تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : "الجوني": بعض الداعين لكشف وجه المرأة هدفهم تحريرها


eshrag
12-27-2014, 09:27 AM
http://cdn.sabq.org/files/news-thumb-image/367654.jpg?647943 (http://sabq.org/Ahugde) عيسى الحربي- سبق- الرياض: رأى الباحث الشرعي محمد بن علي الجوني أن الدعوات التي تظهر بين الفينة والأخرى، وتطالب باعتبار كشف وجه المرأة أمراً مباحاً، تحمل في باطنها الدعوة إلى تحرير المرأة.

وقال: "الملاحظ في كثير من بلدان المسلمين أنّ الدعوة إلى تحرير المرأة تبدأ بالمطالبة بكشف الوجه؛ بحجّة وجود الخلاف بين السّلف في تفسير الزينة الظاهرة التي أباحت الشريعة للمرأة إبداءها، فمن الصحابة والتابعين وتابعيهم من يرى أنّ المقصود بها الملاءة والعباءة، ومنهم من يميل إلى أنّ المقصود بها رُقعة الوجه والكفّين".

وأضاف: "لا ريب أنّ المسألة من مسائل الخلاف السّائغ المعتبر، الدائر بين الراجح والمرجوح، والصواب والخطأ، ولولا أني رأيت بعض أهل العلم المعاصرين اشتطّ في الإنكار، وأبعد في التطاول على المخالفين واتّهامهم بما هم منه بَراء، لما حركت يداً، ولا جرّدت قلماً".

وأردف "الجوني": "كون القول بجواز كشف الوجه عند كثيرين أصبح رقيةً وبريداً يُتذرّع به إلى تسويغ الاختلاط على هذا الوجه السّافر الذي لا قائل بجوازه من السلف الصالح -رحمهم الله- فإنّ هذا لا يُصيّره ضلالة وابتداعاً بعد أن كان فيه اختلاف وسعة، وقد اقترنت الدعوة إلى الاختلاط بالدعوة إلى كشف وجه المرأة في بعض المجتمعات، وكأنه أصبح من مقتضيات القول بإباحة كشف الوجه القول بجواز الاختلاط، والحقّ الذي لا ينبغي أن يعدل عنه منصف، أنّه لا تلازم بينهما إلا عند من قصر نظره وقلّ فقهه فلم يعرف مسائل الوفاق والخلاف عند السّلف الأولين".

وأكمل: "لا يُعرف القول بجواز الاختلاط على هذا الوجه الذي أحدثه المعاصرون عن أحد من علماء الدين وفقهائه المعتبرين، بل هو قولٌ حادثٌ مخترع، وإن قال به بعض من وسّع جبّته وكوّر عمامته، حتى ما يستدلُّ به بعض المتخرّصين من أحاديث يحسبونها تدلّ على جواز الاختلاط الدائم الذي يُزيل الكُلفة ويورث الأُلفة لا تدلّ على مبتغاهم، ولم يفهمها أحدٌ من أهل العلم على هذا الوجه المحدث، فإنّ هذا النّوع من الاختلاط كان بوجود محارم المرأة كأبيها أو زوجها كحديث أبي أسيد رضي الله عنه في البخاري فإنّ امرأته قامت بخدمة ضيوفه، ومنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضور زوجها".

وبيّن أن العلماء الربانيون رغم سعة علومهم وصدق تطلّبهم للحق، وحرصهم على إصابته، إلا أنهم ما زالوا يختلفون في ما يجب على المرأة أن تستُره من بدنها، والقدر المتّفق عليه بين هؤلاء العلماء هو ستر جميع البدن إلا ما استُثني، والخلاف دائرٌ بينهم في معنى هذه الزينة المستثناة، والتي يجوز للمرأة إظهارها.

وأكد أنه لا يجوز بحال أن يُتّهم من يقول بوجوب ستر المرأة لوجهها ويديها وسائر بدنها أنه متشدّد أو مُتنطّع، أو أن يُقال إنّ في سترها لوجهها إلغاءً لشخصيتها ومصادرة لحريتها، فهذه ليست من لغة الفقهاء ولا من صنعتهم، فقد كانت من النساء من تستر وجهها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من غير نكير منه، ولو كان في ذلك تضييق عليها أو غضّ من قدرها ومكانتها لنَهى عنه.

وتابع: "لا يجوز أيضاً أن يُقال عمّن أوجب على المرأة أن تستُر بدنها إلا وجهها ويديها أنّه من دعاة الانحلال والتبرج والسّفور، أو أنّ من يرى أنّ للمرأة أن تكشف وجهها لا يغار على الأعراض ولا يتّقي الله في حرمات المسلمين، فلكلّ قولٍ من هذين القولين المعتبرين وجهه ومأخذهُ واعتباره، (ولكلّ وجهة هو موليها) فهي مسألة من مسائل الخلاف المعتبر، وليست من معاقد الولاء والبراء، ولا ينبغي أن يوصف المخالف الذي جرى على نسق العلماء الراسخين وانتظم في ميدانهم بالضّلال واتّباع الهوى".

وأبان الباحث الشرعي أن من استراب في هذا التّقرير الذي تقدّم، فلينظر في كلام أئمة التفسير كإمام المفسرين ابن جرير الطبري وابن عطية والبغوي والسمعاني والقرطبي وابن كثير والشنقيطي وغيرهم، وليقرأ بتجرّد للحق في تفاسيرهم ولينظُر في أقاويلهم، فقد اعتدّوا بهذا الخلاف وأقرّوا به، وهم أتقى لله منا وأعرف بمراده، ولا يمكن لأحدٍ مهما بلغت حماستهُ وغيرتُه أن يشطب هذا الخلاف أو أن يكتمه أو يلغيه، فهو خلاف موجود من القرون المفضّلة ومدوّن في تفاسير السلف.

وختم حديثه بالقول: "لا بأس أن تؤيّد ترجيحك بالحجّة والبرهان، ولا بأس أن تنقُض أدلة المخالف وتزيّفها، ولا ملامة عليك في ذلك، لكن ما لا يمكن قبوله ولا الإغضاء عنه أن تصف المخالف في هذه المسألة الفقهية بالنّفاق أو تلحقه بركب أهل البدع، فعبثاً عند ذلك أن تقدر على أن تحملنا على رأيك أو تقنعنا بصوابك، كما أنه لا ينبغي للمقلّد أن يدخل في جدال في هذه المسائل التي تتجاذب فيها الأدلّة وتتكافأ فيها المرجحات، فإنّ مآخذها دقيقة، وقد تخفى وجوه الترجيح على من لم يتأهل لفهمها والنّظر فيها، والمقلّد جاهل كما قرّره غيرُ واحد من أهل العلم، بل المتعيّن عليه أن يسأل أهل العلم الراسخين عما أشكل عليه، ويستفي من يثق بعلمه ودينه وأمانته حتى تبرأ ذمته، وتسلم له آخرته".


أكثر... (http://sabq.org/Ahugde)