عيسى الحربي- سبق- الرياض: حدد الخبير الاقتصادي "فضل البوعينين" ثماني خطوات تضمن للمملكة تجاوز أزمة تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وتدرّ على البلاد دخلاً إضافياً، موضحاً أن من بين هذه الخطوات، ستَّ خطوات يمكن تنفيذها على المدى القريب، واثنتين في المستقبل البعيد، مشيراً إلى أن المملكة في حاجة اليوم إلى تنويع مصادر الدخل أكثر من أي وقت مضى، داعياً إلى سرعة تطبيق فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، وأكد أن هذا الأمر سيوفر للدولة نحو 250 مليار ريال سنوياً.
وتوقعت تقارير عالمية أن اقتصاد دول الخليج العربي يتأثر سلباً من تراجع أسعار النفط بنحو يفوق 50 في المائة منذ شهر يوليو من العام قبل الماضي، وألمحت إلى أن هذا التأثير سيظهر عندما تعلن هذه الدول عن موازناتها المالية للعام المالي الجديد 2016.
وأشارت هذه التقارير إلى أن دول الخليج ستلجأ إلى السحب من الاحتياطي النقدي المهدد بالنفاد خلال خمس سنوات من الآن، إذا بقيت أسعار النفط على ما هي عليه، لافتة إلى عجز مالي متوقع في موازنة المملكة قد يصل إلى 16 بالمائة.
تراجع أسعار النفط:
وذكر تقرير صادر من صندوق النقد الدولي أن التراجع المستمر في سعر النفط، منذ منتصف العام الماضي؛ سوف يكبد دول المنطقة خسائر تقدر بنحو "360" مليار دولار، خلال العام الحالي فقط.
وأعلنت عدة دول شرق أوسطية عن تسجيل عجز في موازناتها السنوية للعام الحالي، بينما عمدت دول أخرى إلى تعديل موازناتها، إثر تراجع سعر برميل النفط إلى 45 دولاراً، بعدما كان يتجاوز الـ100 دولار في العام الماضي.
ست خطوات:
ودعا الخبير الاقتصادي "البوعينين" الحكومة السعودية إلى اتخاذ خطوات عاجلة، لتعزيز الاقتصاد، وقال: "هناك ست خطوات يمكن البدء في تنفيذها بشكل سريع وعاجل؛ أولاها ضبط الإنفاق العام، والموازنة بين دخل البلاد ومصادر الإنفاق. وأرى أن هذه الموازنة مطلوبة في ظل الظروف الاقتصادية الاستثنائية التي تعيشها المملكة حالياً".
وأضاف: "ثاني هذه الخطوات: تحقيق كفاءة الإنفاق، ويتحقق ذلك إذا تم إيقاف الاعتمادات المالية لأي مشاريع لا يتواكب مردودها المالي مع ما يتم صرفه عليها، والاقتصار فقط على المشاريع ذات المردود المالي الجيد. وثالث الخطوات: تشديد الرقابة المالية على عمليات الإنفاق والصرف لمنع الهدر المالي، وضمان كفاءة ودقة الإنفاق.
تفعيل قنوات الموارد:
وطالب "البوعينين" في الخطوة الرابعة بتفعيل قنوات الموارد المالية المعطلة في الوزارات المختلفة، وقال: "هناك موارد مالية للدولة غير مفعلة بما فيه الكفاية، ويضمن تفعيلها تعزيز موارد الدخل، ومن هذه المصادر على سبيل المثال، الموارد في وزارة الشؤون البلدية والقروية، المتمثلة في تحصيل إيجارات الخدمات التي توفرها الوزارة للقطاع الخاص، ولا يتم تحصيلها في وقتها؛ ما أدى إلى تراكم بعضها ونسيان بعضها الآخر، وهو ما أضاع على خزينة الدولة أموالاً طائلة".
ودعا "البوعينين" في الخطوة الخامسة إلى ضرورة إعادة توجيه الدعم الحكومي، لضمان توجيهه إلى مستحقيه، وقال: "الدعم الحكومي في المحروقات يحصل عليه الجميع بلا استثناء؛ المستحقون له وغير المستحقين، ويمكن إيجاد وسائل لتوجيه هذا الدعم إلى من يستحقه فقط، حتى لا تهدر أموال الدولة".
رسوم الأراضي البيضاء:
وأشار "البوعينين" إلى أهمية تنفيذ الخطوة السادسة التي لخصها في سرعة تطبيق فرض رسوم على الأراضي البيضاء، وقال: "الأراضي البيضاء غير المستغلة في الدولة ذات مساحات كبيرة جداً، قد تصل إلى ثلاثة ملايين متر مربع، وفرض رسوم عليها، كما أوصى مجلس الشورى، سيعزز دخل الدولة بمبالغ كبيرة سنوياً من جانب، ويسهم في حل أزمة السكن من جانب آخر، وخاصة إذا علمنا أن قيمة الأراضي البيضاء في المملكة حالياً تبلغ نحو تريليون ريال، وهذه كفيلة بتوفر رسوم سنوية بقيمة 250 مليار ريال، وهذا المبلغ كافٍ لبناء 500 ألف وحدة سكنية، ومن الممكن اعتبار هذا المبلغ ضمن ميزانية وزارة الإسكان؛ الأمر الذي يخفف من على كاهل الدولة".
إعادة هيكلة الاقتصاد:
وكشف "البوعينين" عن خطوتين مهمتين يحتاج تنفيذهما إلى مراحل طويلة المدى، وقال: "بالنسبة إلى الخطوة الأولى، فأنا أرى أن المملكة اليوم مدعوّة إلى إعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية، بما يساعد في تنويع مصادر الدخل من جانب، وعدم الاقتصار على مصدر النفط الذي لا يزال يمثل "90%" من دخل المملكة، وإعادة هذه الهيكلة تحتاج إلى استحداث مصادر دخل أخرى، وأهمها قطاع السياحة وقطاع الصناعة وقطاع العقار".
وتابع: "التوصية الثانية تتلخص في توجه الدولة إلى خصخصة بعض القطاعات الحكومية". وقال: "الخصخصة لها عدة فوائد اقتصادية؛ أولاها خفض التكاليف المالية على كاهل الحكومة، وإيجاد موارد مالية جديدة، لدعم خزينة الدولة، ورفع كفاءة الخدمات في المؤسسات الحكومية، بعد تحويلها من جهات متلقية للدعم الحكومي، إلى جهات مدرة للدخل".
وقال: "من أبرز القطاعات التي هي في حاجة إلى خصخصة: المطارات، والموانئ، والأندية الرياضية".
أكثر...