2012, 10:30 PM
إلىَ غَائبتي ، مَع بقايا روحي التي لم تذبل إلى الآن ،،!
ورسَالةُ فَقْدٍ مَلفُوفَة بِشريطة رَمادِية و وَردة حمَراء صغيرةٌ تَسْتَغِيث ،،
وَ أُخرَى قَتلهَا العَويل !


أنا هُنا لأرويّ حكايةٌ سَوداء تُريدُ "بياضًا " !
في محطةِ المُغادرة أُعلنَت رحلة مُغادرة قَلبي الذي لم يُصبحَ بجانب رئتايَّ الآن ،
ولم يتبقَ سِوى "مِظلة مُهترئَّة وَ معطف مُتسِخ"
نَصيبي مِن الطعَام والشَراب الذِي يكفيني في المسَافة ما بين المحطة وَ كوخي المُكتظَّ بأشياء أجلّها ،
وَ شَجرةُ توت ذابلة
فَقدت كُل الأشياء .. الأصوَات التِي تدلني عَلى منبع الماء لأرتوي مِنه وأروي عطشي ،
وَ التي تدلني على شجرة الصنوبر الضخمة التي أنام تحت ظِلها الذي بدأ مُزعجًا هذه الأيام ،
لا يهُم ! المُهم أن أستلقي ،،
كانَ مساءً جِدًا سيء وَ أكثر يا أمي !
كُنتُ شَاحبة الوجه كما كُنتُ شاحبة اليدين والقدمين والرئتين وحتى الـ - الكليتين - ،
وعندما حان مَوعدُ "الكوابيس" وَ عملية الأشباح المُخيفة ،
سألتني صديقتي التي لا تفقه سِوى أنني أقْطنُ معها ونَنام في نفس المكان وحسب ،
لماذا عينيكِ يكسوهما شيئًا مِن السَواد ؟!
فِي تِلك اللحظة أتقنتُ شيئًا مِن دُعابات الكذب ، لا شيء يا صديقتي سوى " نارٌ صغيرة أحرقتني "
وإبتسمتْ في حزنْ !
الدُنيا مُتعبة جدًا يا أمي كَجسدي المُنهك - تمامًا -
وكَعُكازةُ جَدي الذي غَيبتهُ الحَياة منذُ قَرن ،
و أشتاقُهُ وَ أكثر !

بحجمِ عددِ زخات مطرِ هذه الليلة الباردة أشتاقكِ
أطرافُ المَدينةِ خاويةٌ ،، وعبثاً أطرقُها كلّ صباحٍ علّ شيئاً من تلكَ الحكاياتِ الخيالية يتحقّق !
ليلى عندما إعتصرها الخوفُ ومذْ نادتْ على أمها ؛ إنتصبتْ أمامها
وَ هايدي فقط ؛ تمنّت حنانَ أمها فلم تدعها أقدار تلكَ الأسطورة إلاّ أن أتتْ لها بغيمة بيضاء كماهو قلبكِ أمي وإنتشلتها من خيالاتها الخصبة وحطّتْ بها جوار روح والدتها !
بل حتّى تلكَ القطّة الصغيرة الضائعة ؛ هل تذكرينها .!
لا زلتُ أذكر تفاصيلَ ليلتنا تلك ،،
وكيفَ كنتِ – جعلتُ فداكِ – على جنبكِ الأيسر تداعبين خصلاتي السوداء
وأنا معلّقة عيناي بحركة شفاهكِ أريد فقط ألاّ تقولي " توتة ،، توتة .. خلصت الحتوتة ... "
قلبيَ الصغيرُ يا أمّي لا يحتملُ كلّ هذا الإكتظاظ !
الكلّ سعيدٌ هنا إلا أنا .!
لا أملكُ خياراً آخر وإلا فعلته
السيّد هنا لا يهتم لي يا أمي !
تحتلّ القسوة قلبه بالكامل ،،
يريدني أعمل ليلَ نهار ،، بِلا مللٍ أو كللٍ
وأنا مضطَّرةٌ أن أفعل
كلّ ما يريده أفعله ،، وأسابقُ إلى ما يدورُ في عقله
خشيةَ أن ينهالَ عليّ وجعاً !
البَارحَة ولأولِ مرة أكتبُ مشاعريّ على وسادتي .. وقلمي هُو البُكاء وَ الدمّ !
كثيرًا ما كُنتُ أكتبُ به قلمٌ مهترئ وورقةٌ مُحرقة جدًا ،
كتبتُ يا أمي كلمات لا أستطيعُ فهمها أو ترجمة مشاعرها تحديدًا ،
أحس وأنا أكتبها بوعكات جسدية ونفسية ومشاعرية وكل مايخطرُ على البال ،
أُحسُ وأنا أكتبُ أحبّك ،
بين الألف والحاء أنفاسٌ طويلة وشهقاتْ وبعد دقائق تأتي الحـاء ، وهكذا يحدث مابين الحروف الباقية مايحدث في الألف !


أمِيْ ،
توغلينَ بعدًا
إذن ؛ كل يوم ألمٌ جديد وَ جرحٌ جديد
ومواويلُ حزنٍ أنهكها ليلُ السّهاد
من يمسحُ دمعاتي !
ويجمعُ رفاتَ قلبي !
تَاهتْ في وسطِ الدّجى روحي ..
وَ ها هي أُمنياتي في طريقِ المنفى , تَعبر رصيفا عن رصيف و تختَلس النظر علّها تُصِيبُكِ يومًا ما ..
يَا غَائبةً عَن ناظِري والقلب يحتَوي كل الذكرى معكِ
لا زلتُ أذكر ذاكَ الصباح المتثآئب هدوءا ً!
والحزن الذي تسلّل من خلفِ المطر !
جدائِل الحرمَان
رسَائل الألمٍ وَ الرّجاء
حبيسة اللاّ وصُول أنا !!
تُرى يا أمي من يقتَلعني من وجَعي هذه السّاعة ؟!
مَن يعيدُ لي قُوتي المَسلوبة ؟!
أفقدنِي معَ كلّ خيبة
أتعلّق معَ كلّ ذكْرى
تتلذّذ بمصِيبتي كلّ الشّياطينِ المحبُوسة فِي يومٍ الجُمعة
لا دَاعي بأنْ توسوسَ لي بالشّر ؛
فأَنا قنبلةُ يأسٍ مشحونةٌ بالخَطايا , بِانتظارِ فتيلٍ آخر يشتعل ..
رفقاً بي يا سيّدي / ويا عوالمَ المدنيّة !
أنَا قارورةٌ كتلكَ التّي على مكتبكَ ؛ وأنتَ تنظرُ لي بنصفِ عينٍ وتتخذ من كرسيّك أرجوحة
حسّاسة مثلهَا بلْ وأكثر !
كثيرةٌ هيَ أعوادُ ثقابكَ يا سيدي !!
أشعِلني لأضيرَ فِي النّار هذهِ السّاعة !!
أكاد أصيح يا أمي زمّليني ،، دثّريني
غربتي قاسية
لا أَستطيعُ المجيءَ هذهِ الإجَازة
لديّ عقابٌ منْ سيّدي يا أمّي !
وحيدةٌ اليوم ،، كلّ واحدةٍ من رفِيقاتي سَافرتْ لبَلدها وأَهلها
كَم أكرهُ لغةَ الفراقِ تلكَ التّي تتحدثُها أعينُهم عندَ كلّ لِقاء ..
لا تظُني بأَني نسيتُ وعدَنا يا حبيبتي
فأنا ما زلتُ مؤدبةً / مُطيعةً / ملتزمةً / بَل ومستَسلمة
ولا ذنبَ لي سِوى أنّني لمْ أُوفّق فِي إختيارِ ( بوكيهِ الورد ) المنُاسبِ لتلكَ المنَاسبة !
مزّق الخوفُ أوراقَ أجنِدتي !
وَ محمومةٌٌ أنا بحمّى الفَقد !
إلَهِي لمَ لا تنصِفنا تلكَ الأيّام الجَميلة , تماماً كما قِيل - الأيّامُ الجميلةُ دمّرتنِي -

غِيابي عنكِ يا أمِـيْ ،
يعني أنْ أقفَ على رأسِي , وَ أمشِي بهِ ..
أُواجهُ الحفرَ , والمَطباتِ بذاتِ الرّأس الممتلئِ عداً .. يوْم .. إثنَان ... عشرَة ...
أعبرُ كلّ أرصفةِ الحنينِ , وتَعبرني إستفهاماتُ المارّة فِي كلّ حين !
غِيابي !
يعنِي أنّني منشورةٌ على حبلِ غسيلٍ أنتظرُ أنْ تجفّ الأيامُ
أوْ يمرّ بِي طيرُ سلامٍ ..
فأسْقطُ , أو أرتَفع !
صدّقيني يا أمِـيْ ،
لَو كنتُ أملكُ خيَارَ تكرارِ المَواقفِ فِي حيَاتي
لاخْترتُ أجمَلها عَلى الإِطلاق ..
( مُعانقةُ العَودةِ بعدَ جُوعِ غِيابْ )
فَ لتَكنْ منصَفاً يا قَدَرِي !



نصٌ هَش ، وَ نفثَة صَدر فَاغفِروهــآ ..



المصدر... (http://www.alriyadh1.com/vb/f17/t191641.html)