يتمتع شخصي المتواضع بقدرة مزعجة على طرح الأسئلة الساذجة .. فلماذا يتوجب علينا مثلا الذهاب الى قائمة "ابدأ" حين نرغب ب"إغلاق" الكمبيوتر!؟ .. ولماذا نغلق أعيننا حين نعطس.. ولماذا نصاب بالأرق حين نصر على النوم؟ .. ولماذا لا يرى الرجال غير اللون الأحمر في حين تقسمه النساء الى وردي وزهري وارجواني وفاتح وغامق؟ .. ولماذا تسير أنهار العالم دائما من الجنوب إلى الشمال وتظل تسير حتى تجد بحرا تصب فيه !
في الحقيقة لا يجب الاستهانة بهذه النوعية من الأسئلة كون تاريخ العلم يثبت أنه كان السؤال تافها كلما كان الجواب عظيما .. فاسحاق نيوتن مثلا لم يكتشف الجاذبية إلا بعد سأل نفسه "لماذا يسقط التفاح على الأرض؟" ، ومونجيلييه لم يخترع المنطاد الساخن إلا بعد أن سأل نفسه "لماذا يرتفع الدخان في الهواء؟" ، وأديسون لم يخترع مسجل الصوت إلا حين سأل نفسه "لماذا تهتز الإبرة كلما تحدثت بقربها؟" ...
وأخشى أنني وبعد أذنكم سأتحدث عن نفسي فوّتُ على نفسي فرصة اكتشاف عظيمة قبل سبع سنوات في سويسرا .. فبعد أن مشيت مع زوجتي مسافة طويلة بين قريتين ناعستين جلسنا على العشب لنيل قسط من الراحة .. ورغم أن الأبقار جزء دائم من المنظر السويسري إلا أنني أخذت أتأملها وكأنني أراها لأول مرة .. وبعد طول تفكر نطقت بجوهرتين لا تقدران بثمن .. فقد التفت الى أم حسام وقلت دون أن ارفع عيني عن الأبقار : أتعلمين أنها لا تكف عن تناول العشب ولا ترفع رأسها عن الأرض مهما يحصل (حتى حين يمر القطار بقربها) وهو ما يدعوني للتساؤل عن مستوى حاسة السمع لديها ...
قالت بصوت منخفض : لاحول ولا قوة إلا بالله ، وماذا أيضا ؟ قلت : لاحظت أيضا أن جميع الأبقار تتجه برؤوسها نحو الشمال فقط وكأنها اتفقت على ذلك قبل حضورها .. وهنا بدا عليها الاهتمام فرفعت رأسها ونظرت للأبقار وقالت بذهول : نعم ، صحيح ، هل هذه مجرد صدفة أم ماذا ؟
... لم أملك حينها الجواب ولم أجد بقربي مزارعا سويسريا يفسر هذا المشهد غير أن عالمة حيوان تدعى سابين بيجال (من جامعة إيسس في انجلترا) حاولت مؤخرا التأكد من هذه الظاهرة بصورة نهائية
.. وبكل بساطة قامت بفتح آلاف الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية من موقع جوجل إيرث (وهي الحركة التي لم تخطر ببالي) واكتشفت أن قطعان الأبقار من بريطانيا إلى تنزانيا ، ومن الهند الى كندا تتجه نحو الشمال ..
وتعامدها بهذا الاتجاة يثبت أنها تملك بوصلة مغناطيسية تمنحها شعورا بمجال الأرض المغناطيسي وبالتالي قد تشعر بالارتياح لمجرد مسايرة تدفقه من الشمال نحو الجنوب (وهذه من عندي) ..
وهذه الفرضية لا يجب أن تثير فينا الدهشة والاستغراب كون مخلوقات كثيرة كالحمام والأسماك والطيور المهاجرة (بل وحتى سكان البادية) يملكون بوصلة داخلية تمنحهم شعورا خفيا بالاتجاهات المغناطيسية .. بل أصبح في حكم المؤكد أن قدرة الحيوانات على التنبؤ بالزلازل قبل وقوعها يعود الى امتلاكها احساسا مرهفا بالتغيرات المغناطيسية للأرض (التي تضطرب حين تتحرك صفائحها العميقة قبل دقائق من وصول الكارثة للسطح) !!
... على أي حال ..
مايهمني شخصيا هو استعادة ثقتي بنفسي وتأكدي من أن الأسئلة الطفولية الساذجة تنتهي دائما بأجوبة عظيمة واكتشافات خطيرة ..
وبما أن مسألة الأبقار (فاتت علينا) أرجو مساعدتكم في الإجابة عن السؤال التالي :
لماذا تفتح المرأة فمها حين تضع الكحلة في عينها ؟!

الكاتب: فهد الاحمدي

ههههههه الحمدلله انا مو من ذا النوع..

الفارس يعطيك العافية على المقال الرائع..
دمت بود.