ابتــــهال تبتهل!
في اغتيال سافر للطفولة, اجتثت هذه الزهرة البريئة من أمام دارها , وغيب أثرها حتى هذه الساعة التي أكملت فيها ثلاثة أعوام ونصف العام , ولازالت أفئدة والديها مضمخة بالشجن , ومفعمة بالأمل في ترقب وتوجس مستمر !
وبالرغم من الاستنفار الأمني المبذول إلا إن أثرها محي تماماً فى فجيعة إنسانية طالتنا جميعا من هول الجرم في خدش البراءة والأستهتاربعائلات الضحايا .
و لقد نكئت الجراح منذ عدة أيام حينما أعلن في الصحف عن احتمالية كون" ابتهال " الطفلة المفقودة في مطار الملك خالد بالرياض ,وعندما قرأت الخبر فى الصحيفة هالني عدد تعليقات القراء التى لم تتجاوز المائتين قارئاً !وكانت ردودهم تقتصر على دعوات صادقة بأن يرد الله هذه الطفلة البائسة الى حضن والديها وهذا حسن ومأجور ولكن المؤلم فيه قلة القراء المتفاعلين في صحيفة تقرأ من قبل مئات الآلاف .
ومما يثير الأسى أن أحدا لم يبادر بما هومن صميم "المسؤولية الاجتماعية " بمبادرات إنسانية قد تكون دافعا لغيرة فى ابتكار أساليب أخرى نوقف فيها هذا الأفرازالجديد والانقلاب الفكري الحاصل في العالم من خطف للأطفال .
فالتحولات الاجتماعية والأسرية والبيئية التي يمر بها المجتمع تتحمل جزءاً من المسئولية عن ظهور هذه الحالات الشاذة، كذلك حالات العطالة أو البطالة .
إن خطف ابتهال أمر يشترك في تبعاته الجميع ,فلدينا الكثير من مشرفين على مواقع ومدونات الكترونية ولن يضيرهم شيئا لو وضعوا صورة ابتهال في احد زواياهم, وكم من صاحب بقالة أومتجر لن يضيره شيئا لو وضع ملصقا لصورتها فى احد جدرانه !
وكم من المعلمين الذين خصصوا بضع دقائق للحديث على تلاميذهم عن محاذير التحدث مع الغرباء فى الشارع اوالأنقياد لطلباتهم!
"إيرين رونيون" التى اختطفت ابنتها البالغة من العمر خمس سنوات، بينما كانت تلعب مع أعز صديقاتها أمام المنزل حينما اقترب منها رجل يقول إنه يبحث عن كلبه الصغير،و تم العثور على سامانثا خلال 24 ساعة، ميتة وملقية في حفرة. قامت بالرد على ما حدث بتأسيس "سامانثا برايد" وهو برنامج لمراقبة الأطفال يقوم فيه يافعون متطوعون باصطحاب الأطفال إلى المدارس والنشاطات ما بعد المدرسية. وانتشرت سامانثا برايد التي نشأت في بلدة "ستنانتون" مسقط رأس رونيون في 50 مدينة أخرى ولديها الآن 600 متطوع وبفضلها تراجعت حالات الاختطاف من 300 الى 100 و150 سنويا . أما رايس التى تم اختطاف وقتل ابنها الذي كان في الـ9 من عمره،قامت بتأسيس مركز" جيمي رايس" لضحايا المختطفين، وهو المركز الذي يوفر الكلاب المدرّبة لرجال الشرطة الباحثين عن الأطفال المفقودين.
وهناك "مارك كلاس" الذي قُتلت طفلته ذات الـ12 ربيعا في بلدة "بيتلاوما" في كاليفورنيا عام 1993، فأسس منظمتين للدفاع عن الأطفال في "ساولساليتو"، كاليفورنيا وهما: مؤسسة "كلاس كيدز" للأطفال التي تقدم كراسات تعليمية للعائلات وندوات حول مكافحة الجريمة في المجتمعات المحلية، و موقع BeyondMissing.com على الشبكة الذي يعد ملصقات للأطفال المفقودين لتوزيعها على صعيد قومي.
اذكر هذه النشاطات بمزيد من الألم وأنا أتذكر الحملة التي أطلقتها منذ سنتين من خلال موقع "امان" الأردني الذى خصص موقعا مستقلاً للحملات الإنسانية, وكانت حملتي بعنوان "حملة البحث عن الأطفال المختطفين" وتصدرتها صورة ابتهال أقول اذكرها وأنا ابتلع غصاتي حيث لم يشارك الا النزر اليسير وكأننا إذا منعنا أبنائنا من الخروج إلى الجيران أو البقالة فقد أمنا غائلة الفجيعة!
بينما نرى النجاح الساحق فى حملات غوغائية على سياق "خلوها تعنس" "خلوها تعجز" " خلوها تصدع" خلوها" تسمن"! وهي شعارات تحمل الكثيرمن التملص والانسحاب من المسؤولية دون الشعوربأى حرج! وصدق الشاعربقوله:
ومن يتعوَّد عادة ينجذِب لها *** على الكُره منه والعوائد أمْلَكُ .
فوزيه منيع الخليوي
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة النبويه