مساحة اعلانات نصية ذهبية |
||
اعلن هنا | اعلن هنا | اعلن هنا |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
رواية اشراق
إشراق
(1) لم يكن سوى أنين الليل! وقد تفتقت خيوطه السوداء باجتماع أعظم نقيضين في هذا الوجود فتلك تدفع به إلى الحياة وهي تمخر عباب الموت راحلة للعالم السرمدي ، يعتلي بكاؤه في أرجاء البيت المتهالك وأنى له أن يدرك يتمه المرير ؟!تتناقله الأيادي التي لا تعلم أتصفق فرحا بقدومه ؟أم تمسح على رأسه وتنشد له ألحان المنون؟ويستقر أخيرا بين ذراعي شقيقته التي دثرته بقمط الشجون حابسة في أعماقها صرخات الفقد والوجد يشاطرها جريد الدار لوعتها ..الجدران البكماء ..الصخور الصماء ..أشجار الميس التي تحف الدار.. كل شيء حتى قلب والدها الذي طالما خالته قاس الشغاف ! فهاهو اليوم يجود بدمع كالمطر يرطب الحبال الجافة التي ما كانت لتربط بينهما ،ترنو لقسمات الصغير ثم تدير طرفها لمكان أمها الفارغ فتتراكم الحسرات في أعماقها ،صمت يسود الدار فلا يقطعه سوى مبادرة الأب بالحديث: -هاقد حاقت بنا الرزايا.. تمتم بصوت خافت خنقته العبرات: -لطالما علمتنا أمي أن نصبر عليها! -نصبر!علام نصبر؟!أعلى فقدها أم على شظف عيشنا؟!أم على من يتحكم بأمورنا ويسوس رقابنا كالعبيد؟! -بل يجب علينا الصبر على الأدهى والأمر ...والمؤمن مبتلى.. -كفاك لغطا وأسكتي هذا الصغير... يطرق باب الدار ..ليتضجر: -لا بد أنه صالح.. يفتح الباب ليدخل الشاب منهكا...يزعق الأب به: -لماذا تأخرت هكذا إن الغبش في أواخره؟ أم أن اللئيم ضاعف لك العمل؟ آه ما أشرسه كم يمعن في تعذيبنا! -بل إني لم أستطع إنجاز العمل بسهولة ... -ولكننا في آخر الليل. -هذا ما حصل.. -ألم يراعِ تورم يديك؟! -إنه لا يراعي الله في أعماله ليراعيني أنا! التفت الشاب إلى أخته التي قبعت في زاوية من زوايا الدار القاصية نسبيبا ..وقف مشدوها..لحظ دمعاتها ..رمق الوليد الذي يرقد بين ذراعيها ..أدار طرفه للأب الذي هدأت ثورته ليتسلط عليه حزن شديد!تسائل: -هل وضعت أمي؟!! لأول مرة! يعتلي بكاؤها ..كأنها وجدت من تركن إليه لتتسول منه السلوى .. أردف قائلا: -مابالك يارحاب؟!أثمة مكروه؟ يجيب الأب: أنت تعلم أن أمك كانت عليلة...لقد...لقد اختارها الله إلى جواره بعد أن وضعت الصغير.. فزِع! اتسعت حدقتاه!لم يكن في الدار متسع للركض..لكنه ركض بجسمه المتورم وقلبه المتقرح..فتح باب مخدعها المؤصد .. ليلاقيها جثة هامدة..تغطيها أبراد خضراء ..أخذ يبكي بمرارة ..ويهمس بغصة: (رحمك الله ..هل تراني أستطيع الصبر على فقدك؟! أي قذى في العين؟أي خبر بائس نُعي إلي؟!) غدا يواريها الثرى..لتواري قلبَه ذرات الرمال .. لينضب ينبوع الحنان الوحيد الذي كان يروي الدار في هذا الدهر المحموم.. غدا تغور غدران العذوبة في الوديان غدا تسبيه أصفاد اليتم ..غدا.. يبحث عن أمه ..يمحلق في طويلا في الفضاء..ولا يجدها!! وأطل الصبح متثاقلا ،يوسق بين ذراعيه أنواء الفقد .. ترافقها زفرات الألم ..وصرخات طفل صغير ..شريد في دروب اليتم.. أنين يغرق في غمراته قلوبا حزينة تبحث عن شطآن النجاة فلا تجد.. رويدا ..رويدا يسير النعش ..ليستقر بين اللحود ..لتضمه غياهب الأرض ..وتعطره نفحات التراب ..إنها اللحظة التي يعود بها.. ابن الأرض لها..ليعود الحمأ المسنون لمنبعه التليد.. ولتسمو الروح حيث الشأو البعيد..لتُذرف الدموع ..علها ترطب القفر الرهيب.. مسحتها رحاب من على وجنتيها.. و واساها أخوها ببعض من روحه: -سلوانا رحيلها عن هذا العذاب.. -أسكنها الله الفردوس.. -إن شاء تعالى ..إن شاء تعالى.. يسيران في الرمض..كالتائهين في هذه الفلوات..وماكان لهما..أن يريا..لسبيلهما..من نهاية!! |
#2
|
|||
|
|||
رد: رواية اشراق
(2)
في حجرها تهدهده وتناغيه ..تسكب تراتيل حنانها في قلبه الغض وتحيطه بروحها ..علها تستحيل لبردة تقيه لهيب الفقد وصقيع المشاعر ..ترنو-بعينين وادعتين-لملامحه العذبة .. وترنم ألحان الوسن ينبوعا ..يروي لظى الدار الظمأى..ويدخل عليها أخوها باسما ..رغم ما ينوء به قلبه من آلام ..حاملا باقة من ورد الفل ..يعبق أريجها في أركان الدار.. همست بشجى: -عجيب أن ينمو الورد في هذا القفر! -لا يا رحاب..بل إن في ربوع أرضنا ورود..تنمو مع كل دمعة تهطل من مآقي المحرومين.. -الأحرى بها أن تذبل! -ماهذا التشاؤم؟! ماعهدتك قانطة.. طفرت دمعة من عينها: -جميع الظروف تحتم عليّ التشاؤم يا صالح... بل إنها تتآزر لتصبغ دنيانا بلون القتم ! إلتفت إلى حالنا! نحن نقطة ضائعة في بحر هائج..نكابد للنجاة فلا نقدر ..ها أنت تعود من العمل وأنت لا تحمل إلا مايكفيك بالكاد لقوت يومك.. وبعد أن تجرعت آلام النهار لا تجد سكينة في الليل .. فقدنا طعم الأمن ..الاستقرار .. فحياتنا مهددة في كل لحظة.. سكن لأوجاعها..وانتزع من روحه بلسما: -أنسيت يا أختاه حلو كلام والدتنا؟!أنسيت مبادءها ؟ أحاديثها الطلية المتضوعة بشذى الصبر على البلاء؟! -لم أنس يا صالح..ولم أنس حلمها بتغيير الواقع..ولكن جميع أحلامنا و أهدافنا تتكسر على صخرته القاسية..فماذا عسانا أن نفعل أمام هؤلاء الإقطاعيين الذين يسرقون أحلامنا في الصغر و جهودنا بالكبر؟نحن نكدح ونعمل ونشقى ليلتهموا هم ماذلنا من الجهد وأرق الليالي الطويلة..بسهولة تتحول حبات عرقنا لدنانير ذهبية تعزف ألحان الرنين في مضاجعهم..ولم أنس حكماء السقام ذوي اللحى الطويلة الذين يتجلببون برداء الدين وهم أول من يمتص دماءنا... -كفى..كفى ..لا طائل من هذا التبرم.. -............. -هدئي من روعك -وإن فعلت ..فمن يهدأ روع غيري من المحرومين؟!..ولكني لأعتب.. -تعتبين؟! -أجل أفعل ..فالجميع يوجه إلينا سهاما..سهام من زمرة البلاط ..سهام من الشعب الغارق في خضم الجهل...وسهام ممن حولنا ..ممن يدركون الواقع المؤلم ويصرون على الإستجهال.. الجميع ..الجميع ..والسهام ما فتأت تتقاذف علينا من كل صوب ..و تُغرس في أعصابنا... تمتم بصوت خافت مكسور: -هل ارتحت الآن؟! -كلا والله..بل إن في فؤادي جمرة تستعر..منذ نعومة أضفاري أدركت هذه الحقائق..لقد استنشقتها استنشاق النسيم وجرعتها مع دموع أمي وأحداقها الحرقى..ونمَوت معها.. -وهل انتظرت منك أمي هذا الإنهيار؟! فأين الصبر الذي كانت تسقينا؟! -لا تلمني يا صالح.. -بل سأفعل! ..إن الرزايا لا تزيد المؤمن إلا صلابة..تذكري هذا جيدا..وتذكري أن هذا الصغير ينتظرنا لنبني فيه ما بنته فينا أمنا... أطالت النظر إليه ..وبدأت تكفكف دمعها بشرود..بينما انعطف صالح إلى فناء الدار ..يرمق السماء التي توشحت بخمار أسود.. يتلألأ وجهها الوضاء من بين المياسين..قاذفا بسحره الفضي على ذرى..طالما تجرعت مضض الحرمان...تمتم بصوت خفيض: (أدرك أن كلامها صحيح..وأدرك جيدا هذا الظلم الذي استشرى في عروق بلادنا منذ زمن..منذ أن غرق أهلها في خضم الجهل و سمحوا لهؤلاء الحكماء بالتحكم بنا) وضع رأسه في حجره: (الويل لهم..أخذوا من الدين ستارا..وهو من أفعالهم براء) هبت نسمة هواء خريفية ..تؤذن بشتاء طويل وتلقي في الروع أطياف رهبة.. هاهو الشتاء يقدم ..وتصحو في نفوس الناس الفاقة..الفاقة إلى مؤونة تسكت ضور أطفالهم..الفاقة إلى أسلاب تقيهم صقيع الزمهرير الذي يغزو البدن.. ترقرقت في مقلته دمعة باردة: (حنانيك رباه...لطفا بنا..إنك واسع..كريم ..رحيم...) ... هب مذعورا! فقد رأى كابوسا مريعا ..لم يكن ليتبين منه سوى قشعريرة سرت بجسده النحيل..وانقباض كتم على أنفاسه وهو يرقد تحت شجرة ميس وقت الضحى.. انتبه لصاحبه يخاطبه: - مالخطب يا صالح؟! لم أعهدك تنم وقت الضحى... -لقد أخذني الوسن..حقيقة لم أنم ليلة أمس البتة! -ولما ؟!لقد دلفت إلى دارك مبكرا.. -جافاني النعاس.. -حسنا..تذكر أن في عهدتك عمل كثير.. -أعلم هذا يا زيد..أعلم هذا.. -أخبرني مابك؟لقد راعني منك شحوبك...هل يتعلق الأمر بصغيركم؟! -لا.. -إذا مالخطب؟! قل لي فقد أستطيع مساعدتك.. -أو لا تعلم ما الخطب حقا؟ حدق زيد في صاحبه طويل ثم أردف: -لا جدوى يا صالح..صدقني لا جدوى.. وجه خططك لمنحى آخر -آن لهؤلاء الخراف أن يستيقظوا...هم المسؤولون عن حالة الضنك هذه.. ابتسم زيد رغما عنه: -قطيعك ضال يا صاحبي..سُلب صوابه بتراتيل وخزعبلات يرددها ذوي اللحى الطويلة.. -إلى متى هذا الغباء؟!إلى متى؟ حدجه زيد بنظرة محذرة: -كفانا الآن فقد أقبل "المعلم".. وأقبل مستأسداد يصيح بصوت أجش: -هل أنهيتما عملكما؟ -لقد صقلنا الكوى..وأتممنا الـ... -حسن.. ويبتعد متواريا عن ناظريهما.. يهمس زيد في أذن صاحبه: -الشتاء على الأبواب.. -أعلم.. -هل لديك ما يكفي لشراء الوقود؟؟ أسقط في يده.. تضجر زيد: -أتساءل من لا يعاني من هذه المشكلة هنا.! -الشكوى لله يدير زيد دفة الحديث: -هناك خطب خطير ياصالح... -ماذا هناك؟! -إن خطة شيطانية تجوس البلاد هذه الأيام -خطة!! -أجل..و.. يزدرد زيد كلماته ..فقد ظهر الحكيم جوهر...أخذ يمشي الهوينا وهو يرقب النظرات المتوجهة إليه..ويتمتم ببضع كلمات يخالها المرء تسبيحات وأوراد... الوقار يكسوه...والكياسة تبرق في مقلتيه..وحسن الهيئة لا يجفيه ولكن..ثمة نور مسلوب من وجهه..وثمة كدرة تحوطه..كدرة من الصعب أن يتعامى عنها اللبيب.. ابتسم الحكيم في وجه صالح محييا إياه: -السلام عليكم -وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. -كيف حالك يا بني؟ -أحمد الله على كل حال.. ثمة كلمات بين الكلمات...كلمات لا يدركها سواهما.. -أين أبوك؟! -في الحانوت.. -وكيف هو حال صغيركم؟ -له رب يتكفله.. اقترب منه هامسا: -ماذا اسميتموه؟! يردد بزهو: -علاء! -علاء..علاء..لعلي لا أستطيع الجزم بأنه سيحظى حقا بعلو! -ماذا تعني؟! -أعني ..وضعكم البائس..وحالكم الرثة! رد صالح بشجاعة معهودة: -لا أظن أن الفضل في حالنا..يعود إلينا.. -بلى ..فأنت وأمثالك من المتمردين على مولاكم السلطان ترفضون النعم.. -هو مولاك أنت ولداتك...لا مولاي ...مولاي هو الله سبحانه فقط! احمر وجه زاهر..وأردف هامسا: -لن يضيرني تفوهك المقيت.. -بل سيفعل!فمهما امتد زمان الظلم ..لا بد أن يأتي الخلاص..إلى متى ستخدع الناس؟!عقدا من الزمن..عقدان..ثلاثة..لا يهم..صدقني أيها الـ...حكيم...ستولي أيامك و أيام زمرة البلاط الأثيمة هذه.. -هل تدرك أني أستطيع أسرك؟! -افعل! ها أنت تقبرني في هذه البقعة المنبوذة من البلاد..مع الذين لا صوت لهم..ولكن ثق تماما ..أن النور لا يعوقه عائق .. ولو كان العائق قضبانا من حديد.. -أنت لا تملك سوى الإنشاء..والعبارات الفارغة.. -بل أملك وأنت تدرك ذلك جيدا.. حدجه الحكيم بنظره شزراء..بعد أن لذعته الكلمات..فهو يدرك تماما أن صالحا ليس بالعدو السهل ..فإن له حضورا قويا في صفوف الشباب ..حتى أبناء من لهم ثقل في المدينة..كما أنه ذكي إلى درجة كبيرة ..بل واسع الذكاء.. يدير نشاطه في الخفاء الذي يصعب فيه تحديد كل الأطراف..فإن حبسه أو أذاه ..سيزأر كليث جريح..ويؤلب صفوفا من الشباب ضد الحكماء و زمرة البلاط ..وقد تحدث أمور هم في غنى عنها.. أقصى ما يرجوه أن يضمه إلى حياته العريضة ..الثملى بكؤوس المال والملك والجاه.. همس الحكيم بصوت أشبه بالفحيح: -سيهديك الله..سيهديك الله قريبا رمقه صالح بابتسامة هازلة ...ولم يعقّب..وابتعد عنه الحكيم مبتسما!!وكأن هذا الوجه لم يحمر من فرط الغيض قبل ثوان! وصاح بصوت تعمّد أن يكون مسموعا لدى الجميع: -بلغ أباك سلامي..يا بني! تجمعت الدماء في عروق صالح..وأسر إلى نفسه: "ما أمكرك يا جوهر! و لكن مكر الله اكبر!" |
#3
|
|||
|
|||
رد: رواية اشراق
(3)
في روعها أنين ..يستتر خلف وجه منفرج القسمات...لا ضير في ردم القهر في جوانحها..فلطالما اعتادت ذلك حتى ألفته.. وفي قلبها إيمان رسيس بأنها تعيش السعادة بكامل معانيها.. فالسعادة ليست إحساسا لحظيا..بل هو شعور سرمدي..لا يتناقض مع خلجات الحزن..ولا يبلى مع أمضات الحرمان..هي كون قائم بذاته..لا يقترب من سمائه الشقاء مطلقا..الشقاء الذي لم يترك حتى الآن ..بصمته في روعها.. سحبت على الصغير الغافي قربها بُردة ..فالخريف ينفخ.. وهبوبه لا تلامس الإيهاب وحسب..لكنها تلذع شغاف القلوب..وتنذرها بشتاء جهم..رفعت طرفها للسماء..وحده الله تعالى الذي يعلم لغة العيون! همس اقترب منها: -رحاب...هل نام علاء؟ -أجل يا حذام.. -لقد بكى كثيرا..وفي نشيجه نغمة لست أعهدها في بكاء الأطفال! تبددت ملامح الإنفراج: -إنه نشيج الأيتام يا حذام ألقت حذام خمارا على رأسها قائلة: -حسنا يا عزيزتي..عليّ أن أعود إلى الدار الآن..فقرص الشمس على وشك الغروب.. -رافقتك السلامة ..وجزاك الله عني خيرا..كنت لي خير معينة هذا اليوم.. -أوه..دعك من هذا..نحن ابنتا حي واحد..وصديقتان حميمتان.. إنه واجبي يا حبيبتي.. -بارك الله بك.. -أستودعك الله الآن.. -في أمان الله.. شيعت صاحبتها حتى باب الدار..وانطلقت حيث الفناء..حيث الرحى التي تعمل عليها لكسب القوت.. التبر يكسو وجه السماء..وبدت جعجعة الرحى أغنية صاخبة تملأ الفناء بالضجيج..فجأة اعتلى بكاء علاء حتى فاق الجعجعة.. هرعت إليه تحمله بين ذراعيها وتحاول إسكاته..انتبهت إلى صوت الباب يُطرق..حثت الخطى... -من الطارق؟ -الحكيم جوهر! أوجست في قلبها ريبة.. -هل من خطب؟ -أين أبو صالح؟ -في الحانوت... -وصالح... -ليس بالجوار.. -ومتى يرجع أبو صالح؟ -ربما..بعد الغروب.. طافت في رأسها التساؤلات: (ماذا يريد منهما يا ترى؟) انتبهت إلى صوته: -أخبري صالحا..أن لنا موعدا قريبا...!! وابتعد.. لم تمض سوى لحظات حتى اصطبغ الأفق بخضاب الشفق..يطبع على وجهه قبلة الغروب.. باغتها أبوها.... -مابالك واجمة هكذا؟! ردت بصوت خفيض: -أنا ..لاأدري..في قلبي انقباض.. -ولمَ؟! -لقد كان جوهر هنا قبل لحظات.. -جوهر!..ماذا يريد؟ -ذكرك..وأفاد بأن له موعدا مع صالح.. -أوه..لابد أن صالح استفزه بتصرفات رعناء من جديد..لقد سئمت من عناده..سئمت.. -رعناء! رعناء يا أبتاه؟ -أجل رعناء..ماذا يعتقد أنه فاعل؟ها؟هل سيقتل جوهر؟!أم يفني الإقطاعيين؟!أم ماذا؟! -بل يوقظ الإنسان في أعماق هؤلاء... -لا تتحدثي مثله!..أوَ تريدين له الهلاك؟! -الإستماتة في سبيل الله ليست هلاكا -لقد مللت ..ماعاد قلبي يحتمل.. انفرطت دمعة من مقلته جاهد في إخفائها: -أنا أعلم بأي طريق ينخرط..وأعلم جيدا مع أي وحوش يتصارع .. إنهم لن يرحموه.. لشد ما تصهر السنون الإنسان..وتذيبه في بوتقة الخضوع .. لا أحد يدرك ماذا يجول في قلب هذا الكهل ..إنه السخط..السخط بكل أبجدياته ..ولكنه لا يملك أن يفعل شيئا..فضّل السكوت .. كما فضله الكثيرون سواه..لشد ما ينعش روحه عنفوان ابنه وتوقده للحق..ولكن نفسه تفزع من فكره فقده ..أو مجرد أذاه.. وهاهي كلاكل النفس ..جثمت على ضياء الروح..وشتان بين النفس والروح... |
#4
|
|||
|
|||
رد: رواية اشراق
(4)
ثمة نور..شاطر نور القمر حتى كاد يفوقه... انبعث حينما بسط الليل دياجيره وقت السحر...نور تسامى من قلبيبن مجهدين..رغم أطراف منهكة وخطوات تحكي الونى.. التفت صالح إلى زيد هامسا: -دعنا نعرج على الشاطئ... ويحدق به زيد متعجبا: -أتمزح يا صالح؟! إننا نحتاج إلى الراحة بعد ذاك العمل المضني -أعلم هذا ..ولكننا في وقت السحر..دعنا نذهب إلى الشاطئ ونسبِّح الله حتى يبزغ الفجر..فنقيم الصلاة..ثم نعود .. أومأ زيد بالإيجاب وهو يتثاءب.. الهدير تسبيح رقيق..والصفير ابتهال شجي.. وحفيف أوراق الميس صلاة.. تمتم زيد: -الهواء بارد.. استنشق صالح جرعة كبيرة من الهواء: -لكنه منعش.. رمى بجسده المنهك على التراب.. الصمت يهيمن على البلاد..هجوع أعظم من هذا الخضم..غرق الناس في غمراته..هجوع ضمهم ليلا..ونهارا..\ أخذ صالح يسامر زيد: -زيد! -نعم.. -متى تُزف إليك ابنة عمك؟ -لا أدري يا صالح..لا أدري.. -هل من عوائق؟ -بل قل هل من سبيل ؟جميع السبل مغلقة يا صالح...هذا الشتاء يقرع أبوابنا..وأنا لا أملك حتى ما يكسو أخويّ وأمي... -لكنك أخبرتني سابقا..أن الأمر سيتم قريبا.. -كنت مخطأ في تقديري..لا سبيل للاقتران الآن.. -........ -طالما أغلّنا هؤلاء الإقطاعيون...فلاسبيل لأي شيء! -بل هناك سبيل يا زيد...سبيل وحيد فريد..إنه الله.. رفع زيد طرفه للسماء: " يا الـــله " وكأنه شارك البحر ..الرياح..أشجار الميس..وكل الملكوت! غيّر صالح دفة الحديث: -لقد أُرهقنا اليوم كثيرا.. تمتم زيد بشرود: -نعم..صحيح.. وكأنه تذكر أمرا: -ماذا دار بينكما؟ -من تعني؟ -أنت وجوهر... -كالعادة! -لكنه برحك بانبساط شديد..حتى خلت أنك داهنته!! -ألا تعلم مكره؟! -بل أعلمه وأخشاه.. -فليذهب وتهديداته إلى الجحيم! لست ممن يتزلف إلى مثله..و سيأتي حتما ذلك اليوم..يوم يصحو هذا الشعب ويقضي على تلك البؤرة الفاسدة.. -إن شاء الله.. أخذ يلهث بانفعال...ثم قال: -ألم تأتك أنباء عن عون؟ -بلى..هذا ما كنت أود إخطارك به.. -مالخطب؟ -كما قلت لك ..فكرة خبيثة تجوس البلاد! -أفصح يا زيد! - أنا لا أعلم الأمر.كلما أخبرنيه عون..أنه أمر يتعلق بالسلطان..كأنه يشير إلى تأسيس جيش جديد..أو ربما حرس -فقط! -لا طبعا الموضوع أكبر من هذا بكثير...عون ذاته لم يتبين ملامح الموضوع بجلاء..فإن زمرة البلاط تتكتم عليه تأفف صالح ساخطا: -مالذي يدور في رأسهم هذه المرة؟ -حسبنا الله ونعم الوكيل.. زحفت الهموم إلى قلبيهما..فما بددها سوى صوت زيد هاتفا: فلنصلي يا صالح... عقّب الأخير: -هلمّ أخي.. (الله أكبر) ترنيمة عشق أودعت في الوريد..تنساب مع الدماء لتغذي الروح والكيان.. (الله أكبر) يقولها المرء ليلج إلى رياض النور..ويقطف من الذوائب كمالات روحية ..الصبر..الحِلم ..الرضا ..والطمأنينة..كلها ثمار أشجار تلك الروضة الزاهرة.. (الله أكبر) معول يحطم صنم النفس ..بأياد أسبغ عليها الوضوء طهارة ونقاء.. (الله أكبر) ارتفعت لتغمر الفجر بالنور...وأي نور؟ |
#5
|
|||
|
|||
رد: رواية اشراق
(5)
وكأن الأيام قاطبة..ليل طويل..دامع الطرف..سهيد لا ينجلي.. قد ارتدى جلباب الدجى..وهام في غمرات السجى..نسيجه الوضّاء واهن وعتمه المستفحل في أوصال الأيام داكن.. هاهي الدار الفجيعة تشهد في ظلامه فصلا جديدا من فصول الإضطهاد..قد أحاطها رهط من شياطين الليل ..وأخذوا يطرقون بابها المؤصد..بطرقات ارتفعت مع زفيرهم اللاهث..طرقات قضت مضاجع أهلها..فما هي ساعة تطمأن فيها الطرقات.. انتفض أبو صالح من نومه مذعورا ..ثم نهض من مضجعه.. تذمر: -من؟ -جوهر..وجماعة توجس مالذي أتى به في هذا الوقت من الليل؟ ..وصالح ليس بالجوار ..سترك يا ستار"" عاود الطرق: ألن تفتح الباب يا أبا صالح؟" -حسنا..سأفتحه حالا... تباطأ في فتح الباب: -خيرا..ماذا هنالك؟ -كل خير يا أخي..كل خير.. يشير إلى الحصير الأهيف: -ألا نجلس؟ - مالأمر؟ يستحث جوهر بعضا من همته: -اسمعني يا أبا صالح..الشتاء اقترب حتى كاد يلقانا.. -بلى.. -وأنت تعلم جيدا حالك المعدم.. -إذا؟! -عطفا بحالك..ورفقا به..جرت رحمة مولانا السلطان باحتضان صغيرك حديث الولادة..فما هو حالك بالذي يسمح بتربية طفل يحسب على هذه الأرض..و في الـ... قاطعه أبو صالح مشدوها: -ماذا؟! تريد سلب فلذة كبدي مني؟! -ارفق بيتيمك يا أبا صالح.. -أنت من أيتمه يا جوهر... -..كفى هراءا..دع هذا الصغير يعش حياة أفضل من حياة أخيه الصعلوك...انظر إلى صالح ..انظر إلى تمرده ولا تنكر.. أن حالكم الوضيع هو السبب.. -حالنا ليس وضيعا ولن أعطيك ولدي.. -انتبه لما تقول ولمن تخاطب! -واحد من شياطين الليل..خال أن الظلام سيمحي آثار جريمته.. -صه..احفظ لسانك يا هذا وإلا... -وإلا ماذا؟ ماذا ستفعلون بنا أكثر؟ سرقتم أبداننا وأنفاسنا وأحلامنا ..حتى سولت لكم أنفسكم سرقة أبنائنا..لا ..لن يكون لكم ذلك..اخرج من داري -أنت تدرك جيدا خطورة ما تتفوه به.. -أدرك! لم يعد لي عقل لأدرك.. -كفاك سماجة.. -أيها الأرذال..أيها الأرذال..أخرجوا من هنا لا بارك الله فيكم.. اقترب منه جوهر: -أنصت إلي جيدا..الصغير سنأخذه رغما عنك..وستقول للجميع أنه مات..وإلا ..تفقدهما معا وربما أكثر.. استشاط السعير في قلبه: -لعنة الله عليك..أيها الموبوء..أيها الظالم.. وصل الصراخ إلى مخدع رحاب..واعتلى بكاء الطفل ..ضمته إلى صدرها..استعاذت بالله.. "ماذا يجري في هذا الليل؟" فوجئت بأبيها..يدخل مخدعها بعينين ذبيحتين..ويقول لها وهو يرتجف: - أعطني علاء.. -لماذا يا أ.. -أعطنيه... -ماذا ستفعل به يا أبي ..ما الخطب؟! أخذه منها قسرا ارتاعت أخذت تعدو خلفه: "ما الذي يجري ؟ " رأت خيال جوهر في الوصيد..فتسمرت في مكانها خلف الباب.. وجمت ! إن أباها يعطيه علاء.. خرجوا جميعا من الدار..ليدخل الأب إلى جوفها يبكي.. يبكي دون صوت أو دموع عاجلته: -لماذا أعطيتهم علاء؟! -دعيني وشأني.. -لماذا أعطيتهم علاء؟! ماذا يريدون به؟! -اصمتي..قلت اصمتي.. وقعت على الأرض..تمحلق في الفضاء وتهذي بكلمات خنقتها العبرات: -كيف أعطيتهم ولدك؟ كيف فرّطت به؟ أي قلب تملك؟ أنا لا أصدق..لا أصدق..ماذا يريد الأوخاش به ؟ كيف سلمتهم أمانة أمي؟! أجبني يا أبي ..أجبني أرجوك..سأجن إن لم تجبني.. لم ينبس ببنت شفة..لعل هذه التي تراه وهي تجهش بالبكاء ..لا تعلم الحمم النازفة التي أحالته إلى رماد..لقد كسر هذا الكهل .. كسر كسرا..لا يجبر أبدا... |
الكلمات الدلالية (Tags) |
اشراق, رواية إشراق |
pakgestore | pakgestore | pakgestore | pakgestore | pakgestore | pakgestore | pakgestore | pakgestore | pakgestore | pakgestore |
تشليح الرياض | مساحة إعلانيه |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
رواية هيبتا- تحميل رواية هيبتا- جودة عالية idfjh | alfares | مكتبة إشراق العالم - كتب | 0 | 02-19-2017 10:14 PM |
إشراق - الفنانة اليمنية اشراق ، فيديو صور اشراق | مراسل المنتدى | اشراق الفن - فنيات - فن | 1 | 01-02-2017 01:03 PM |
رواية جديدة 2014 ، تحميل رواية إنت جنتي ولو دمرتني txt , doc 2014 | اشراق العالمrss | اشراق شامل - منوعات | 0 | 04-19-2013 04:40 PM |
رواية لاتبكي 2013 , تحميل رواية لاتبكي 2013 , روايات لاتبكي 2013 , رواية لاتبكي كاملة 2013 | اشراق العالمrss | اشراق شامل - منوعات | 0 | 04-03-2013 03:21 PM |
ثيم اشراق العالم - ثيم الماسنجر - ثيم ماسن اشراق | أغزيل | اشراق التصميم - الإهداءات | 9 | 02-18-2012 02:15 PM |
روابط نصية AAWA | ||||
yalla live | يلا لايف | سوريا لايف | يلا شوت | yalla live |
شراء روابط نصية | |
راسلنا الآن لشراء روابط نصية باك لينك وجيست بوست | خدمات الباك لينك والروابط النصية |
روابط نصية AAXA |
عسل النحل |
روابط نصية AA1A | |||||
كورة لايف | koora live | مباريات اليوم بث مباشر | kora 360 | koora4live | كورة لايف |
koora live | مباريات اليوم بث مباشر | kora 360 | koora4live | kooralive | مساحة إعلانيه |
روابط نصية2 M4U | ||||
متجر كي ستور | شدات ببجي اقساط | بطاقات قوقل بلاي | بطاقات ايتونز | اكواد شدات ببجي |
روابط نصية AAZ | ||
متجر الرياض | شدات ببجي | شحن شدات ببجي |
روابط نصية KSM | |||||||
خصومات | مساحة إعلانيه |
روابط نصية AN | ||||
يلا شوت | يلا شوت | يلا لايف | yalla shoot | يلا شوت |
روابط نصية M11 | |||||||
كورة جول | يلا لايف | دوت سبورت | bein match | yalla shoot | yalla shoot | koora live | koora live |
يلا شوت | koora4live | سوريا لايف | تابع لايف | كورة لايف | كورة جول | كورة لايف | koora live |
روابط نصية AWA | ||||
كورة لايف | Koora live | يلا شوت | Yalla shoot | يلا شوت |
روابط نصية AA3A | ||||
تقييم شركة exness | تقييم شركة binance | تقييم شركة avatrade | تقييم شركة evest | افضل شركات التداول |
روابط نصية S22 | ||||
تشليح السيارات بالرياض | شراء سيارات تشليح بالرياض | تشليح | تشليح الحاير | تشليح السلى |
موقع شراء سيارات تشليح | شراء سيارات تشليح | تشليح السيارات | قطع غيار تشليح | تشاليح |
روابط نصية AA25 | ||
عبادي الخليج | شدات ببجي | شدات ببجي تمارا |
روابط نصية AA44 | |||||
كيفية شراء سهم امازون | كيفية شراء سهم ارامكو | كيفية شراء سهم لوسيد | كيفية الاستثمار في الذهب | تقييم شركة evest | تعلم تداول الاسهم |
روابط نصية AA45 | ||||
koora live | koora live | يلا شوت | yalla shoot | koora live |
روابط نصية AA46 | |||||
زيادة متابعين تيك توك | زيادة لايكات تيك توك | زيادة متابعين انستقرام | زيادة مشاهدات تيك توك | زيادة متابعين تويتر | زيادة متابعين |
روابط نصية AA47 | ||||
سطحة شمال الرياض | سطحة بين المدن | سطحه شرق الرياض | شحن السيارات | سطحة هيدروليك |
سطحة هيدروليك | نقل السيارات بين المدن | ارخص شركة شحن بين المدن | شركة شحن سيارات | شراء سيارات تشليح |
روابط نصية AA51 | |||||
kooora live | كورة لايف | yalla shoot | يلا شوت | koora live | kooora live |
كورة لايف | koora live | kooora live | yalla live | يلا لايف | koora live |
روابط نصية AA59 | |||||
ضوء التعليم | دروس الرياضيات | المعاني | قدرات وتحصيلي | ملخصات | مساحة إعلانيه |