المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماقيل من الشعر في الخندق وبنو قريظة


eshrag
01-13-2017, 01:38 PM
الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام

ما قيل من الشعر في أمر الخندق وبني قريظة
شعر ضرار
<459> وقال ضرار بن الخطاب بن مرداس، أخو بني محارب بن فهر، في يوم الخندق: <460>
ومشفقة تظن بنا الظنونا ... وقد قدنا عرندسة طحونا
كأن زهاءها أحد إذا ما ... بعدت أركانه للناظرينا
ترى الأبدان فيها مسبغات ... على الأبطال واليلب الحصينا
ـــــــ
فصل في أشعار يوم الخندق
شعر ضرار
<459> ذكر فيها شعر ضرار بن الخطاب:
على الأبطال واليلب الحصينا
ليلب الترسة وقيل الدرق وقيل بيضات ودروع كانت تتخذ من جلود الإبل ويشهد لهذا قول حبيب
هذه الأسنة والماذي قد كثرا ... فلا الصياصي لها قدر ولا اليلب

(6/254)

وجردا كالقداح مسومات ... نؤم بها الغواة الخاطيينا
كأنهم إذا صالوا وصلنا ... بباب الخندقين مصافحونا
أناس لا نرى فيهم رشيدا ... وقد قالوا ألسنا راشدينا
فأحجرناهم شهرا كريتا ... وكنا فوقهم كالقاهرينا
مزاوحهم وتغدو كل يوم ... عليهم في السلاح مدججينا
بأيدينا صوارم مرهفات ... نقد بها المفارق والشؤونا
كأن وميضهن معريات ... إذ لاحت بأيدي مصلتينا
وميض عقيقة لمعت بليل ... ترى فيها العقائق مستبينا
فلولا خندق كانوا لديه ... لدمرنا عليهم أجمعينا
ولكن حال دونهم وكانوا ... به من خوفنا متعوذينا
فإن نرحل فإنا قد تركنا ... لدى أبياتكم سعدا رهينا
إذا جن الظلام سمعت نوحى ... على سعد يرجعن الحنينا
وسوف نزوركم عما قريب ... كما زرناكم متوازرينا
بجمع من كنانة غير عزل ... كأسد الغاب قد حمت العرينا
شعركعب في الرد على ضرار:
فأجابه كعب بن مالك، أخو بني سلمة، فقال:
ـــــــ<461>
أي لا حاجة بعد وجود الدروع الماذية إلى اليلب وبعد الأسنة إلى الصياصي، وهي القرون وكانت أسنتهم منها في الجاهلية. قال الشاعر
يهزهز صعدة جرداء فيها ... نقيع السم أو قرن محيق
شعر كعب
<460> وذكر في شعر كعب:

(6/255)

وسائلة تسائل ما لقينا ... ولو شهدت رأتنا صابرينا
صبرنا لا نرى لله عدلا ... على ما نابنا متوكلينا
وكان لنا النبي وزير صدق ... به نعلو البرية أجمعينا
نقاتل معشرا ظلموا وعقوا ... وكانوا بالعداوة مرصدينا
نعاجلهم إذا نهضوا إلينا ... بضرب يعجل المتسرعينا
ترانا في فضافض سابغات ... كغدران الملا متسربلينا
وفي أيماننا بيض خفاف ... بها نشفي مراح الشاغبينا
بباب الخندقين كأن أسدا ... شوابكهن يحمين العرينا
فوارسنا إذا بكروا وراحوا ... على الأعداء شوسا معلمينا
لننصر أحمدا والله حتى ... نكون عباد صدق مخلصينا
ويعلم أهل مكة حين ساروا ... وأحزاب أتوا متحزبينا
بأن الله ليس له شريك ... وأن الله مولى المؤمنينا
فإما تقتلوا سعدا سفاها ... فإن الله خير القادرينا
سيدخله جنانا طيبات ... تكون مقامة للصالحينا
كما قد ردكم فلا شريدا ... بغيظكم خزايا خائبينا
خزايا لم تنالوا ثم خيرا ... وكدتم أن تكونوا دامرينا
بريح عاصف هبت عليكم ... فكنتم تحتها متكمهينا
شعر ابن الزبعرى:
وقال عبد الله بن الزبعرى السهمي في يوم الخندق:
حي الديار محا معارف رسمها ... طول البلى وتراوح الأحقاب
فكأنما كتب اليهود رسومها ... إلا الكنيف ومعقد الأطناب
ـــــــ
فكنتم تحتها متكمهينا
<461> متفعلين من الكمه وهو العمى، والأظهر في الأكمه أنه الذي يولد

(6/256)

قفرا كأنك لم تكن تلهو بها ... في نعمة بأوانس أتراب
فاترك تذكر ما مضى من عيشة ... ومحلة خلق المقام يباب
واذكر بلاء معاشر واشكرهم ... ساروا بأجمعهم من الأنصاب
أنصاب مكة عامدين ليثرب ... في ذي غياطل جحفل جبجاب
يدع الخزون مناهجا معلومة ... في كل نشر ظاهر وشعاب
فيها الجياد شوازب مجنوبة ... قب البطون لواحق الأقراب
من كل سلهبة وأجرد سلهب ... كالسيد بادر غفلة الرقاب
جيش عيينة قاصد بلوائه ... فيه وصخر قائد الأحزاب
قرمان كالبدرين أصبح فيهما ... غيث الفقير ومعقل الهراب
حتى إذا وردوا المدينة وارتدوا ... للموت كل مجرب قضاب
شهرا وعشرا قاهرين محمدا ... وصحابه في الحرب خير صحاب
نادوا برحلتهم صبيحة قلتم ... كدنا نكون بها مع الخياب
لولا الخنادق غادروا من جمعهم ... قتلى لطير سغب وذئاب
شعرحسان:
<462> فأجابه حسان بن ثابت الأنصاري فقال
هل رسم دارسة المقام يباب ... متكلم لمحاور بجواب
قفر عفا رهم السحاب رسومه ... وهبوب كل مطلة مرباب
ولقد رأيت بها الحلول يزينهم ... بيض الوجوه ثواقب الأحساب
ـــــــ
أعمى، وقد قيل فيه إنه الذي لا يبصر بالليل شيئا، ذكر هذا القول البخاري في التفسير
من شعر حسان حول أسماء الله جل وعلا:
<462> وفيه قوله
وجنود ربك سيد الأرباب

(6/257)

فدع الديار وذكر كل خريدة ... بيضاء آنسة الحديث كعاب
واشك الهموم إلى الإله وما ترى ... من معشر ظلموا الرسول غضاب
ساروا بأجمعهم إليه وألبوا ... أهل القرى وبوادي الأعراب
جيش عيينة وابن حرب فيهم ... متخمطون بحلبة الأحزاب
حتى إذا وردوا المدينة وارتجوا ... قتلى الرسول ومغنم الأسلاب
وغدوا علينا قادرين بأيدهم ... ردوا بغيظهم على الأعقاب
بهبوب معصفة تفرق جمعهم ... وجنود ربك سيد الأرباب
ـــــــ
<463> فيه شاهد لمن زعم أن السيد من أسماء الله وقد كره أكثر العلماء أن يقول في الدعاء يا سيدي، وأجازه بعضهم واحتج بحديث ليس إسناده بالقوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له رجل يا سيد فقال " السيد الله "
وأما مذهب القاضي في مثل هذا من الأسماء التي يراد بها المدح والتعظيم فذكر الله به جائز ما لم يرد نهي عنه أو تجمع الأمة على ترك الدعاء به كما أجمعوا ألا يسمى بفقيه ولا عاقل ولا سخي وإن كان في ذلك مدح.
قال المؤلف والذي أقول في السيد أنه اسم يعتبر بالإضافة لأنه في أصل الوضع بعض ما أضيف إليه. تقول فلان سيد قيس، إذا كان واحدا منهم ولا يقال في قيس هو سيد تميم لأنه ليس واحدا منهم فكذلك لا يقال في الل تعالى: هو سيد الناس ولا سيد الملائكة وإنما يقال ربهم فإذا قلت: سيد الأرباب وسيد الكرماء جاز لأن معناه أكرم الكرماء وأعظم الأرباب ث يشتق له من اسم الرب فيوصف بالربوبية ولا يوصف بالسؤدد لأنه ليس له على الإطلاق وقد جاء في شعر حسان الذي يرثي به رسول الله صلى الله عليه وسلم
يا ذا الجلال وذا العلا والسؤدد
يصف الرب ولكن لا تقوم الحجة في إطلاق هذه الأسماء إلا أن يسمعها الرسول عليه السلام فلا ينكرها، كما سمع شعر كعب فلم ينكره

(6/258)

فكفى الإله المؤمنين قتالهم ... وأثابهم في الأجر خير ثواب
من بعد ما قنطوا ففرق جمعهم ... تنزيل نصر مليكنا الوهاب
وأقر عين محمد وصحابه ... وأذل كل مكذب مرتاب
عاتي الفؤاد موقع ذي ريبة ... في الكفر ليس بطاهر الأثواب
علق الشقاء بقلبه ففؤاده ... في الكفر آخر هذه الأحقاب
شعر كعب:
وأجابه كعب بن مالك أيضا، فقال:
أبقى لنا حدث الحروب بقية ... من خير نحلة ربنا الوهاب
بيضاء مشرفة الذرى ومعاطنا ... حم الجذوع غزيرة الأحلاب
ـــــــ
وإنما وصف على الوجه الذي قدمناه، وعلى المعنى الذي بيناه
من شعر كعب
<464> وقول كعب
بيضاء مشرفة الذرى ومعاطنا
يعني: الآطام وقوله معاطنا يعني: منابت النخل عند الماء شبهها بمعاطن الإبل وهي مباركها عند الماء.
وقوله حم الجذوع وصفها بالحمة وهي السواد لأنها تضرب إلى السواد من الخضرة والنعمة وشبه ما يجتنى منها بالحلب فقال غزيرة الأحلاب.

(6/259)