رسالة من مراهقــــــة الى امها
امي لا !!.. لا تخبري امي ، ارجوك لا تتصلي بها. ستصرخ ، ستهدد ، ربما ستعاقبني ، مشكلتي ان امي موجودة ولكنها غير موجودة.
... تلك هي امثلة لجمل ترددت على مسامعي عشرات المرات خلال فترة عملي القصيرة ، اسمعها من افواه المراهقات وهن يبحثن عن اجوبة لتساؤلاتهن ، وقبلها يبحثن عن محبة ودعم .
خلال عملي يتردد عليّ الكثير من المشاكل بانواع مختلفة سأحاول من خلال هذا المقال الحديث عن مشاكل رأيت ان علاقة الام بابنتها هي لب المشكلة . خلال لقائي مع الفتيات اصل احيانا الى طريق مسدود فاقول للفتاة ، ما رأيك ان تزورنا والدتك ربما استطعت معها ان نساعدك ، فتنهال جمل الرجاء بان لا اخبر والدتها وان لا اتوجه اليها .
ربما بين من يقرأن المقال من لديها بنت احتاجت يوما ما الى مساعدة وخافت ان تلجأ الى اقرب الناس اليها وهي امها ، وأنا من خلال محادثاتي مع الفتيات لا استطيع لومهن للخوف الذي سيطر على مشاعرهن وحواسهن فمنعهن من التوجه لامهاتهن وقت الحاجة . امي الكريمة :قبل ان تكملي قراءة المقال توقفي واستعرضي شريط حياتك مع ابنتك واسألي نفسك منذ متى لم أعد اشعر بان ابنتي قريبة مني ؟الاجابة واضحة ، في تلك المرحلة التي تبدأ بها الطفلة بالانتقال الى المراهقة المبكرة ، وصديقاتها كل منهن في مرحلة بلوغ مختلفة فكما هو معروف نضوج الفتاة كيفيته وتسارعه يختلف من فتاة لاخرى ويمتد لفترة تسع سنوات من سن التاسعة حتى الثامنة عشرة ، لذا تجد في الصف بالمدرسة وخاصة في نهاية المرحلة الابتدائية فتيات يتصرفن كالبالغات ويكبر اهتمامهن بامور النساء واخريات ما زلن بمرحلة الطفولة يلهون ويلعبن ، يومها تأتي الطفلة حاملة قصة صديقتها التي قصتها عليها اليوم في المدرسة وكيف انها دخلت الحمام ووجدت ملابسها متسخة وانها عادت للبيت واخبرت امها بما رأت فاخبرتها امها انها تلك هي الدورة الشهرية لكن عليها ان لا تخبر احدا بذلك ، واليوم شاركت صاحباتها بما لديها ولكنها كانت تتوسل اليهن ان لا يخبرن احدا حتى لا تعلم والدتها بانها افشت سرها لاحد ...
والطفلة حيرى تتساءل ما هي الدورة الشهرية ولماذا ام صديقتها اخبرتها ان تحتفظ بالامر سرا هل هو عيب ؟ والام بالبيت التي تسمع طفلتها تسرد عليها قصة صديقتها تخجل وتصرف ابنتها قائلة سأخبرك لاحقا ، اما الطفلة فتتسائل ما الداعي لخجل امي وما الذنب الذي اقترفته صديقتي ولماذا هذا التكتم والسرية ، ويبقى الامر معلقا والاسئلة تدور بالرأس . تجد اجابة لما بحثت عنه اولا لدى امها . وبعد عام او اثنين تعود البنت حاملة قصة لصديقة اخرى انها تحادث شابا بالهاتف وان معها رقماً لـ « تيلي شات» ، فتصرخ الام غاضبة ومهددة اياها بان لا تقترب من صديقة السوء ، وربما ترى مراهقتنا الصغيرة مشهدا بالتلفاز تركض نحو امها وتخبرها فيعلو الصراخ ويعلو الخجل وجه الام ولا إجابة فتكرر المراهقة بحثها عن اجابات لاسئلة لم تجد اجاباتها لدى امها اما بدافع الخجل واما لان الام تظنُّ ان الحديث في هذه المواضيع عيب. ويأتي ذلك اليوم يحصل لدى فتاتنا مشكلة صغيرة ، كصديقة نشرت عنها اشاعة تافهة او رسالة حب لا تدري مصدرها وجدتها في حقيبتها ، او مشكلة كبيرة تواجهها او شاب تحادثه بالسر ، وتتساءل وهي في عمق المشكلة « هل يمكن لامي ان تساعدني » . اليوم يا اماه قررت ان احادثك لاقول لك عبر حواجز الصمت وجدران الخوف ، اريد ان اخبرك انه عندما اسألك سؤالا محرجا اعلمي انني ان لم احصل على اجابة منك فساستمر بالبحث ولا تدرين انت من اين سأحصل عليها ، اترغبين ان اجد جوابا حول مشاكل المراهقة مثلا من صديقة سوء او من مجلة هابطة ؟.. أكان يرضيك ذلك ؟ امي اني اعلم انك احيانا ربما تخجلين من اجابتي .. وربما لا تعرفين اجابة واضحة وصحيحة لما أسألك عنه ، فساعديني على ان نجد مصدر ثقة لأسئلتي ، ما رأيك ان تبحثي لي عن كتاب جيد ؟ ما رأيك بدل الصراخ ان تخبريني انك لا تعرفين الاجابة ؟ امي اعلمي انك احسنت تربيتي ولكن الحياة مليئة بالذئاب البشرية ، هي حولي في كل مكان ، هي في المدرسة وفي الشارع وفي البيت عبر قنوات التلفزيون ومواقع الانترنت.
امي اعلمي اني معرضة للوقوع في الخطأ ، فتقبلي اعترافي لك بصدر رحب وحاولي ايجاد الطرق والوسائل لمساعدتي بدل تعنيفي والصراخ علي .
امي لا تتركيني بعد ان اعترفت لك باني كنت احب جارنا واحادثه بالهاتف ، بعد ان اعترفت لك بهذا الذنب القبيح لا تتركيني اشعر بذنب اكبر لانني اخبرتك . لا تهزئي بي ولا ترددي على مسامعي هذا الموضوع ، اتدرين انه عندما اسمع ضحكات اخوتي بجنبات البيت مستهزئين مني بسبب السر الذي اخبرتك اياه اشعر بالاختناق واني اريد الخروج من البيت بلا عودة . امي كم احتاج منك حضنا دافئاً عندما اعود حاملة مشكلة لأنسى ما حل بي واشعر معك بالامان عندها لن اتردد بالعودة اليك كلما حل بي مكروه لا سمح الله او استعصى علي امر بحياتي . اتعلمين ما هو سبب خوفي منك منذ ولدت وانا اسمع صراخك بجنبات البيت وكلما اقتربت منك تدفعينني عنك . منذ كنت طفلة العب بدميتي وانا كلما اخطىء اتلقى منك اللوم والعتاب . امي الا تعلمين انني بشر معرض للخطأ واني ضعيفة احتاج منك الدعم والعون والتوجيه ؟
امي تقبليني كيفما انا ، ربما اردت ان اكون افضل واجمل ، ولكني انا ابنتك فأشعريني انك تتقبلينني ولا تتركيني الجأ لحبيب او صديق يطري على مسامعي كلمات الحب والحنان ويحسسني للمرة الاولى باني بشر ولي قيمة . امي اتعلمين اني احيانا اتعرض لمشاكل لم يكن لي يد فيها وتنزل عليّ كالصاعقة ، كإشاعة تروج عني وانا بريئة منها ، او احد يعترض طريقي ويسلبني كرامتي وعرضي في ثوان . فراقبي تصرفاتي وحركاتي ان وجدت بها تغيراً مفاجئاً وان كان للافضل فاقتربي مني وربِّتي على كتفي لاشعر بدفء اناملك يداعب مشاعري ويقول للساني انطق ما بك ها هي اغلى الناس لجانبك اخبرها بما حل بك . امي ان كل همومي ومشاكلي ومتاعبي ستذهب عندما تشعرينني انك معي بقلبك واحساسك اني احتاج الى كلمات الاطراء والحب منك ، احتاج الى لمسات الحنان من يديك حتى وأنا عندي سبعة عشر عاما.و هل سمعت يا امها نداءها .. والى كل الامهات كثير من المشاكل تتردد على مسامعي كل يوم من طلاب وطالبات بمختلف الاعمار وفي عدة اماكن ، ومعظمها مفتاح الحل هو علاقة متينة بين الام وابنائها وبالذات الفتيات في سنوات المراهقة ، ولذا ارجو من كل ام تقرأ هذه الكلمات ان تعيد النظر بطابع العلاقة بينها وبين ابنائها لتجد هل هناك فتور وتباعد ؟ هل هناك مشاعر واحاسيس بالعلاقة مع ابنائها ؟ ام اقتصرت الحياة على اعطاء الاوامر وتحديد المهام وكأن الحياة اصبحت ثكنة عسكرية.
منقول
|