المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "الجوني": الخوارج محاربون لولاة الأمر والعلماء دائماً


eshrag
01-20-2015, 08:17 PM
http://cdn.sabq.org/files/news-thumb-image/375862.jpg?660988 (http://sabq.org/Ypwgde) عيسى الحربي- سبق- الرياض: قال الباحث الشرعي، محمد بن علي الجوني: إن النّاظر في تاريخ حركات الخوارج وكلّ من تأثّر بهم، يجد أنّ هؤلاء لا يمكن أن يكون لديهم أتباع أوفياء، ولا أن يحشدوا أنصاراً مخلصين إلا بعد أن تمهّد البيئة المناسبة والأرضية الخصبة لخروجهم.

وقال "الجوني": "الناس لن يستمعوا إلى هؤلاء الخوارج ولن يتقبّلوا أفكارهم أو يذعنوا لخطابهم إلا بعد زوال عقبتين من طريقهم؛ الأولى هي ولاة الأمر من الحكام المسلمين، حيث يبدأون في اتّهامهم في دينهم والتشكيك في إخلاصهم والطّعن في مقاصدهم، فيفسّرون كل قول أو فعل يصدر عنهم، وإن كان حسناً، بأنّ المراد به نقض الإسلام وهدم بنيانه، والثانية هي ولاة الأمر من العلماء الراسخين".

وأضاف: "لقد عرف الخوارج بأنّهم أهل صلاة وصيام وقراءة للقرآن حتى أنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول لأصحابه رضي الله عنهم: "تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وقراءتكم مع قراءتهم"، والرسول يقول ذلك محذّرا لصحابته ومن ورائهم أمته، لأنّ عبادة الخوارج وزهدهم في الدنيا وإعراضهم التام عن زهرتها، وظهورهم بعدم الاهتمام بخيراتها، مع الإكثار من العبادة والتورع الشديد حتى عن الأمور المباحة، دائماً ما يكون سبباً في اغترار عامّة المسلمين بأفكارهم، وشبكة تجذب المغترين إلى الإيمان بعقائدهم القائمة على تكفير المسلمين، والحكم بالردّة على حكامهم وعلمائهم وعوامّهم".

وعلى خلفية تتابع ظهور المحاربين للأمن واستهدافهم للآمنين أردف "الجوني": "لا شكّ أنّ من أشدّ الأمور إيلاماً للنّفس وإيذاء لها، رؤية هؤلاء الخوارج الذين يظهرون للناس بمظهر التمسّك بالسنّة والرغبة في نصرة الدين ودعوى الاستشهاد في سبيله، لكنّهم في حقيقة أمرهم ومن حيث لا يشعرون، صاروا أعداءً للدين خصوماً لحملته، يحسبون كلام الله يشهد لهم وهو شاهد على قبح أعمالهم، وضلال مسعاهم".

وقال: "الخطر كامن في تسرّب هذه الأفكار المفخخة إلى عقول الناس وتغلغلها في قلوبهم، لأنّ حملتها أناسٌ لا يمكن أن يشكّ الإنسان المسلم في نزاهتهم وصدقهم وحماستهم الظاهرة لهذا الدين، وغيرتهم على محارمه أن تنتهك، وشرائعه أن تغيّر".

وأضاف الباحث الشرعي: "من خواص هؤلاء الخوارج تجاه العلماء الراسخون أنهم يشكّكون بهم، ويتّهمونهم بأنّ الحامل لهم فيما يفتون به من فتاوى، وما يصدرونه من بيانات، هو الرغبة في الدنيا، وخدمة السّلاطين وعبادة الدينار والدرهم، فإذا نفثوا هذه الأفكار الخارجية في روع النّاس، وأدخلوها في تلافيف عقولهم، وحقنوها في كلّ عِرقٍ ومفصل منهم، فلا تسل عن هلكة حاملي هذه الأفكار ولا في أيّ أودية الأهواء تكون نهاياتهم".

وأردف "الجوني": "فإذا تمكّن هؤلاء الخوارج من إسقاط المرجعيّة الصحيحة التي أمر الله المسلمين بالرجوع إليها من نفوس هؤلاء الشباب المغرّر بهم، وتهاوى إحسان الظنّ بالعلماء في دواخلهم، سهل بعد ذلك انقيادهم وتطويعهم للأفكار والأحزاب والتنظيمات التي ترفع الشعارات والرايات التي تتلاعب بحماستهم وتلتقي، فيما يظنون، مع غاياتهم".

وتابع: "في حقيقة الأمر؛ فإنّ هذه الأحزاب تسعى لتحقيق أهدافها، ونيل مآربها عبر السير على جسور، مادتها وطينتها، مكوّنة من دماء وجماجم هؤلاء الشباب، الذين اشتعلت في نفوسهم واعتملت في دواخلهم الحماسة الدينية غير المنضبطة التي سيقت في الطريق الخاطئ، وأقحمت في المعركة الغلط، فكانوا عند ذلك دروعاً لأعداء الأمة وسيوفاً تطعن بها خاصرتها".

وقال الباحث الشرعي: "لذلك تكاثرت الأحاديث الصّحيحة وتنوّعت في التحذير من الخوارج، والأمر بمقاتلتهم، والثناء الحافل على من قتلهم أو قتل على أيديهم، رغم ما يتظاهرون به من غيرةٍ منحرفة على الدين، وتضحيةٍ بنفوسهم، واسترخاص لأرواحهم في سبيل تمكينه وعزّته".

واختتم "الجوني" بقوله: "فتنتهم عظيمة، وبلاؤهم لا نظير له، لكونهم يتلبّسون بالدين، ويظهرون بمظهر النّاصح الأمين على حرماته ومقدساته، فيحسنون التّغرير بمن يصدّق أقوالهم ومطالبهم التي تحمل شعارات الخير والإصلاح في ظاهرها، والسمّ الزعاف والموت الزّؤام في باطنها".


أكثر... (http://sabq.org/Ypwgde)