عجائب وبركات الاستغفار في وقت السحر.
الاستغفار من أفضل أنواع الذكر، وهو الذي به يغتاظ الشيطان أشد الغيظ لأنه يعلم أن الله يغفر لعباده المستغفرين التائبين حتى لو بلغت ذنوبهم عنان السماء ، وكما جاء في الحديث الشريف أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ: وَعِزَّتِكَ يَا رَبِّ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ، فَقَالَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي".
وقد أمر بها الله تعالى عباده في كثير من الآيات في القرآن الكريم، قال تعالى: {واسْتَغفِر لذَنبِكَ وسَبِّح بحَمدِ ربِّكَ بالعَشيِّ والإبكَارِ} ، وإنَّ للاستغفار الكثير من الفضائل العظيمة التي لا تعدُّ ولا تُحصى، نبأنا عنها الله تعالى في كتابه الكريم وكذلك أخبرنا بها رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ومن فضائل الاستغفار مغفرةُ الذنوب وتكفيرُ السيئات عن المسلم الذي يلزمُ الاستغفار، قال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا}.
من فضائل الاستغفار
ومن فضائل الاستغفار أيضًا نزول الغيث من السماء وزيادة الرزق والمال وذهاب العُقم وكثرة الأولاد والعيش برغدٍ وطمأنينة وسلام، قال تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}. كما يُشرعُ الاستغفار في كلِّ وقتٍ وحين.
ولكن يوجدُ هناك بعض الأوقات التي يكونُ فيها للاستغفارِ المزيد من الفضلِ كالاستغفار في ثلثِ الليل الأخير أو في الأسْحَار، فقد وردَ فضل الاستغفار بالأسحار في كتاب الله تعالى عندما وصفَ الله المتَّقين في سورة الذاريات، قال تعالى: {كانُوا قَليلًا مِن الليلِ مَا يَهجَعون * وبالأسحَارِ هُم يَستَغفِرُون} .
العرش يهتز في السحر
وقال أبوسعيد الخدري رضي الله عنه: (بلغنا أن داوود عليه السلام سأل جبريل عليه السلام فقال: يا جبريل أي الليل أفضل؟ فقال: يا داوود ما أدري إلا أن العرش يهتز في السحر).
وقد أثنى الله تعالى على عباده المستغفرين بالأسحار فقال: (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17).
وقد وردَ أيضًا في فضل الاستغفار بالأسحار قولُ ابنُ كثيرٍ -رحمهُ الله-: وثبتَ في الصحيحينِ عن جماعةٍ من الصَّحابة أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "يَنْزِلُ ربُّنا تباركَ وتعالَى كلَّ لَيلةٍ إلى السَّماءِ الدنيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ الليلِ الآخرِ، يقولُ: مَن يَدعوني فأَستجيبُ لهُ، من يَسْأَلُنِي فأُعْطِيهِ، من يَستغفرني فأَغفِرُ لهُ".
فالله - تعالى - يتجلى على عباده وقت السحر بالغفران والعطاء والإحسان وإجابة الدعاء وتحقيق الرجاء، فلا يُرَدٌّ فيه سائل، ولا يخيب فيه آمل. وروى عمرو بن عبسة - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " أقرب ما يكون العبد من الرب في جوف الليل، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله - عز وجل - في تلك الساعة فكن " .
سحر يوم الجمعةوسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله أيٌّ الدعاء أسمع؟ أي أرجى إجابة. قال - صلى الله عليه وسلم -: "جوفَ الليل، ودُبُرَ الصلوات المكتوبات" أي وراء الصلوات المفروضة.
وروى ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل: لم أخَّرَ يعقوب - عليه السلام - بنيه في الاستغفار؟ قال " أخرهم إلى السحر لأن دعاء السحر مستجاب " .
ومن أشدّ وأفضل أوقات الاستغفار والدعاء رجاء هو وقت سحر يوم الجمعة، فقد روى الترمذي في حديث طويل، وحسنه والحاكم، وصححه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وفيه يقول - صلى الله عليه وسلم -. وقد قال أخي يعقوب لبنيه " سوف أستغفر لكم ربي " يقول " حتى تأتي ليلة الجمعة " .
وروى أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستغفر بالأسحار سبعين استغفارة " .
|