ان أمراض اللثة من أكثر أمراض الفم شيوعا وقد تؤدي في نهاية المطاف إلى عواقب وخيمة لا يمكن إصلاحها إلا بخلع الأسنان فقط تفاديا للآلام المصاحبة. وأمراض اللثة من أكثر الأمراض المهملة من قبل الناس، ولا نعرف عنها الكثير. والسبب الرئيسي يعود إلى كونها أمراضا مزمنة، وغير مؤلمة في معظم الأحيان، ولا يعيرها الناس أي اهتمام، وغالبا لا تمثل لهم سببا وجيها لزيارة طبيب الأسنان. ونسلط الضوء هنا على أهم تلك الأمراض وكيفية الوقاية منها.
التهاب اللثة البكتيري يمثل أهم وأكثر أمراض اللثة وأنسجة ما حول السن شيوعا، ويشمل مجموعة التهابات تؤثر على الأنسجة المحيطة بالأسنان، التي تتكون من اللثة والعظم والرباط الداعم للأسنان وتعتبر أحد الأسباب الرئيسية لسقوط الأسنان.
تظهر أمراض اللثة في أي عمر كان، خصوصا في الكبار، فحسب إحصائيات علمية فإن أكثر من نصف الناس يصابون بالتهاب في اللثة في سن العشرين، وأكثر من ثلاثة أرباع الناس يصابون بالتهاب فيها بعد عمر 35 سنة. وهذا يدل على زيادة شيوع هذه الأمراض في الكبار، وهو ناتج عن إهمال نظافة الفم والأسنان، مما يؤدي إلى تراكم الجير والكلس على الأسنان اللذين لا يمكن إزالتهما بفرشاة الأسنان.
دور الجير الخطير قد يخطئ البعض عندما يعتقدون أن الجير يسبب تسوس الأسنان فقط. فالحقيقة تقول غير ذلك فإن الجير هو السبب الرئيسي لمعظم أمراض اللثة أيضا.
يتكون الجير من طبقة جرثومية تمثل ترسبات لاصقة ولزجة بيضاء مصفرة اللون ناتجة عن امتزاج الجراثيم باللعاب وبقايا الطعام والسوائل التي تترسب وتتجمع على أسطح الأسنان، خصوصا في الجيوب المحيطة بالأسنان. وقد اكتشف العلماء مؤخرا أن البكتيريا الموجودة في الجير منظمة بطريقة معقدة حيث أنها مترابطة بعضها مع بعض لتكون حصنا منيعا ضد أي مواد مضادة.
وهذا الحصن يسمح بمرور الغلوكوز، وهو الغذاء المفضل لها دون غيره من المواد. وهذا ما جعل العلماء يشككون في تأثير المحاليل الكيميائية المستخدمة كغسول للفم، حيث إنها صممت للقضاء على البكتيريا بشكل متفرق وليس وهي في هذا الحصن المنيع. ولذلك شرع العلماء مؤخرا بإيجاد محاليل جديدة للقضاء على هذه الكتيبة من البكتيريا المتحدة بهدف مكافحة تسوس الأسنان وأمراض اللثة.
* أسباب أخرى لأمراض اللثة
* إن هناك أسبابا أخرى لأمراض اللثة ومنها بعض الأمراض المزمنة، كمرض السكري ومرض هشاشة العظام، وكذلك التدخين وبعض الأدوية المستخدمة في علاج الصرع. كما أن سوء التغذية يلعب دورا مهما في زيادة الإصابة بالتهابات اللثة مثل نقص فيتامين «سي» الذي يندر حدوثه، إلا في المجاعات.
وتصبح اللثة حساسة جدا خلال فترة الحمل مما يجعل وجود أي جير سببا لالتهابات لثوية حادة ومزمنة قد تصل إلى مراحل متقدمة عند بعض الحوامل.
وهناك أيضا علاقة بين تزاحم الأسنان وعدم تطابقها وتزايد أمراض اللثة حيث إن تلك التشوهات قد تزيد من فرص تراكم الجير وبالتالي الإصابة بالتهابات اللثة.
* علامات أمراض اللثة إن أهم علامات الإصابة بالتهابات اللثة تتلخص في: نزف اللثة أثناء تنظيف الأسنان بالفرشاة والمعجون واحمرارها وتورمها وتكون جيوب عميقة حول الأسنان، وانبعاث * روائح كريهة من الفم، كما أنها قد تصاحب بحركة الأسنان وتخلخلها مما يؤدي إلى تباعد الأسنان أحيانا، وأحيانا يشعر المريض ببعض الألم، وفي الحالات المتقدمة قد تنتفخ اللثة وتكون مصاحبة بخُرّاج وصديد.
فإذا شعرت بإحدى هذه العلامات فعليك ألا تتهاون في زيارة طبيب الأسنان، خصوصا طبيب أمراض اللثة، وذلك قبل فوات الأوان، لأن المعهود من المريض أنه يغض النظر عن معظم هذه العلامات ولا يزور طبيب الأسنان إلا عند شعوره بآلام مبرحة.
* مراحل التهابات اللثة
* اللثة الطبيعية عادة ما تكون وردية اللون وسميكة وغير منتفخة، وعند وجود أي التهاب نرى أنها تبدأ في الاحمرار والانتفاخ والنزف. وتختلف هذه الأعراض حسب مرحلة الالتهاب المصاحب ونوعه. وهناك كثير من طرق التصنيف لأمراض اللثة والأنسجة المحيطة التي تشرح بالتفصيل المراحل التي تمر بها التهابات اللثة بجميع أنواعها ومنها تصنيف الجمعية الأميركية لعلم اللثة والأنسجة المحيطة بالأسنان (American Academy of Periodontology - 1999).
وهنا سنقوم بصياغة هذه الأنواع بشكل بسيط كالآتي: تبدأ التهابات اللثة عادة على شكل التهاب لثوي سطحي (التهاب اللثة البسيط) بسبب تراكم الجير والكلس المليئين بالبكتيريا على أسطح الأسنان، خصوصا القريبة من اللثة في الجيوب اللثوية المحيطة بالأسنان. وأهم ما يميز هذا النوع البسيط تورم واحمرار اللثة والنزف الزائد، خصوصا عند التفريش. ويمكن التخلص من هذا النوع بسهولة جدا، وذلك عن طريق زيارة طبيب الأسنان لكحت الجير والكلس اللذين لا يمكن إزالتهما إلا عن طريق طبيب الأسنان. وتفريش الأسنان بالطريقة الصحيحة، واستعمال معجون أسنان المناسب يساعد على الحد من النزف في الحالات البسيطة جدا. وفي حالة عدم علاج هذه الالتهابات قد تتطور إلى تآكل الأنسجة الداعمة تدريجيا، وانفصال اللثة عن أسطح الأسنان، وظهور جيوب عميقة مليئة بالجير والكلس، وهذا النوع من الالتهاب يسمى «التهاب سمحاق السنخ».
وقد يمتد هذا الالتهاب في الحالات المتقدمة إلى تآكل معظم العظم والأنسجة الرابطة، وانحسار شديد في اللثة، وكشف جذور الأسنان، مما يؤدي في النهاية إلى حركة الأسنان وتخلخلها، ومن ثم سقوطها. وقد يصاحب هذا النوع تكون خُرّاج وصديد ذي رائحة نتنة. وهذا النوع يسمى «التهاب سمحاق السنخ المتقدم».
* الوقاية والعلاج
* إن إزالة الجير والحفاظ على نظافة الفم تعتبر من أهم طرق الوقاية للحفاظ على صحة اللثة والأنسجة المحيطة بالأسنان في أحسن حال، ولكن يجب أن نعلم أن استخدام الفرشاة والمعجون لا يغني عن زيارة طبيب الأسنان، لأن الجير والكلس بعد تراكمهما على أسطح الأسنان لا يمكن إزالتهما إلا عن طريق عملية الكحت التي لا يمكن عملها إلا في عيادة الأسنان. إن زيارة طبيب الأسنان يجب أن تكون بشكل دوري كل 6 شهور.
ولكن يجب الحرص على زيارة طبيب الأسنان وليس منظف أسنان (Hygienist)، لأن علاج اللثة يتضمن علاجات مختلفة أخرى غير إزالة الجير. وطبيب الأسنان بدوره يقوم بتحويلك إلى منظف الأسنان إذا قرر لك التنظيف كعلاج. وتأكد بأن يقوم من ينظف لك أسنانك بتلميعها بعد التنظيف، لأن عدم التلميع قد يترك أسطح الأسنان خشنة، مما يجعلها عرضة لتراكم الأوساخ والجير بسرعة أكثر.
كذلك يجب الانتباه إلى أهمية استخدام الطريقة الصحيحة للتفريش، التي يحددها لك طبيب الأسنان حسب عمرك وحسب حال لثتك. كذلك يجب استخدام معجون مناسب معترف به من قبل الجمعية الأميركية لطب الأسنان، كما أنك يجب أن تتعلم الطريقة الصحيحة لاستخدام الخيط السِّني وأعواد الأسنان بالطريقة الصحيحة، التي لا غنى عنها لضمان نظافة الأسطح البينية للأسنان.
كما تشمل علاجات اللثة بعض العمليات الجراحية، وأحيانا تقويم الأسنان، فلا تستصعب الموضوع إن اقترح عليك طبيبك مثل تلك العلاجات.
* انحسار اللثة وعلاقته بفرشاة الأسنان
* إن تفريش الأسنان بطريقة خاطئة وعنيفة، وذلك باستخدام طريقة الكحت أو استخدام فرشاة أسنان ذات شعيرات خشنة، قد يضعف طبقة السن الخارجية واللثة المحيطة بالأسنان، خصوصا في منطقة الضروس والأنياب، وهذا يؤدي بدوره إلى تآكل طبقة المينا وانحسار اللثة، مما يجعل طبقة العاج عرضة للمثيرات الخارجية. ويعتبر التفريش الخاطئ من أهم أسباب انحسار اللثة وحساسية الأسنان، خصوصا عند أولئك المهتمين بنظافة أسنانهم والعناية بها ولكن بطريقة خاطئة. وهذا طريقة شائعة يقوم بها كثير من الناس مع أنها خاطئة.