خطب الخلفاء الراشدين عند توليهم الخلافة
خطبة أبو بكر الصديق عند توليه الخلافة (11 هجرية)
لما بويع أبو بكر بالخلافة بعد بيعة السقيفة تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
"أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله،
والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".
خطبة عمر بن الخطاب عند توليه الخلافة
بلغني أن الناس هابوا شدتي وخافوا غلظتي وقالوا لقد اشتد عمر ورسول الله بين أظهرنا واشتد علينا وأبو بكر والينا دونه فكيف وقد صارت الأمور إليه ؟
ألا فاعلموا أيها الناس ، أن هذه الشدة قد أضعفت ،أي تضاعفت ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين .
أما أهل السلامة والدين والقصد، فأنا ألين إليهم من بعضهم لبعض .
ولست أدع أحدا يظلم أحدا أو يعتدي عليه ، حتى أضع خده على الأرض ، وأضع قدمي على خده الآخر ، حتى يذعن للحق .
وإني بعد شدتي تلك لأضع خدي أنا على الأرض لأهل الكفاف وأهل العفاف .
أيها الناس ، إن لكم علي خصال ، أذكرها لكم ، فخذوني بها .
لكم علي ألا أجتبي شيئا من خراجكم وما أفاء الله عليكم إلا من وجهه .
ولكم علي إن وقع في يدي ألا يخرج إلا في حقه .
ولكم علي أن أزيد عطياكم وأرزاقكم إن شاء الله تعالى .
ولكم علي ألا ألقيكم في التهلكة
ولكم علي أن أسد ثغوركم إن شاء الله تعالى .
ولكم علي إن غبتم في البعوث ( أي في المعارك) فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم .
فاتقوا الله ، وأعينوني على أنفسكم بكفها عني ، وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر ، وإحضار النصيحة فيما ولاني الله من أموركم .
خطبة سيدنا عثمان بن عفان ــ رضي الله عنه وأرضاه
فقد تولى رضي الله عنه الخلافة فصعد المنبر فأراد أن يتحدث فاضطرب واهتز وارتج عليه ؛
كان حيياً تستحي منه الملائكة، وكان أمامه بقية العشرة، وأهل بيعة الرضوان، وأهل بدر وأحد ، فلم يستطع أن يتكلم، فنزل من على المنبر يرتعد، ثم قال كلمة هي من أحسن الكلمات في التاريخ: [[إنكم في حاجة إلى إمام عادل خير من خطيب فصيح ]].
خطبة الامام علي كرّم الله وجهه عند توليه الخلافة
(( أمّا بعد ، فاِنّه لمّا قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلم اِستخلف الناس أبابكر ، ثمّ اِستخلف أبوبكر عمر فعمل بطريقته ، ثمّ جعلها شورى بين ستّة فأضى الامر اِلى عثمان فعمل ماانكرتم فعرفتم ثمّ حصر وقتل ، ثمّ جئتمونى طآئعين فطلبتم الىّ ، واِنّما أنا رجل منكم لى مالكم وعلىّ ماعليكم ، وقد فتح الله الباب بينكم وبين اهل القبلة وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ، ولايحمل هذا الامر اِلا أهل الصبروالبصر والعلم بواقع الامر ، واِنِّى حاملكم على منهج نبيّكم ، ومنفذ فيكم ماأمرت به اِن استقمتم لى وبالله المستعان ، ألا اِنّ موضعى من رسول الله بعد وفاته كموضعى منه أيّام حياته ، فامضو لما تؤمرون ، وقفوا عندما تنهون عنه ، ولاتعجلوا فى أمر حتّى نبيّنه لكم ، فاِن لنا عن كل امر تنكرونه عذرآ ، ألا واِنّ الله عالم من فوق سمآئه وعرشه أنّى كنت كارهآ للولاية على أمّة محمّد حتى أجتمع رأيكم على ذلك ، لاِنّى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
أيما والِ ولى الامر من بعدى أقيم على حد الصراط ونشرت الملائكة صحيفته ، فاِن كان عادلآ أنجاه الله بعدله ، واِن كان جائرآ انتقص به الصراط حتى تتزايل مفاصله ثمّ يهوى اِلى النار ، فيكون أول مايتقيها به أنفه وحر وجهه، ولكنِّى لما اجتمع رأيكم لم يسعنى ترككم ، ثمّ ألتفت رضى الله عنه يمينآ وشمالآ وقال : ألا لا يقولن رجال منكم غدآ قد غمرتم الدّنيا ،فاتخذوا العقار وفجّروا الأنهار وركبوا الخيول الفارهة واتخذوا الوصائف الرقيقة ،وصار ذلك عليهم عارآ وشنارآ اِذا مامنعتم ما كانوا يخوضون فيه ، وأصرتهم اِلى حقوقهم التى يعملون فينقمون ذلك ويستنكرون ويقولون حرمنا اِبن أبى طالب حقوقنا ، ألا وأيما رجل من المهاجرين والانصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى ان الفضل له على من سواه لصحبته فاِن الفضل النير غدآ عند الله ، وثوابه وأجره على الله ، وأيما رجل استجاب لله وللرسول فصدّق ملته ودخل فى ديننا واِستقبل قبلتنا فقد اِستجوب حقوق الاِسلام وحدوده ، فأنتم عباد الله والمال مال الله يقسم بينكم بالسويّة ، ولا فضل فيه لاِحد على احد وللمتقين عند الله غدآ حسن الجزآء وأفضل الثواب ، لم يجعل الله الدنيا للمتقين اجرآ ولا ثوابآ ، وماعند الله خير للأبرار ، واِذا كان غدآ اِن شآء الله فاغمدواعلينا ،
فاِن عندنا مالآ نقسّمه فيكم ولايتخلفن أحد منكم عربىّ ولا عجمىّ كان من أهل العطآء اِلا حضره اِذا كان مسلمآ حرآ ، أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم )) ابن أبى الحديد : نهج البلاغة : شرح نهج البلاغة مجلد 2 جزء 7 ص 171 .
|