مسجد الشافعي مقاوم للزلازل.. ونقوشه تأثرت بالعمارة الهندية

عبدالله البرقاوي- سبق- الرياض: على الرغم من إنشاء المسجد قبل 1400 سنة تقريبًا إلا أن المعماريين والمهندسين في تلك الفترة صمموه بطريقة تجعله قادرًا على مقاومة الانزلاقات والاهتزازات والزلازل، فأعمدة وجدران مسجد الشافعي الذي افتتح قبل أيام صممت بطريقة مقاومة للزلازل.

هذا ما قاله البروفيسور الدكتور صالح لمعي، الذي أشرف على مراحل ترميم جامع الشافعي مع عددٍ من المختصين والخبراء، مضيفًا أن عمليات الترميم كانت معقدة للغاية من حيث المحافظة على الأساسات وتقوية الحوائط.

وأضاف: "ترميم هذا المسجد يعني عالمية للدين واستمرارًا للحضارة والعمران بتاريخها المجيد، وهي مكرمة من الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله ودليل على اهتمام هذه الدولة الإسلامية بالمحافظة على بيوت الله والعناية بها، معربًا عن شكره للأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس مؤسسة التراث الخيرية ورئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، الذي يملك الرؤية والإيمان أولاً ثم الصبر والعشق للعمل وتحقيق الأحلام.

وأوضح: فهو يشعر بالهم الثقافي الكبير ويسعى إلى تحقيق هدف يراه بعضهم مجرد حلم، فللأمير سلطان بن سلمان فضل المحافظة على التراث الوطني السعودي وله فضل إبراز هذا التراث للعالم من خلال معرض روائع آثار المملكة المتنقل الذي جاب كل الولايات الأمريكية.

وروى الدكتور "لمعي" كيف تمت عمليات الترميم حيث مرت بمراحل من التعقيد حيث كانت هناك مطالب بهدم المسجد ثم إعادة البناء مرة أخرى ولكن فريق العمل طبق أحدث الأساليب العلمية لتعديل الحوائط وربطها بكيابل وقد تم هذا التحدي على أكمل وجه.

وتطرق الدكتور "لمعي" الذي يرأس مركز إحياء التراث الإسلامي العديد من المصاعب والمعاناة التي واجهتهم والتي كان آخرها اكتشاف وجود مادة الرصاص في قاعدة الأعمدة، بالإضافة إلى وجود أساسات بأعماق أكبر نتيجة الردم الأعوام الماضية بهدف الترميم، بالإضافة إلى وجود حركة في الرواق الداخلي بأكثر من 35 سم إلى 70 سم، فضلاً عن المحاولات السابقة للترميم باستخدام الأسمنت والتي أفسدت كثيرًا من قيمة وجمالية المسجد وتطلب المشروع مزيدًا من الجهود والدراسات.

وزاد: "وجدنا معالم مهمة لم تظهر في مساجد كثيرة حيث كانت القواعد مقاومة للزلازل، كما أن الجدران صممت لتكون مقاومة لحركة الأرض ومتجاوبة معها وهذا الأسلوب لم يكن مطبقًا في ذلك الزمن إلا في العمارة الرومانية حيث تم وضع الأخشاب تحت القواعد وذلك لامتصاص أي عمليات انزلاق أو انهيار للمسجد في حال حدوث الزلازل".

وقال: "تبين لنا مهارة الصانع من حيث نوعية البناء والمشاكل الطبيعية، كما أن المأذنة تعد من النماذج القليلة في المملكة وهي أقدم من تاريخ بناء المسجد، وقد ظهر على المسجد آثار العمارة الهندية حيث تشير الدراسات إلى أن أحد أثرياء الهند والذي كان يسكن في جنوب إيران حضر للحج وأمر بترميم المسجد في عهد السلطان سليمان حيث تأثرت عمارة المسجد ونقوشه بالعمارة الهندية".

وخلص "لمعي" إلى القول إن جميع الآثار والعملات والنقوش التي عُثر عليها في موقع المسجد أثناء عمليات الحفر والتي شارك فيها أكثر من 100 عامل ومهندس ومختص على مدى عام ونصف العام تقريبًا تم تسليمها لهيئة السياحة والآثار وفق محاضر رسمية حيث تم العثور على عملات، خزفيات، نقوش تعكس تاريخ المسجد والحضارة التي مرت عليه.


أكثر...