المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "جباليا" تحكي تفاصيل مثيرة لمعركة خاضها جنود القسام مع القوات الخاصة


اشراق العالمrss
02-01-2009, 10:20 AM
http://www.iugst.com/vb/t17657.html

"جباليا" تحكي تفاصيل مثيرة لمعركة خاضها جنود القسام مع القوات الخاصة

مركز البيان للإعلام
نشرت صحيفة "دي اندبندنت" البريطانية مقالا لمراسلها دونالد ماكنتاير بعث به من جباليا في قطاع غزة تحدث فيه عن اشتعال المعركة في غزة وإجبار القوات الإسرائيلية احد سكان مدينة غزة على المخاطرة بحياته بينما كانت تسعى لاقتناص ثلاثة من مقاتلي "حماس".

ويقول ماكنتاير انه "بعد معركة أخرى عنيفة استمرت أكثر من 45 دقيقة، أمرت القوات الإسرائيلية مجدي عبد ربه أن يدخل بيته المدمر عبر فسحة في الجدار ليهبط ببطء على الدرج نحو الطابق الأول في المبنى الذي تهدم بجانب منزله، لم يكن يعرف ما إذا كان الرجال هناك أحياء أم أمواتا، فصاح للمرة الثانية "أنا مجدي. لا تخافوا".

كانوا ثلاثة رجال يحملون بنادق "كلاشنيكوف إيه كيه 47" ويرتدون ملابس التمويه وقبعات على رؤوسهم تظهر عليها علامة "كتائب عز الدين القسام"، كانوا لا يزالون أحياء وان كان واحد منهم قد أصيب بجروح بالغة، واقنع عبد ربه أن يشد الرباط حول ذراعه الأيمن. كان أصغرهم – ربما 21 سنة – يحتمي وراء قطعة من المبنى المهدم، حيث يمكنه أن يشاهد القوات الإسرائيلية التي أرسلت الزائر.

قال لهم عبد ربه بصوت متهدج "أرسلوني مرة ثانية إليكم لكي آخذ منكم أسلحتكم، قالوا لي إنكم أموات". رد عليه الأصغر سنا بتحد واضح: "قل للضابط، إذا كنت رجلا فتقدم إلى هنا".

أربع جولات

عندما وصل الجنود في العاشرة صباحا، لم تكن لدى عبد ربه (40 سنة) أي فكرة انه خلال الـ24 ساعة المقبلة سيقوم بأربع جولات تصيب المرء لهولها بنوبة قلبية، جيئة وذهابا عبر طريق خطر للغاية بين القوات الإسرائيلية والرجال الثلاثة المحاصرين من مقاتلي "حماس" المصممين على إكمال مهمتهم.

وهو إذ يستعيد كل التفاصيل المتعلقة بتلك الفترة التي تشبه في روايتها أكثر أفلام الحرب الميلودرامية، لكنها كلها كانت حقيقة واقعة بالنسبة إلى رجل فقد في النهاية منزله واعتقد (خطأ) أن زوجته وأطفاله قد استشهدوا. كما انه شاهد عن قرب شديد آخر موقف لرجال كتائب القسام في وجه الهجمات البرية الإسرائيلية وقذائف مروحيات "اباتشي" التي لا تتوقف.

في هذه المرحلة من الهجوم لم يقتل مدنيون، مع أن الكثيرين فقدوا حياتهم خلال عملية "الرصاص المسكوب"، لكن المرحلة تعرض لمحة نادرة وتفصيلية لاشتباك واقعي بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي "حماس". وفيما تساعد في تعزيز القناعة الإسرائيلية بان نشطاء "حماس" يعملون من داخل مناطق مدنية، فإنها تدل على أن قادة (إسرائيل) مستعدون لاستخدام المدنيين كدروع بشرية لحماية القوات الإسرائيلية.


إنها رواية رجل واحد لما حدث بطبيعة الحال، غير انه تبين للجنود بعد تحقيقات أجروها في وقت لاحق أن عبد ربه كان عضوا في مخابرات "فتح" وانه لا يزال يقبض راتبه من السلطة الفلسطينية في رام الله، وفي رأيه انه لا يحق لمقاتلي "حماس" أن يمارسوا عملهم من المنزل المجاور لمنزله، لكنه يعارض بقوة أيضا استخدام الجيش الإسرائيلي له ويقول: "كنت معرضا للقتل".

بداية المعركة

وصل الجنود في الخامس من كانون الثاني (يناير) وهو اليوم الثاني للهجوم البري الإسرائيلي، برفقة فلسطيني لا يعرفه إلا باسم عائلته "الضاهر"، وبعد أن طلب منه الجنود أن يخلع قميصه وسرواله للتأكد من انه لا يحمل سلاحا، أمروه أن يطلب من زوجته وجدان (39 سنة) وأفراد العائلة الخروج.

وبعد ذلك أشهر ثلاثة جنود السلاح في وجه عبد ربه بينما عائلته لا تزال في الباحة، وقام الجنود بتفتيش منزله من أسفله إلى أعلاه، ثم سأله الجندي الذي يتحدث العربية عن المنزل المجاور لمنزله، قال لهم انه يعتقد أن لا احد في ذلك المنزل.

ثم وصل احد الضباط واصدر أوامره بتفتيش المنزل المجاور، حينها سار الضابط في المقدمة بحذر على الدرج وبندقيته "إم16" موجهة إلى الأسفل، بعده سار عبد ربه وكان الجنود ما زالوا يشهرون السلاح خلفه، وفجأة بدأ الضابط يصيح في جنوده.

قال عبد ربه: "عدنا أدراجنا على السلالم، وقد سحبني الجنود ووقعت مرتين، ذهبنا إلى منزلي". وأصبح ما شاهده الضابط واضحا عندما تعرض الجنود فجأة وهم على أهبة الاستعداد القصوى خارج ساحة منزل عبد ربه لإطلاق النار عليهم، نقل عبد ربه إلى مسجد قريب كان مليئا بالجنود ووضع القيد على يديه وطلب منه أن يجلس هناك.

سنطلق عليك النار

بعد 15 دقيقة من الصمت أطلق مقاتلو "حماس" النار مرة أخرى، وواصل عبد ربه رواية حكايته قائلاً: "اتخذ الجنود مواقع لهم عند نوافذ المسجد وبدؤوا في الرد على النار، وبدأت أصيح موجها كلامي للجندي الذي يتحدث العربية: زوجتي وأبنائي في خطر هناك". فقيل له "اصمت وإلا سنطلق عليك النار". يضيف عبد ربه: "انهرت وبدأت في البكاء، وخشيت أن تكون عائلتي قد قضت نحبها".

بقي عبد ربه محتجزا لدى القوات الإسرائيلية لمدة يومين، وكان مقيدا لبعض الوقت، وظل مصاحبا لتلك الوحدة الإسرائيلية في تحركها في المنطقة، وفي أحيان كثيرة تحت وابل كثيف من النيران، وفي إحدى المرات طلب منه أن يفتح أبواب سيارتين في منزل آخر للتحقق منهما، قبل النداء على الساكنة في الطابق الأرضي. بعد ذلك أمره الجنود في فترة بعد الظهر أن يتوجه لتفحص المبنى المدمر الذي كان مقاتلو "حماس" يقبعون فيه. "قلت إنني لن اذهب. قد يقتلونني. ولدي زوجه وأطفال".

قتلناهم بـ10 صواريخ

غير أن الضابط الإسرائيلي قال لي انه "أطلق 10 صواريخ وقتلهم"، وطلب من عبد ربه أن يذهب إلى المنزل ويحضر الأسلحة بعد أن تلقى ضربة من عقب بندقية وركلة لتنفيذ الأمر، "ذهبت إلى منزلي ورأيت أن عائلتي ليست هناك. بحثت عن آثار دماء، فلم أجد شيئا. كان خاليا. وعندما نزلت على الدرج كنت أصيح قائلا "أنا مجدي" كي لا تذهب بهم الظنون ويعتقدوا أنني إسرائيلي ويطلقون النار علي".

ما أن اقترب من باب الشقة حتى شاهد احد المقاتلين وبندقيته مشهورة يقف لحراسة القاعة وخلفه اثنان آخران، بقي عبد ربه في الممر، وقال لهم إن الإسرائيليين يعتقدون أنهم أموات. "سألوني أين موقع الجنود وقلت لهم إنهم منتشرون في كل مكان. فطلبوا مني أن أغادر المكان".


طلب منه الجنود المختبئين خلف حائط منزل على بعد 100 متر، أن يتعرى للتأكد من انه لا يخفي أي سلاح بعد مغادرته المنزل، بعد ذلك طلب منه أن يقوم برحلة ثالثة إلى موقع المقاتلين، ويقول عبد ربه إن الضابط الإسرائيلي شتمه وركله بعد أن استمع إلى تقريره. بعد وقت قصير قامت مروحية "أباتشي" بإطلاق ثلاثة صواريخ يقول إنها "دمرت" المنزل الذي كان فيه المقاتلون.

لا زالوا أحياء

هبط الظلام عندما أمرته القوات الإسرائيلية بالذهاب إلى ذلك المنزل مرة أخرى، إلا أن عبد ربه أقنعهم أن المشي عبر الركام من منزله أمر مستحيل في الظلام. "واصلت السؤال عن عائلتي، وكان ردهم باستمرار أنهم لم يصابوا بأذى". ومن عجب أن المقاتلين كانوا لا يزالون أحياء، وأطلقوا النار مرة أخرى. ثم اخذ السيد عبد ربه إلى منزل آخر وأمر بالبقاء هناك مكبل اليدين في البرد و"قلقاً على عائلتي وبيتي".

وحضر الجنود الإسرائيليون لأخذه مرةً أخرى في السادسة والنصف صباحاً مؤكدين له "لقد قتلناهم الليلة الماضية" وأمروه بالذهاب ليرى. وشرح السيد عبد ربه: "قلت: كيف يمكن أن اذهب؟ سقف بيتي مدمر، الأمر خطير جداً".

ولكنه استطاع، بعد أن لم يتركوا له خياراً، الوصول إلى الدرج والنزول بحذر وهو ينادي كما فعل مرتين من قبل. وقال: "رأيت كل شيء مدمراً. كانوا جميعهم جرحى ولكن الشخص الذي كان ينزف كان الأسوأ حالاً. كان يرفع أصبعه ويقول: لا اله إلا الله.

لن نستسلم أبداً

ويضيف "كان احددهم ممدداً تحت الأنقاض لكنه كان ما يزال حيَاً. قال الشخص الأفضل حالاً إنهم لا يمكن أن يستسلموا أبدا وأنهم سيصبحون شهداء. وذكر لي احدهم اسمه طالباً مني أن أوصل رسالةً إلى عائلته".

وقال السيد عبد ربه إن الإسرائيليين بدؤوا بإطلاق النار بينما كان هناك وانه ركض هارباً. وأوضح: "عدت إلى الجيش وكذبت عليهم. قلت: قالوا لي أنهم سيقتلونني إذا عدت".

ثم استخدم الجنود الإسرائيليون مكبراً للصوت ليخاطبوا المسلحين بالعربية: "لكم عائلات. اخرجوا وسنأخذكم إلى المستشفى ونعتني بكم. المنطقة مليئة بالقوات الخاصة. قادة حماس كلهم مختبئون تحت الأرض".

قال عبد ربه: "بينما كانوا يتحدثون كذلك، أطلقت النار (من جانب رجال حماس) مرة أخرى، ودفعني الضابط إلى الجدار وقال: أنت تكذب علي. يوجد أكثر من ثلاثة هناك".

آخر مهلة..15 دقيقة

ثم أمر الجنود اثنين آخرين من السكان بأخذ كاميرا إلى المنزل لتصويره وتصوير مقاتلي "حماس". وبعدئذ أرسل الجيش كلباً عاد مجروحاً وسرعان ما توفي بعد ذلك. ثم قيل للمسلحين: "أمامكم 15 دقيقة للخروج من دون ملابس ورافعين أيديكم. إذا لم تفعلوا، فسنهدم البيت عليكم".


وبعد 15 دقيقة، حسبما قال السيد عبد ربه، تحركت جرافة بين المنازل والجامع، ودمرت أجزاء كبيرة من بيته قبل أن تقوم بهدم منهجي للبيت الذي كان المسلحون بداخله. وكان يوم الثلاثاء قد بلغ منتصفه عندئذ.

رأى السيد عبد ربه قبل أخذه بعيداً منزله المدمر رؤية واضحة، كما رأى المنزل المهدوم بجانبه وجثث مسلحي "حماس" الثلاثة ممدة على الأنقاض.

http://www.iugst.com/vb/t17657.html