لايمكن أن يعيش الإنسان مهما بلغ به العمر ومهما بلغ من علم وأدب ; بدون أن يخطئ، 
ولا يستطيع الاعتصام عن الوقوع في الخطأ ، ولايمكن أن يتعلم بدون أن يجهل...
افتراضيات الكمال لا توجد في البشرية ، ودائما تكون ناقصة ,
لأن الله تعالى اختار الكمال لنفسه جل شأنه، لذلك لا يؤاخذ الله عباده بأخطائهم وقدّم رحمته لمن يشاء ..
الخطأ سمة بشرية ولا ضير في ذلك ؛ ولكن الذي لا ينبغي أن يكون  
هو الاستمرار والإصرار على الخطأ ، وعدم الانصراف عنه بسبب نزغة كبر ، 
وعنجهية غرور . 
رسول الأمة وسيدها ونبيها محمد صلى الله عليه وسلم وقصته مع الأعمى ، 
( المذكورة في سورة عبس ) ... تؤكد لنا إمكانية حصول الخطأ في حق البشر 
وأنهم يخطئون لزاما مهما بلغوا من مراتب حتى وهم أنبياء ورسل . 
وقصته صلى الله عليه وسلم عندما مرّ برجالٍ يُؤبّرون النخل ( أي يلقّحونه ) ، 
فقال لهم : لاتفعلوا ، فتركوها فنقصت وقلّ خراجها فأتوا إليه فقال : 
" إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوه ، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر" . 
آدم عليه السلام وأكله من الشجرة التي نُهي عنها وزوجه ، امتحانا واختبارا لهما ،
 فأنزله الله تعالى من الجنة إلى الأرض.
يونس عليه السلام عندما خرج غاضبا من قومه ، وارتكب خطأ الابتعاد عنهم بعد أن عجز في دعوتهم ، فابتلعه الحوت . 
عمر بن الخطاب عندما صعد المنبر ، وحدد صداق المرأة بأربع مئة درهم ، 
اعترضته امرأة فذكرته بقول الله تعالى : " وآتيتم إخداهن قنطارا .. الآية " ،
 فقال : اللهم غفرا ، كل الناس أفقه من عمر .. 
فصعد المنبر وقال : من شاء أن يعطي من ماله ما أحب ( أصابت امرأة وأخطأ عمر ) . 
ومن مراتب الخطأ ؛ الخطأ بسبب الغضب ، فكل إنسان غاضب لا بد أن يخطئ إن لم يملك نفسه ويستعذ بالله من نزغ الشيطان ،
 نُهينا عن الغضب والانفعال ، لأن إناء الغضب بالمصائب والندم ينضح ، 
وقد قيل : من يغضب كمن يتناول سمًا وينتظر أن يموت الآخرون! 
ومن مراتبه أيضا ؛ الخطأ بسبب الفرح ، فشدة الفرح توقع في الخطأ ،
 والقصة المشهورة : ( اللهم أنت عبدي وأنا ربك) ، شاهد على ذلك. 
وأيضا ؛ الخطأ بسبب الشهوة ، والخطأ بسبب الغفلة ، والخطأ بسبب المزاح ... 
حياتنا مليئة بالأخطاء، وكل خطأ يعتبر طريقًا للصواب ، وحجرا يعلو على حجر ، 
فلا تجفل من أخطائك ولا تعتبرها عيبًا  وأيضا لاتتعمدها ودعها على سجيتها ، أمض واتركها خلفك، وتعلّم منها وصححها . 
في النهاية : الحياة ليست لذيذة بلا أخطاء ، كالماء تماما ليس له لذة بلا عطش .