أحد القراء الكرام استوقفني قبل أيام وبدأ يناقشني ليس في مواضيع الزاوية بل في رسائل الجوال الخاصة بي .. وفي لحظة معينة غمز بعينيه وقال : "لكن أعذرني يا أستاذ فهد لم أصدق الرسالة الخاصة بالصرصور" .. غمزت بدوري وقلت "أي صرصور؟" قال "الصرصور الذي عاش لمدة أسبوعين دون رأس" .. ضحكت وقلت "عفواً الرسالة كانت تتحدث عن كافة الصراصير وكيف يمكنها العيش دون رأس طوال هذه الفترة" .. فغمز بعينه لثالث مرة وقال "المصدر يا استاذ فهد ، ماهو مصدر هذه المعلومة؟" .. وهنا شعرت بالحرج لأن معرفتي بهذه المعلومة تشبه معرفتنا بأن (الصين أكبر دولة في العالم) دون أن نتذكر أين أو متى سمعنا هذا لأول مرة .. وللتخلص منه وعدته بالتأكد من المعلومة وإرسال (آخر المستجدات) إلى جواله الخاص ؛ فغمز بعينه مجددنا وقال : "اتفقنا" ...

غير أنني تجاهلت الموضوع تماماً حتى بدأ يبعث لي رسائل استفزازية تتضمن سؤالاً واحداً لا يتغير : "إيش صار برأس الصرصور يا استاذ فهد؟" وفي نهايتها عين تغمز... وبعد خمس أو ست رسائل من هذا النوع بدأت أنظر للجانب الطريف في الموضوع فأجبته : "حسنا ؛ ستقرأ ردي في الجريدة" ...
وهذه المرة بدأت أبحث جدياً عن صحة هذه المعلومة فاكتشفت حقائق مدهشة وأكثر من عجيبة عن هذا المخلوق الحقير (... أعني الصرصور طبعاً) ..
فبخصوص قدرته على العيش بلا رأس اتضح أن المعلومة المرسلة للمشتركين صحيحة 100% .. فالصراصير لا تتنفس من رأسها بل من ثقوب دقيقة تنتشر على كامل جسدها تدعى Spiracles (تشبه فوهة التنفس على ظهر الحوت ولكنها أكثر عددا) .. كما أنها من المخلوقات التي لا تملك دماغاً في رأسها بل جهازاً عصبياً متكاملاً ينتشر في كل جسدها .. أضف لهذا أن قطع رأس الصرصور لا يجعل دمه (الأبيض) يتدفق خارجاً كونه لا يملك ضغطاً مركزيا يقذفه بعيدا ...
كل هذا يجعلها لا تخسر الكثير حين تخسر رأسها كونه مجرد (فك) لتناول الطعام ومجرد (هيكل) يحمل عناصر الرؤية والاستشعار !!
غير أن الصراصير تحتاج في النهاية لرأس تأكل من خلاله وتشرب.. ولأنها لا تستطيع العيش أكثر من أسبوعين بلا ماء تموت من العطش بعد هذه الفترة (ولولا الماء لعاشت ثلاثة أشهر إضافية دون غذاء)!
... هذا باختصار ردي على المشترك " إياه " وتشكيكه في صحة الرسالة .. غير أن توسعي في هذا الموضوع جعلني أكتشف أيضاً حقائق إضافية مدهشة ، لم أستطع منع نفسي من إخباركم بها :
• فالصراصير مثلاً سبقت الإنسان على كوكب الأرض ب 250 مليون عام !
• وهي لا تستغني عن الطعام لثلاثة أشهر فقط بل يمكنها أكل (كل شيء) من الخبز والجاتوة والكريمة إلى الخشب والطوب والبلاستيك !
• وهي لا تستغني عن الماء لمدة أسبوعين فقط بل ويمكنها حبس أنفاسها لأكثر من 40 دقيقة (وبالتالي مقاومة الغازات المميته والسير تحت الماء) !
• وهي ليست قادرة فقط على تحمل درجة حرارة مرتفعة (حتى 70 مئوية) بل والعيش في بيئات باردة ومتجمدة الأمر الذي يفسر وجودها في كل مكان على كوكب الأرض!
• أضف لهذا لا تتأثر بالإشعاعات النووية القاتلة وبالتالي يمكنها النجاة من أي حرب نووية شاملة!
• كما أن أعدادها الهائلة ووجود 3500 نوع منها يتيح لها النجاة من أي كارثة تسبب فناء بقية الكائنات (فحين انقرضت 90% من مخلوقات الأرض قبل 60 مليون عام بما في ذلك الديناصورات كانت الصراصير قد نجت لخامس مرة من الفناء) !
• وفي حين يمكن للجنس البشري الانقراض خلال العشرة آلاف القادم بسبب وباء شامل، يُرجح بقاء الصراصير ل 250 مليون عاماً أخرى بسبب قدرتها على إنتاج مضادات حيوية خاصة بها !! ... وفي النهاية .. كل الفضل والتقدير لصديقنا عبد العزيز ... "أبو غمزة" !!


الكاتب: فهد الاحمدي
صحيفة الرياض

معلوماات رائعه لأول مره أعرفهااا

مقاال مميز من كاتب رااائع

شكرا أبا الفارس

العفووو اخي الغالي

سبحان الله ..

معلومات جديدة ورائعة..

يعطيك الله العافية الفارس على المقال الرائع..

دمت بود.