الميراث نظام وجد قبل ظهور التشريع الإسلامي عرفه العرب في الجاهلية وكانت له نظم وتقاليد وأعراف كانت سائدة في هذا الزمان وانحصرت أسباب الميراث لديهم في النسب والتبني والحلف والعهد .
وكان النسب قبل الإسلام عند عرب الجاهلية لايرد به إلا من إشتد عوده من الرجال وكانت لديه القدرة على حمل السلاح وركوب الخيل ومواجهة الأعداء وغير ذلك من مظاهر القوة والصلابة ، ولم يكن في هذا النظام للنساء والضعفاء والمرضى أي حظ من الميراث
أما التبني فقد كان بإعلان الرجل تبني ابن غيره فتكون له كل مزايا الابن الصلبي ، أما الحلف والعهد هو صورة لمعاهدة بين رجلين يلتزم فيها الرجل بما يلتزم به الآخر من دم وإرث وكانت له صيغة متداولة لديهم فحواها ” دمي دمك وهدمي هدمك وترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك ” ، فإذا تمت هذه الصيغة وجبت كل التزاماتها .
ثم جاء الإسلام وجاء معه قانون يقوم على العدل والإنصاف ومحو الظلم والإجحاف فأبطل ما كان عليه الوضع في الجاهلية وأقرب الميراث بالنسب لكل مستحقيه من رجال ونساء كبار وصغار أقوياء وضعفاء ، وتصدى لتوريث المتبنى ، وسلك الإسلام في مواجهة ذلك الوضع بشكل تدريجي حتى لا يحدث صدام بشأن تغييره لتلك القواعد المعمول بها آنذاك .
وشرع نظاما ً مؤقتاً اشتمل على أمرين :
الأول : الهجرة : وفيه يرث المهاجر من المهاجر حتى وإن لم يكن بينهما صلة قرابة إذا كان بينهما ود وتواصل ، ولا يرث في تلك الحالة غير المهاجر وإن كان قريب المهاجر .
الثاني : المؤاخاة : فقد كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يؤاخي بين كل اثنين من الرجال وكان ذلك سبباً للتواري بينهما .
وما إن علا الإسلام ورسخت قواعده حتى ألغى ميراث التبني وأبطل أساسه وما يترتب عليه من آثار فنزل قوله تعالى (( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا )) .
وألغى الإسلام أيضاً ما أنشأه من نظام مؤقت للميراث حيث نزل قوله تعالى (( وَأُوْلُواْ ?لْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى? بِبَعْضٍ? فِى كِتَ?بِ ?للَّهِ ? إِنَّ ?للَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ? )) .
ثم اتجه الإسلام بعد ذلك إلى تقوية أواصر الأسرة فجعل القرابة والزواج من أسباب الميراث ووسع دائرة القرابة لتتسع لكل الأولاد دون تمييز ، ليزيل تدريجياً ظلم وإجحاف نظام الميراث الجاهلي .
التدوينة
تشريع الميراث في الجاهلية وبداية الإسلام ظهرت أولاً على
ثقفني.